زياد عبس عن تحركه “الإصلاحي” من بيروت: يدمّرون التيار بنظرية عون بدون العونيين
“النهار”/22 تموز 2016/يفاجأ الداخل الى مكتب القيادي في “التيار الوطني الحر” زياد عبس في الاشرفية قرب كنيسة السيدة الارثوذكسية، بعدد الحاضرين من رجال ونساء وشابات وشباب وحتى مراهقين يضجون في ارجاء المكتب. هم من مؤيدي التيار، كما انهم من مؤيدي مواقف عبس الأخيرة، الذي يؤكد ان اعداد الذين اتصلوا به وبرفاقه مؤيدين، اكثر بكثير من عدد المعارضين، وتالياً فهو يجد في هذا الامر مسوغاً للتأكيد ان ما يقوم به هو الترجمة العملانية لكلام العماد ميشال عون في اكثر من مناسبة على أهمية “الحس النقدي”، ويشدد على ان الخلاف هو على طريقة ادارة الحزب.
يرى عبس ان “التيار العوني” استقطب “فئة واسعة من النخب المسيحية والوطنية الحالمة بالتغيير والتي خرجت من احزابها التقليدية بسبب العشائرية وطريقة ادارة الأمور”. لكنه يلاحظ أن “التيار أصبح يشبه غيره من الاحزاب، على رغم انه يبدو قادراً استناداً الى معطيات معينة على تتويج نضاله بوصول العماد عون الى رئاسة الجمهورية”. والسؤال بالنسبة الى المعارضين هو: “ما العمل كي لا نتحول حزباً يضاف الى الاحزاب الاخرى الموجودة ولا يتحول عون زعيماً كالآخرين؟”. المحاذير والمخاوف لدى عبس كثيرة، منها ان “ممارسات التيار اخذت تختلف عن افكاره، مما يدفع بالنخب وقيادات حزبية كثيرة الى التسرب الى خارجه”. والأدهى برأيه ان “قدرة التيار على التأثير في الفئة الأكبر من الاكثرية الصامتة تنخفض باضطراد نتيجة الاشكالات الكبيرة في ادارة الحزب، والافتراض ان احداً لا يستغنى عنه، وابعاد القادرين على التأثير وحشو المراكز الحزبية بموظفين، الامر الذي سيدمر التيار وكأن هناك من يعمل على تطبيق نظرية “عون من دون العونيين”. يفاخر عبس ورفاقه في بيروت بأنهم كانوا يحاورون ويناقشون في كل المسائل لأنهم ليسوا “قطيع غنم”، انما لديهم مواقف من الامور المطروحة من قطف التفاح الى اللامركزية والزواج المدني و”كل ذلك قبل 2005 حين كان للديموقراطية مساحة واسعة في النقاش الحزبي، الامر الذي لم يعد موجوداً”. وعليه، انفجرت الأزمة في التيار على خلفية الموقف من الانتخابات البلدية الاخيرة في بيروت. ويشرح عبس، انه كان يفترض استناداً الى النظام الداخلي ان تختار القاعدة العونية مرشحيها لتلك الانتخابات قبل 6 اشهر، لكن ذلك لم يحصل.
كما جرى الاتفاق على ان تستمزج هيئات الاقضية القاعدة وتبلغ رئيس الحزب بالنتائج، وهذا ما جرى في كل الاقضية عدا بيروت حيث فرض الوزير السابق نقولا الصحناوي على المحازبين، ونيطت به ادارة ملف العاصمة بدون استشارة هيئة القضاء. ويشرح عبس، أن “الصحناوي ذهب الى المفاوضات بدون ان يقدم تبريراً لأسباب التحالف مع تيار “الإبراء المستحيل”، وبدون ان يكلف نفسه الاتفاق على رؤية مشتركة لمستقبل العمل البلدي في بيروت. فكان خيار القاعدة عند ذلك مقاطعة الاستحقاق والتصويت لـ “بيروت مدينتي”. ويؤكد عبس ان أياً من مسؤولي الحزب لم يتصل به ليطلعه على اجواء الانتخابات في بيروت، وكأن المطلوب الغاء اي دور له، ويرى تالياً ان من حقه الطبيعي ورفاقه الدفاع عن انفسهم، وجاء الرد في صناديق الاقتراع بتأييد “بيروت مدينتي”.
استدعي عبس الى المحكمة الحزبية في “التيار” ولم يعرف التهمة الموجهة اليه، ليتبين له بعد اصراره على قراءة الادعاء انه متهم بتشويه صورة الحزب والإساءة إلى سمعته ومخالفة اوامر القيادة. وعلى رغم محاولته تقديم دفوع شكلية لم يحظ بفرصة للدفاع عن نفسه، وتم استعجال الامور لاستبعاده نهائياً عن الانتخابات التمهيدية التي يجريها “التيار” في 31 تموز المقبل لاختيار مرشحيه الى الانتخابات النيابية، الامر الذي يصفه عبس بـ”الاستنسابية في مفهوم العدالة”، نظراً الى ان المحاكمات اقتصرت على هيئة بيروت من اصل 53 بلدة وقرية سجلت فيها مخالفات للنظام الحزبي. ويقول: “كان يفترض بهذا النظام الداخلي ان يتقدم بنا نحو تنظيم الحزب ورص صفوفه، لا ان يتحول النظام آلية للتسلط على المحازبين وقمعهم(…)”. رست الصورة أخيراً على تعليق عضوية عبس اربعة اشهر، لكن ذلك لم يمنعه من ممارسة نشاطه وإعلان رأيه لأن التحدي بالنسبة اليه هو في الاعلان عن الخطأ ومحاولة اصلاحه، والخشية الكبرى لدى عبس ورفاقه ان يكون الوقت قد فات على اي محاولة لاستنهاض “التيار”.