اقلبوا الطاولة!
نبيل بومنصف/النهار/22 آب 2016
تجاوزت حكومة الرئيس تمام سلام في منتصف الشهر الحالي السنتين ونصف سنة من عمرها علما انها شكلت بعد مخاض قياسي في التأليف استمر نحو 11 شهرا. وأيا تكن المبررات القسرية لبقاء هذه الحكومة الى امد مفتوح يستحيل تحديده راهنا، فهي منيت بعاهة طول العمر التي بقدر ما يتمناها البشر لأنفسهم تضحي لعنة في مصائر السلطات متى اصبح التغيير والتناوب على السلطة ممنوعا بقوة قاهرة.
لا نسوق جديدا بالتأكيد في هذا السياق المشؤوم الذي فرض على لبنان مع حكومة تتسابق مع برلمان يمضي مترهلا على مشارف الاشهر العشرة الاخيرة (مبدئياً) من ولايته الممددة كما يتسابقان معا مع أزمة شرهة أخرى اكلت من عمر عهد الفراغ الرئاسي سنتين وثلاثة اشهر. بل ان ما يستدعي الإطلالة على الواقع الحكومي هو “مشروع” اهتزاز يتهددها بملف التمديد للقيادات العسكرية بسبب موقف ” التيار الوطني الحر ” منه. وأيا تكن الحدود التي سيرسمها التيار العوني في خطوته المحتملة تبدو المفارقة التي تحكم واقع المكونات الحكومية انها أعجز من أن تحدث أي أثر فعال ما لم ترق خطوتها الى الإطاحة بالحكومة ودفعها نحو الاستقالة الحكمية. نقول ذلك لا رغبة في التحريض على حكومة باتت الهيكل الاخير في جمهورية تتآكلها الفراغات ولا دفاعا عن بقائها خشية الأسوأ في حال استقالتها وتحولها الى حكومة تصريف اعمال.
هذه الحسابات تعني القوى السياسية وحدها التي باتت صورتها اليوم أقرب ما تتماثل مع صورة الحكومة. ولا نعتقد ان واقع تصريف الاعمال سيكون بهذا السوء اذا ما قيس بواقع الحكومة الحالي الذي قال ويقول فيها رئيسها ما لم يقله مالك في الخمرة. ومع ذلك فان اقدام اي فريق فيها على محاولة هزها لن يستقيم في معايير الصدقية السياسية ما لم تشكل خطوته رصاصة الرحمة على مرحلة ملء الفراغ الرئاسي بهذه السلطة الانتقالية. وما عدا ذلك في أنصاف الخطوات والارباكات الظرفية العابرة لن يكون سوى تثبيت متكرر لسياسة الازدواجية التي تبقي فريقا موزعا مكاسبه ومآزقه بين “رجل في الفلاحة ورجل في البور”.
ولان هذه الجهة تحديدا هي التيار العوني الذي تتعطل على اسم زعيمه الانتخابات الرئاسية منذ نشوء الازمة فان مسؤوليته ستتضاعف بإزاء أنصاف الخطوات وانصاف التصعيد خصوصا متى تبين ان التمديد للقيادات العسكرية والذي يشكل موقف التيار منه امرا صحيحا من الناحية المبدئية هو المشجب الذي تعلق عليه اهداف ابعد تتصل بالإنسداد الذي يواجهه ترشيح الزعيم العوني. فإما التزام حقيقي ببقاء الحكومة والتسليم بالقرارات التي تتخذها واما قلب الطاولة عليها شرط الغاء مسببات التمديد جذريا، وحينها أخبرونا اذا كان تعطيل الحكومة سيفتح طريق بعبدا لكم او لسواكم… وبالتوفيق