وصف استراتيجيتي 8 و 14 آذار بالمواجهة بين “السلاح الإلهي والإنتظار الإلهي”
محمد عبد الحميد بيضون لـ “الأنباء” خوف وتضعضع بيئة حزب الله اضطر نصرالله للظهور شخصيا وليومين متتاليين.
بيروت ـ “الأنباء”/25 تشرين الأول/15
رأى النائب والوزير السابق د. محمد عبد الحميد بيضون، أن ثلاثة عناوين رئيسية تكمن وراء توتر أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله، وتفسّر تهجمه بعنف على كلّ من المملكة السعودية والولايات المتحدة، وهي:
1 ـ الفشل في سوريا حيث لم يستطع نصرالله ومن خلفه إيران الإيفاء بالنصر الذي وعد به قواعده الشعبية، وهو الفشل الذي استدعى تدخلا روسيا عسكريا بطلب من إيران، مع الإشارة الى أن التدخل الروسي أقام وصاية موسكو على سوريا وانتزع من يد الخامنئي ورقة المفاوضات مع الأميركيين ودول الخمس زائدا واحدا، ناهيك عن أن موسكو لا تستطيع إطالة أمد تواجدها العسكري على الأراضي السورية لأسباب متعددة وأهمها الكلفة المالية وتداعياتها على الإقتصاد الروسي، لذلك تسعى روسيا لاستيلاد حل سياسي سريع لن يكون إلا بيعة للغرب وليس للأسد أو للخامنئي.
2 ـ هزيمة إيران في اليمن، فالحوثيون الذين شكلوا الحصان الإيراني الأساسي لاحتلال اليمن، تراجعوا أمام ضربات التحالف العربي وعلى رأسه المملكة السعودية بما شكّل هزيمة مدوية لطهران على أبواب الخليج العربي.
3 وهو العنوان الأهم ـ تململ بيئة حزب الله، إذ أن قواعد الحزب الشعبية تطرح العديد من الأسئلة على السيّد نصرالله دون إيجاد أجوبة مقنعة عليها، وأهمها سؤالان أ ـ سبب سقوط 1500 قتيل و4000 جريح حتى الساعة من الشباب الشيعي اللبناني على الأراضي السورية، مقابل أقل من عشرة قتلى فقط من الإيرانيين. ب ـ أين نحن من المواجهة مع إسرائيل في ظل دخول روسيا على خط المعارك في سوريا وإعطائها الضمانات لحكومة نتانياهو، خصوصا أن نصرالله أكد مرارا وتكرارا أن الحرب في سوريا هي مؤامرة اسرائيلية ـ أميركية ينفذها تنظيم داعش، وأن مشاركة الحزب بهذه الحرب هو لاحباط هذه المؤامرة.
بمعنى آخر يؤكد بيضون في حديث لـ “لأنباء” أن بيئة حزب الله يعتريها خوف وهلع وتضعضع كبير، ما اضطر نصرالله للظهور شخصيا وليومين متتاليين، في محاولة لرفع معنوياتها، وحثها على عدم الخوف لا من الانتحاريين والسيارات المفخخة ولا من سقوط هذا الكمّ من اللبنانيين القتلى في سوريا، لافتا الى أن خطابات نصرالله لم تحمل يوما أي مضمون سياسي، انما جل ّما أدركته وتدركه هو الضرب على الوتر المذهبي بهدف التعبئة والحشد وإثارة الحماسة.
وفي سياق متصل وردا على سؤال، أكد بيضون أن نصرالله ليس جاهزا للحل في لبنان وبالتالي فإن دعوته تيار المستقبل وقوى 14 آذار لمشاركة 8 آذار في إيجاد حلول لأزمتي الرئاسة والحكومة، هو كلام لا يتجاوز عتبة الإستهلاك الإعلامي، معتبرا أن الحوار من وجهة نظر نصرالله هو لشراء الوقت فقط، بدليل أن عشرة أشهر من حوار حزب الله مع المستقبل لم تكن كافية لاستيلاد حل ولو يتيم في أي من الملفات العالقة بين الطرفان، ولا حتى لصياغة جملة واحدة تخفف من حدة الإحتقان السني ـ الشيعي، مشيرا من جهة ثانية الى أن موافقة الرئيس الحريري على دخول الحوار أعطت حزب الله هامشا كبيرا للعب على عامل الوقت، بينما المطلوب من الحريري وكل قوى 14 آذار هو ممارسة أقصى الضغوطات على حزب الله لإجباره على انجاز الاستحقاق الرئاسي ووقف عملية قتل الشباب اللبناني على الأراضي السورية.
واستطرادا، لفت بيضون الى أن على 14 آذار الخروج من لعبة المساومات والبحث عن أوراق ضغط فاعلة في مواجهة تعطيل حزب الله والعماد عون للحكومة والدستور والقوانين، كما أن على الكنيسة المارونية مقاطعة النواب المعطلين لجلسات انتخاب الرئيس فيما لو أرادت الدفع جدّيا باتجاه الحل.
وختم بيضون مشيرا الى وجود استراتيجيتين في لبنان، الأولى تتجسد بحماية السلاح الإيراني من خلال حماية نظام الأسد، والثانية تتجسد بانتظار ما ستؤول اليه التطورات في المنطقة، بمعنى آخر يصف بيضون صورة الإستراتيجيتين المشار اليهما، بالمواجهة بين “السلاح الإلهي والانتظار الإلهي”، ما يؤكد أن الفراغ في سدة الرئاسة طويل الأمد ولن يشهد اللبنانيون نهايته قبل تبلور الحل السياسي في سوريا.