سجن نزار زكّا في إيران(2): صحافي معارض يكشف التفاصيل
بادية فحص/جنوبية/ 6 أكتوبر، 2016
الأجهزة الأمنية الإيرانية أطلقت على زكّا، بعد اعتقاله مباشرة، عبارة “الصيد الثمين”، وأشاعت أنها استطاعت أن تستدرجه إلى جحرها، عبر عملية أمنية – استخباراتية دقيقة جدا وحساسة، غير ان صحافيا ايرانيا معارضا رفض ذكر اسمه، كشف تفاصيل دقيقة واكبت عملية توقيف زكّا.
هذا الصحافي المعارض الذي زوّدنا بمعلومات عن قضية اعتقال اللبناني نزار زكا في ايران، ورفض ذكر اسمه لأسباب أمنية قال: كان نزار زكّا ينتمي لتنظيم “التيار الوطني الحر” الذي يرأسه ميشال عون الحليف لتنظيم “حزب الله”، ولكنه بعد سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية، غيّر قناعاته السياسية، وانتمى إلى فريق 14 آذار، وذا هو السبب الرئيسي لاعتقاله، وقد أجاب الصحافي الايراني عن مجموعة أسئلة:
1- على أي أساس تمت دعوة زكا؟
– تم استدارج زكا وليس دعوته، وذلك بناء على معلومات وصلت عنه، إلى الحرس الثوري من بلده، مقرونة برغبة في التخلص منه مرحليا، أي إخفاؤه، وذلك من أجل هز العصا له ولأمثاله، سواء كانوا في لبنان أو في دول أخرى.
بالتأكيد جرت مراقبة تحركات زكا خلال وجوده في إيران، إضافة إلى مراقبة مكالماته الهاتفية وتواصله مع المؤتمرين وخطاباته خلال المؤتمر، وبالطبع كان هناك حضور “لبناني ثوري”، المقصود الفرع اللبناني للحرس الثوري في المؤتمر، بعد انتهاء المؤتمر، لحقت به سيارة “مجهولة الهوية” وهو في طريقه من الفندق إلى المطار مغادرا، قطعت عليه طريقه وخطفته، وظل مختفيا، ولم تبدأ محاكمته إلا في حزيران هذا العام، من خلال جلستين شكليتين، حتى الحكم الأخير شكلي، ولا قيمة له، لأن المحكمة التي أطلقته قد تنقضه بعد فترة، دون معرفة الأسباب، أما المضحك المبكي في الرواية كلها، هو أن حكومة الرئيس روحاني العتيدة، كانت آخر من يعلم بهذه القرصنة الشوارعية، وقد تلقت المعلومة من وسائل الإعلام العالمية وليس من جهة محلية، وكان قد مر على قرصنة زكا أياما، واتهمت خلالها عائلته، السلطات الإيرانية، يخطفه بعد أن فقدت الاتصال به.
في بداية الأمر، يبدو أن جهة معينة، ضغطت على مولاوردي لتعلن أنها لم تدعه إلى المؤتمر، ثم تراجعت بعد أن أبرزت عائلته الدعوة أمام الصحافة، وبرأي الصحافي المعارض، أن إجبار مولاوردي على الكذب في هذا الشأن، خطوة ذكية جدا من الجهة الخاطفة الحقيقية، وذلك لخلق سجال جانبي بين مولاوردي بسبب ما تمثله، وبين عائله المخطوف، من شأنه أن يحرف الانتباه عن التفكير بالجهة المستفيدة من خطفه، ويشتت التركيز على تحليل دوافع الخطف الحقيقية، ويثير نقمة على إيران الانفتاحية، فمن مصلحة الحرس الثوري تشويه صورة حكومة روحاني، ويسعده جدا أن تتهم مولاوردي مستشارة روحاني المعتدل، بالمشاركة أو التخطيط لاستدراج هذا الشخص وخطفه بهذه الطريقة التي لا يمكن وصفها إلا بالقرصنة.
