للأسف هذا الثنائي(العوني القواتي) لا يجمع بين طرفيه أي مبدأ أو ثابتة أو حتى توجه سياسي محلي أو إقليمي وهو تجمع رأى النور على خلفية “المصائب تجمع”. هما في محورين نقيضين على كافة المستويات، وبالتالي هو تحالف آني وهجين وغير واقعي ولا علاقة للمصالحة المسيحية به لا من قريب ولا من بعيد وعلى الأكيد الأكيد عندما تدور الدائرة ويتباعد عون وجعجع وهذا أمر متوقع في أي لحظة ستعود المشاكسات الإعلامية ويعود معها دور “الروابيق” المعطلة حالياً أدوارهم “والمقطوعة أرزاقهم”. واقعياً إن الثنائي لا يمثل في أحسن الأحوال أكثر من 10 إلى 15 % من المسيحيين في الانتخابات البلدية تحديداً وكل الأرقام الأخرى المتورمة والمنفوخة تشبه مواويل الزجل وهي على شاكلة الأغنية الفولكلورية الأخيرة التي تمجد وتقدس أصحاب شركتي الثنائي.
“الثنائي المسيحي” يسحب الحديث عن الـ 86% المتن وكسروان وجبيل أرض مواجهة صعبة ايلي الحاج/النهار/6 نيسان2016
يحتاج التحالف الثنائي المسيحي إلى استدارة من تمثال السيدة العذراء في حريصا نحو معراب حيث أُعلن هذا التحالف في 18 كانون الثاني الماضي، على ما أشاع أنصار “الحلف الثلاثي” الذي ضم أحزاب الكتائب والوطنيين الأحرار والكتلة الوطنية لإنزال هزيمة بالشهابيين في انتخابات 1968 النيابية، بتعبير آخر يلزم ثنائي “القوات – “التيارالعوني”، معجزة ما في الإنتخابات البلدية والإختيارية لإثبات أنه قوة كاسحة في البيئة المسيحية للعودة إلى مقولة إنه يمثل 86 في المئة منها. في الواقع يستقتل للفوز بالنصف زائد واحد.
تنبه التحالف الثنائي الساعي إلى إظهار قوته الشعبية لحقيقة أن البلديات والمختريات لن تماشيه على الأرجح خصوصاً أن حساباتها مختلفة، يتداخل فيها الإعتبار العائلي بالمحلي بالحزبي وبالشخصي، فسارع طرفاه إلى سحب كلام مصادرهما السابق على طوفان أصوات سيغرقان به الخصوم، إلى حديث هادىء عن إعطاء الأولوية للتوافق، والتعامل مع رؤساء بلديات سينجحون بالتحالف معهما أو من دونهما في مدنهم وبلداتهم وقراهم من منطلق التلويح بإغراءات، مثل رئاسة اتحاد بلدي أو حقيبة وزارية، أو مقعد نيابي في أول انتخابات إذا قبلوا باعتبار أنفسهم تحت خيمة التحالف، على نحو ما حصل في زحلة عندما صحا أهاليها بعد انتخابات 2009 على خبر ان نوابها انضموا بغالبيتهم إلى كتلة “القوات” ولم يخوضوا الانتخابات على هذا الأساس.
لكن المعركة لا تقاس ببلدية هنا أو مخترة هناك، أرضها الفعلية ستكون أقضية جبل لبنان الشمالي الثلاثة، المتن الشمالي وكسروان وجبيل، بقعة تضم نحو 700 ألف وحدة سكنية لمسيحيين في غالبيتهم العظمى، أي أكبر تجمع لمسيحيي لبنان، يمكن اعتبارها تالياً معبّرة عن عصبهم الأساس وتوجهاتهم السياسية والوطنية، وفيها ثلاثة اتحادات بلدية تبلغ موازنتها السنوية مجتمعة قرابة الـ40 مليون دولار. الإمساك بها يعني عملية وضع يد حقيقية وبطريقة ديموقراطية سلمية على قلب مناطق المسيحيين تمهيداً للإمساك بتمثيلها نيابياً ورئاسياً وعند كل استحقاق وقضية. الفوز بها يعطي التحالف إذا تحقق وهجاً ويحدث عصفاً سياسياً كبيراً لمصلحته. وطبعاً تختلف الصورة عند النزول من التمنيات إلى الناس. لعلّ قضاء المتن سيشهد المواجهات الإنتخابية الأكبر، فهو يضم 35 بلدية ولحزبي “التحالف” حضور قوي فيه لكن ترجمته في الانتخابات البلدية أمر آخر لأن في الضفة المواجهة قوى حزبية منظمة وحاضرة تاريخية، مثل حزب الكتائب الذي انتزع بقيادة رئيسه سامي الجميّل صفة “المبدئية” عن “التحالف” بإصراره على “انتخاب رئيس الجمهورية” أولاً وعدم التورط والمساومة بتأييد مرشح من قوى 8 آذار أياً يكن. في الضفة نفسها قوى عائلية وخدماتية تقليدية بامتياز، تتمثل في النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء ميشال المرّ. وهناك الطاشناق الذين تختلف حساباتهم في البلديات عن “الثنائي”. يفلش الكتائبيون خريطة المتن أمامهم ويفتشون عن مكان يمكن أن يفوز به منافسوهم ولا يجدوا. لا ينفي ذلك أن القضاء مرشح لمعركة انتخابية كبيرة.
يحرص “تحالف القوات – عون” على عدم الظهور إلغائياً في كسروان وجبيل فلا يتهوّر بتشكيل لوائح صافية من الانصار بل يسعى إلى التماهي مع التركيبات المحلية الأهلية العائلية. الموقعة الأهم في كسروان مرشحة لها “العاصمة جونية”، والحاصل أن رئيس “رابطة الإنتشار الماروني” نعمت فرام هو خارج “الثنائي” هو والنائب السابق فريد هيكل الخازن، بينما يتجه للتحالف مع النائب السابق منصور البون، مرشحين رئيس البلدية السابق جوان حبيش.
أما في جبيل فيحسم رئيس بلدية مركز القضاء زياد الحواط الموقف من دون حاجة إلى تمثيل حزبي إذا شاء الإكتفاء بتمثيل حزبيين ولكن بصفتهم الشخصية، ويتردد أن المعروض عليه الإنتساب إلى التحالف “للتعاون في مستويات أعلى مستقبلاً”. في قرطبا يتحقق توافق يشارك فيه الجميع بجهد خاص لابن البلدة النائب السابق فارس سعيد على أن يسمي هو رئيس البلدية. والعاقورة أيضاً يسعى أبناؤها إلى تسوية خلافات مزمنة بينهم تمهيداً لاتفاق بلدي يبدو ممكناً. في كل جبيل المهم من يربح رئاسة الإتحاد المشكل من 13 بلدية من ضمنها لاسا. لكن لاسا قد تكون حساباتها مختلفة هذه المرة، ومعركة الاتحاد بلغة سبق الأحصنة تبدو “عالمنخار”.