بريتال: حزب الله خاسر من قبل ومن بعد
عماد قميحة/ لبنان الجديد/07 أيار/16
خطوة ذكية هي أقرب ما تكون إلى “ضربة معلم” كان قرار انسحاب حركة أمل من معركة انتخابات البلدية في مدينة بريتال بعد أن أيقنت الحركة أن مجريات الأمور لا تعدو أكثر من تصفية حسابات شخصية وإثبات نفوذ داخل المدينة بين الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي والأمين العام الحالي السيد حسن نصرالله ولا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالشأن الإنمائي أو الإنتخابات البلدية للبلدة.
فحزب الله قرر الدخول بكل ما أوتى من قوة بالمعركة الإنتخابية بعد أن كانت المدينة تنأى بنفسها عن الإشكال العميق بين الرجلين منذ أحداث عين بورضاي المؤلمة في شباط 1998 والتي راح ضحيتها الشهيد المظلوم الشيخ خضر طليس يومذاك استمرت بلدة بريتال بفضل حكمة رئيس بلديتها السيد عباس زكي المقرب من الشيخ الطفيلي ومجلس بلديتها بعيدة عن الخلافات والمشاكل بين الطرفين بالرغم من كثرة المضايقات والتحرشات التي كانت تحصل داخل البلدة وما يلصق بها من أفعال خارجة عن القانون صبغت بريتال بصبغة هي بعيدة كل البعد عن شهامة أهلها وتاريخهم المشرف بسبب أشخاص محميين من الحزب ولا ينالون حماية البريتاليين أو موافقتهم، بل كان الأهالي يعانون منهم ومن تصرفاتهم أكثر من أي أحد آخر حتى أن الأهالي كانوا لا يتورعون عن التبري منهم باعتبار أنهم يشكلون بأفعالهم المشينة من سرقة سيارات واتجار بالممنوعات فقط من أجل تشويه صورة بريتال وعن سابق تصور وتصميم من قبل من يحميهم.
إلا أن رئيس البلدية السيد عباس زكي اسماعيل الذي ينال تأييدا كبيرا داخل البلدة ويحظى باحترام واسع كان يصرّ على التواصل الدائم مع كل نواب المنطقة لما يخدم مصلحة البلدة ويؤمن ما تحتاج إليه من خدمات إنمائية متناسياً في سبيل ذلك كل الإختلافات الموجودة. السؤال البديهي الآن هو لماذا قرر حزب الله الدخول في هذه المعمعة ونكأ الجرح القديم وما يمكن أن يخلفه خوض المعركة الانتخابية من آثار سلبية على بريتال والجوار بغض النظر عن النتائج التي سوف تفرزها الصناديق؟
يقول عارفون بأن الخلفية الحقيقية هي المواقف المتقدمة التي خرج بها الشيخ الطفيلي بالآونة الأخيرة بالخصوص فيما يتعلق بالأزمة السورية ودخول الحزب بالحرب إلى جانب بشار الأسد وبالأخص تصريحه الأخير الذي توجه به إلى حزب الله بالقول أنهم سيتحولون إلى لعنة على لسان الأجيال القادمة بسبب هذا التدخل غير الشريعي برأي الطفيلي.
إن دخول حزب الله بشكل واضح هذه المرة على خط الإستحقاق البلدي في بريتال ونكأه للجراحات القديمة داخل البلدة إنما يدلل عن ضيق صدر وعن قلة حكمة في لحظة هو بأمسّ الحاجة إلى إعادة قراءة في مواقفه التي لم تجلب للشيعة بشكل عام ولأبناء المنطقة في بعلبك الهرمل وبريتال من ضمنها إلا المزيد من العداواة والإنشقاقات المذهبية، نراه بكل أسف يصب جام غضبه على منتقديه ومن لا يوافقه الرأي.
فإذا كانت بريتال وبلديتها الخارجة عن قبضة حزب الله المباشرة تشكل متنفساً وهامشً من الحرية لأهلها وللقيمين عليها، فإن توجه الحزب الجديد بإخضاعها وإخضاع بلديتها إذا استطاع إلى ذلك سبيلا سيشكل في القادم من الأيام تحولاً كبيراً لا يخدم ولن يخدم البلدة وأهلها ولا المنطقة المحيطة بها بعد ازدياد حالة التوتر والإنشقاق التي تحكم طبيعة الإنتماءات العائلية فيها، حسنا فعلت حركة أمل بانسحابها، وبئس الخيار الشخصي الذي أقدم عليه حزب الله والذي لا يبشرنا إلا بأيام سوداء قادمة على هذه البلدة بغض النظر عن نتائج الإنتخابات وما في صناديقها لأن المحصلة الأكيدة هي أن حزب الله سيكون الخاسر الأكبر من قبل ومن بعد وإن غداً لناظره قريب.