صفعة لـ “حزب الله” في عقر داره… تسونامي يواجه الترهيب والمال النظيف
خالد موسى/موقع 14 آذار/13 أيار/16
لم ينجح التجييش الطائفي والمذهبي والتكليف الشرعي و”المال النظيف” يميناً ويساراً في الإنتخابات البلدية والإختيارية في منطقة بعلبك – الهرمل، في تحقيق ما كان يصبو اليه “حزب الله” من فوز للوائحه التي شكلها تحت عنوان “التنمية والوفاء” في أغلبية قرى بعلبك التي أشرف عليها وتبناها وصرف عليها أمواله “النظيفة”. ولم ينفع أيضاً الإتيان بالمجنسيين من خارج الأراضي اللبنانية لتأمين الفوز للوائحه، في محاولة لتحقيق أي إنجاز نوعي ممكن أن يفاخر به أمام جمهوره الذي بدأ يشهد تململاً في أوساطه أي في “عقر داره” نتيجة ما يقوم به الحزب في سوريا والتضحية بشباب في ربيع عمرهم على مذبح نظام حليفه المجرم بشار الأسد.
قبل ليلة واحدة من الإنتخابات البلدية في بعلبك، توجه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الى تلك المنطقة الغائبة عن قاموس الحزب الإنمائي والإجتماعي باستثناء العسكري، من أجل إدارة الماكينة الإنتخابية هناك وتوجيهها. ومع صدور النتائج في نهاية اليوم الإنتخابي رويداً رويداً، كان من المقرر أن يعقد قاسم مؤتمراً صحافياً لهذه الغاية في تلك الليلة، إلا أن النتائج أتت بعكس ما كان يشتهيه قاسم الذي عمد الى تأجيل المؤتمر الى صباح اليوم التالي.
في ذلك النهار صباحاً، أطل قاسم بوجه شاحب وملامح لا تفسّر، بدت ملامح الإنزعاج عليه واضحة، ليُعلن فوزا منقوصاً غير مُكتمل وليُقر بـالصفعة الأولى التي تلقاها في مدينة الهرمل تمثلت بسقوط أحد أهم رجاله مصطفى طه رئيس إتحاد بلديات الهرمل. أمّا الصفعة الثانية فقد شكلت المفاجأة للحزب وقاسم، تمثلت بكلمة “لا” قالتها أكثر من 46 في المئة من أصوات أهل مدينة بعلبك واستقرّت داخل صناديق تابعة للائحة العائلات “لائحة بعلبك بالقلب” التي تزعمها رئيس البلدية السابق غالب ياغي. كما تلقى ضربة قاسية في يونين في بعلبك مع فوز المرشح علي عبدالله قصاص ضد مرشح “حزب الله” للمخترة، ناهيك عن قرى أخرى كما شمسطار وبريتال وغيرها.
تحالف حزبي كبير ضد الأهالي
مصادر في مدينة بعلك، كشفت لموقع “14 آذار” أنها من “المرّات القليلة جداً التي سعى فيها “حزب الله” الى التحالف مع هذا الكم من الاحزاب والتيارات والشخصيات لضمان فوز لوائحه حيث تجسد تحالفه هذا مع كل من حركة “أمل” والتيار “الوطني الحر” والحزب “الشيوعي اللبناني” و”جمعية المشاريع الخيرية” و”حزب البعث” وشخصيات محسوبة وقريبة من الحزب وقوى 8 آذار”.
فوز منقوص وفساد
في هذا السياق، لفت رئيس التيار “الشيعي الحر” إبن بلدة شمسطار الشيخ محمد الحاج حسن، في حديث لموقع “14 آذار” الى أن “في بلدة شمسطار خسر المختار الذي كان يرشحه حزب الله والذي قدم له ترشيحه وزير الصناعة حسين الحاج حسن بعد ما انتهت مدة الترشيحات، أما اللائحة التي كانت مدعومة من حزب الله وحركة أمل في البلدة فقد فازت بـ 2300 صوت من أصل 17000 صوت”، سائلاً :”هل هذا فوز يفرحون به، هل يعتبرون أنفسهم في بعلبك رابحين في وقت قال لهم 46% من أهالي بعلبك لا؟”.
