بين “الثلث” و”السلَّة”
راشد فايد/النهار/4 تشرين الأول 2016
بين”الثلث المعطل” و”السلَّة” و”طاولات الحوار” خيط رفيع يفضي إلى تغيير وئيد في الممارسة الدستورية، من دون تغيير في النص الدستوري. على الأقل، راهناً.
يعرف رئيس مجلس النواب الأمر، ولا تنفع سمات الأبوة على وجهه، ولا الحرص الوطني في كلامه، في دحض ما يستخلص منذ 2006.
فـ”السلة”، في التكتيك السياسي، مفيدة إن أقرت، وإن لم تقر.
في الأولى، تصبح المحاصصة “نهجا ميثاقيا” فوق دستوري، وفي الثانية سيجد رئيس المجلس في إسقاطها ما يغذي، لاحقا، ندما مفتعلا، عندما يتجدد “التعطيل الوطني” وتنطلق مماحكات الحقائب والتعيينات وقانون الانتخابات، وغيرها، ربما بوجود رئيس، ويصبح عنوان “أربعاء عين التينة”: لو أصغيتم.
لا حاجة إلى “السلَّة”، وغيرها من فذلكات وابتكارات، إذا طبق الدستور، والتزم كلٌّ حدود مسؤولياته ودوره، واحترم المسلك الديموقراطي، وكف عن البدع المفروضة برهبة السلاح، وسلم بحق الأغلبية النيابية في أن تكون لها الكلمة العليا، في إطار الميثاق الوطني.
لكن من أين لنا ذلك، فيما السلاح وحزبه – وإن صمت الجميع عن تنطحه الإقليمي لدور أكبر منه ومن لبنان، وسراياه في الداخل – مستعد لاستخدام النار والدم، بوضوح، كما في 7 أيار 2008 والاغتيالات قبلها، والقمصان السود بعدها، لفرض مشيئته.
تطرح السلَّة اليوم نقيضا للديموقراطية والميثاق والأعراف.
ورئيس المجلس لا يجهل ذلك، وهو من بايعه البعض ولاية الفهم الدستوري، فهل يعني ذلك، أنه سيستخدمها، عندما يتخطاها الواقع، لتبرير مماطلة حليفه الأساسي ما بعد وصول ميشال عون، إن وصل، إلى بعبدا، كما فعل بعد انتخاب ميشال سليمان بـ”اتفاق الدوحة”، ليغرق البلاد في الانتظار، بذريعة الإتفاق على تشكيل الحكومة والتعيينات وباقي المعزوفة؟
لا ضرورة لأن يكون لـ”المؤتمر التأسيسي”، الذي رميت فكرته لجس النبض العام، ولاختبار تفاعلاتها، شكل “المؤتمر” وصيغته بالمعنى التقليدي، أي قاعة وحضور وجدول أعمال يستلزم أياما لإنجازه. المؤتمر المقصود هو لقاء لإعطاء الشرعية لما بدأ تطبيقه من خروج على الدستور والديموقراطية مُذ طُبِّقَ “الطائف” بترجمة آل الأسد لمضمونه.
واستخلص “حزب الله”، الذي لا بد درس تجارب الفصائل الفلسطينية في لبنان، كما تجربتي “القوات اللبنانية” وأسلافها ( الكتائب والنمور… إلخ) و”الحركة الوطنية” وتفرعاتها، أن لا غطاء إلا الشرعية، وهذه لا تكتسب إلا برضى كل الأفرقاء.
ولا بد أنه اطلع على فلسفة شارل مالك لحل التضاد بين ما يمثله بشير الجميل من سلطة على الأرض، وبين سلطة الياس سركيس الشرعية، فاختصر الأمر بجملة شهيرة: “إن هدف المقاومة (اللبنانية) الأساسي الذي يجسد فكرة ترشيح بشير لرئاسة الجمهورية، هو تحويل الشرعية الحالية إلى شرعية أخرى عن طريق الشرعية نفسها وبوسائل شرعية”.
بين “الثلث” و”السلَّة” شرعية جديدة قيد الحياكة على الطريقة الفارسية.