«حزب الله».. مرور الكرام على مجازر النظام
علي الحسيني/المستقبل/28 نيسان/16
من بين الصراخ الاسبوعي الذي يُسمع من حارة حريك في الضاحية الجنوبية أثناء إجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» والذي يتضمن إتهامات وافتراءات أقل ما يُقال فيها أنها تهدف الى إثارة النعرات والتحريض المذهبي، يُخفي «حزب الله» أزماته التي تلاحقه في سوريا بعدما أصبح عاجزا تماماً عن تحقيق أي من الأهداف التي وعد بها نفسه وجمهوره والتي لأجلها دفع حتى اليوم ما لا يقل عن الفي عنصر تؤكد الوثائق أن ثلثهم صُنّف ضمن فئة القاصرين، وأكثر من ثلاثة الاف جريح قسم كبير منهم تُعتبر اصاباتهم حرجة وبعضهم يخضع لعلاجات نفسية في أكثر من مستشفى منها «الرسول الاعظم» الذي صُنّف بأنه يستقبل الحالات المستعصية.
لا تكل كتلة «الوفاء للمقاومة» ولا تمل من لعب دور الضحية ولا حتّى من استعادة نغمة الاستعداء والتخوين بحق «أعدائها» وذلك في كل مرّة يشتد الخناق حول رقبتها حتى أصبحت لعبتها هذه مكشوفة أمام الرأي العام وأمام جمهورها الذي ما عادت تُلهيه لا فبركات اعلام «حزب الله» ولا إدعاءات قادته بالنصر عن الحقائق المُرعبة التي تصله تباعاً من أرض لطالما تم الادعاء أنها طُوّعت لعناصره. من باب الإنحراف هذا والإنكسار والتنكّر للحقائق الثابتة والدامغة بأدلة موثقّة بالصوت والصورة، عبثا تحاول كتلة الحزب اللعب على الغرائز المذهبية مرّة بإدعائها محاربة الفساد، ومرّة بتوجيه اصابع الإتهام إلى دول جارة لها في كل بيت لبناني بصمة وفاء وفعل خير.
«الادارة الأميركية»، «الكيان الصهيوني» والنظام السعودي» والذي انضم اليهم «الفساد» في الفترة الاخيرة. هذه هي عناوين «حزب الله» التي يُحاول ان يتسلّل منها الى عقول الناس وان يزرع الشك فيها، لكن السؤال هنا يُمكن ان ينقسم هو ايضاً الى عدد العناوين التي يُتاجر بها الحزب بعدما خسرت تجارته في سوريا. أليست إيران التي تُعتبر و»لي» نعمته هي التي رافقت وصادقت «الشيطان الاكبر» وأجرت معه مفاوضات في الخفاء والعلن بهدف الوصول الى الإتفاق النووي الذي هلّل له «حزب الله» واعتبره انتصارا لخط «المقاومة» ووصفه بأهم إنجازات العصر؟. اليس «الكيان الصهيوني» هو نفسه الذي رسم مع الروسي خط سير سلاحه وسلاح النظام السوري على داخل الأراضي السورية بعدما تعهّد بعدم النيل من مواكب نقل الأسلحة؟. اليوم يُحاول الحزب ان يُعمي أبصار الأقربين والأبعدين بفبركات واتهامات تطال المملكة العربية السعودية التي عطّلت المشروع أو المد الفارسي في كل من سوريا واليمن، فكان الإنكسار في «ادلب» و»حماة» و»حلب» و»باب المندب».
أما فيما خص الفساد، فإن كتلة «الوفاء للمقاومة» تعلم جيّداً أن لـ»حزب الله» حكاية طويلة مع هذا الملف لا يبدأ من السكوت على نهب اموال الناس على يد أشخاص تظلّلوا بعباءته وأُنعم عليهم بحماية أمنيّة منه، ولا تنتهي بتشكيل مظلّة أمنية لتجار الموت وعصابات السرقة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر واللعب بأرواح الناس من خلال تزوير الأدوية. ويبدو أن الفساد بالنسبة الى الحزب تحوّل هذه الفترة إلى مطية على غرار القضية الفلسطينية التي ما زال يُتاجر بها منذ تأسيسه وهو الذي عمل على الدوام بإلحاقها بالمشروع الايراني نفسه، لكن دون أن تُفلح جميع محاولاته، وهو ايضاً الذي عاد وانقلب على مقاومتها بعد تأييدها ثورة الشعب السوري ضد الطاغية بشار الأسد.
آخر عناوين «حزب الله» التي ما زال يخوض من خلالها معاركه في الداخل والخارج، هي «المقاومة» التي على حجّتها ما زال يحتفظ بسلاحه على الجبهات القتالية وفي المستودعات وعلى الطرق. وهذه «المقاومة التي وصفتها «الكتلة» بالأمس أنها «عز وفخر ومجد دائم للبنان وللعرب ولكل المسلمين والاحرار في العالم»، لم تُحرّك ساكناً إزاء قتل النظام السوري للاطفال والنساء والعجّز ولم تُصدر ولو كلمات مُجتزأة تُعبر عن المجازر اليومية التي يرتكبها الاسد بحق مدينة حلب وأهلها منذ اسبوع والتي كان آخرها في «باب النيرب» أمس حيث سقط أكثر من عشرين شهيداً جميعهم من المدنيين بعد غارة نفذها الطيران الأسدي. واكدت الاحصاءات أن عدد الشهداء الذين سقطوا خلال الاسبوع الاخير في حلب بلغ مئة واربعين شهيداً، ومع هذا فقد مرّت هذه المجزرة مرور الكرام خلال اجتماع كتلة «الوفاء للمقاومة» أمس.