هزيمة في عقر داره
وقال: ” في قرى عدة خسر فيها حزب الله وأطل الشيخ قاسم يبرر ويقول من خرق اللوائح هم من أهل البيت، وطالما أنهم من أهل البيت، لماذا قرر الحزب خوض هذه المعركة ضد أهل بيته ونام قبل ليلة قاسم في مدينة بعلبك”، متوجهاً الى الشيخ قاسم بالقول:” لا يا حبيبي أنت هزمت في عقر الدار وينبغي على حزب الله أن يعيد النظر في تعاطيه مع العائلات”.
مخزية وجرصة
ولفت الى أن “الشارع الشيعي أُتخم بالشعارات الفارغة والتعاطي الفوقي لحزب الله مع العائلات ما جعل العلاقة بينها مهزوزة، وبالتالي سياسة التصنيف والتخوين والتحريض باتت مضرة بمصلحة الحزب وسياسته”، مشدداً على أن “الأرقام التي حصدها حزب الله في البقاع مخزية وجرصة بحقه، والأرقام التي حصل عايها المنافسين دليل وعي وصحوة وتسونامي قد يغير المعادلات، رغم أن المال النظيف كان عم يرش متل الشتي”.
حماية المجتمع الداخلي والعائلات
وسأل:”مال وسلطة وسطوة وتكليف وترهيب وترغيب وحصلوا على هذه النتيجة، أليس المفترض بالحزب أن يتصالح مع نفسه ويقرر أنه ينبغي إعادة النظر بالتعاطي مع أهل البقاع على أنهم أصحاب قرار وأحرار وأصحاب وجود، ألا يكفي أنه يسوقهم إلى الموت والإنتحار تحت مظلات الشعارات الوهمية التي أسست لعداء مستقبلي تاريخي مع الشارع السني العام؟”، معتبراً أن “حماية المقاومة تكون بحماية المجتمع الداخلي والعائلات وتأمين فرص العمل والإزدهار والتقدّم، أما التبعية والولاء الأعمى لم يعد ينفع وعلى حزب الله أن يُسلّم لذلك، وعليه أن يحترم من ينتقده وينصحه لا من يتملّق له ويبصم له من دون وعي ولا فهم، فهناك عائلات وعشائر تؤيد المقاومة وخطها في الصراع مع إسرائيل لكنها لا تقدم أي ولاء على لبنانيتها”.
أقوى من “حزب الله”
من جهته، اعتبر الكاتب والصحافي علي الأمين، في حديث لموقعنا، أن “نسبة الإقتراع في الإنتخابات البلدية في بعلبك الهرمل زادت عن ما كانت عليه في انتخابات عام 2010 بنسبة 10 %، وهذا مؤشر على انه كان هناك تنافس حقيقي، وبالتالي هذا التنافس كان يتم بين لوائح الأحزاب (حزب الله وحركة أمل والقومي والوطني الحر والبعث وغيرها)، في وقت كان فيها المجتمع المحلي يعبر عن حاله في لوائح إعتراضية على لوائح التي شكلها حزب الله وتحالفه”.
وقال: “بالنسبة إلى الشيخ نعيم قاسم كانت المعارك السياسية في بريتال وبعلبك ولكن كانت أوسع بكثير في الحقيقة، وهناك نسبة كبيرة من الأهالي في هاتين المنطقتين قالت لا لتحالف حزب الله وأمل، واستطاعت هذه اللوائح المضادة للتحالف أن تثبت وجودها وحضورها وكادت أن تحقق الفوز، رغم أن المجتمع المحلي وهذه القوى كانت تقاتل باللحم الحي أمام ماكينة أمنية عسكرية مالية، وعلى الرغم من ذلك استطاعت أن تحقق نصر من خلال هذه النسبة العالية التي رأينها، وهذا رقم غير بسيط وله دلالات سياسية مهمة، وهذا يؤكد أن في بعلبك هذه القوى الأهلية هي أقوى من حزب الله، وهذه لها رمزية كون بعلبك هب المكان الذي تأسس فيه حزب الله”.