2- من أين وصلت المعلومات التي تتهم زكا بالتجسس لصالح دولة معادية؟
– من البديهي أنها وصلت من لبنان، وليس من الولايات المتحدة، لأنه بالتأكيد لا يوجد تعاون استخباراتي بين المخابرات المركزية الأميركية واستخبارات الحرس الثوري، ليس بسبب حال العداء بين الجهتين، إنما لأعدم وجود تكافؤ، رغم أن الحرس الثوري يدعي أن استخباراته تنافس بدقة عملياتها وحساسيتها أهم أجهزة الاستخبارات في العالم، أما الوقائع، فتثبت أنهم يستقوون على شعوب هذه المنطقة فقط، خصوصا في الدول التي تعاني من انهيارات بسبب الحروب مثل أفغانستان وسوريا والعراق واليمن أو الدول المتأثرة بالحروب التي حولها مثل لبنان، ويتصرفون كالتلامذة النجباء أمام الاستخبارات الغربية، إذا المعلومات وصلت من لبنان، فالجهة “المتضايقة”
من زكا، لها سوابق كثيرة في هذا المجال، نحن نعرف أنه تم خطف أو اعتقال عدد من المواطنين اللبنانيين في لبنان وفي سوريا بتهم تجسس مفبركة، بينما الأسباب الحقيقية هي حالة عدائهم السياسي لحزب الله.
3-من له مصلحة في خطف زكا؟
-لا مصلحة إطلاقا لإيران في خطفه، فهو لا يزور إيران أبدا، ولم يأت إليها إلا على أساس دعوة رسمية من رئاسة الجمهورية، ولا تربطه علاقات بأي من رجال الأعمال الإيرانيين ولا التجار ولا السياسيين.
لكن، الحرس الثوري يقدم خدمات أمنية لشركائه أو عملائه بالأحرى، في المنطقة، من باب تبادل الخدمات، فربما يكون هذا الشخص قد أصبح مصدر ازعاج لحزب الله، في المنطقة التي يعيش فيها في لبنان، وربما تأثيره يتجاوزها إلى مناطق أخرى، وقد يكون خروجه من التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله قد أزعج هذا التيار فأراد تأديبه، وقد يكون يملك معلومات مهمة عن هذين الطرفين، أو أنه وهو الأرجح، يشكل خطرا “معلوماتيا” على شبكة اتصالات حزب الله، فالكل يعلم أن حزب الله يملك شبكة اتصالات خاصة به، وهي شبكة مستقلة بناها مهندسون يعملون لحسابه، تبين لاحقا أن أغلبهم لديه ارتباطات بأجهزة الموساد الإسرائيلي أو جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية، وعليه فإن زكا إما أن يكون متورطا مع واحد من العملاء الذين كشفهم حزب الله في صفوفه، إما أنه يشكل خطرا على شبكة حزب الله الخاصة، بسبب تقدمه والفريق أو المؤسسة التي عمل فيها في هذا المجال، أظن أن هناك شخصية أمنية لبنانية اغتيلت بسبب وصولها إلى أماكن بعيدة في ملف الاتصالات (وسام عيد) والله أعلم.
4-كيف يمكن أن تصل قضية زكا إلى خواتيمها السعيدة؟
-رغم صدور الحكم الثوري بحق المواطن اللبناني نزار زكا، في 20 سبتمبر الحالي، أي بعد سنة على خطفه في طهران، إلا أن أي جهة رسمية لبنانية لم تطالب إيران بالإفراج عنه بعد، أو محاكمته محاكمة عادلة أمام محكمة رسمية، وليس محكمة شكلية مختصة بالشؤون المحلية الإيرانية، لم تشكل الحكومة اللبنانية لجنة أو وفدا ترسله إلى إيران للاطلاع على القضية وحلها، على الصعيد الرسمي الإيراني، غاب خبر محاكمة زكا حتى الآن عن وسائل الإعلام الرسمية، ولم تعلق عليه أي شخصية رسمية إيرانية، أو مسؤول إيراني، إدانة أم تأييدا، سلبا أو إيجابا على خبر المحاكمة، مما يؤكد أن جهة استخباراتية حاكمة، متحكمة هي التي قامت بخطفه وسلمته إلى محكمة الثورة، التي يحق لها، بفعل قدسيتها الثورية، أن تعتقل من تشاء، وتحاكم كيفما تشاء، وتنفي من تشاء، وتعدم من تشاء، والتي نشطت بشكل لافت، في الآونة الأخيرة، بعد توقيع الاتفاق النووي، وأفرطت في إصدار أحكام الإعدام، ولم تعد تهتم بمشاعر الرأي العام المحلي ولا العالمي، فصارت تنفذ إعدامات علنية في الأرياف والمناطق النائية، إضافة إلى أنها تركز بالتعاون مع الحرس الثوري على اعتقال الإيرانيين أو الأجانب ذوي الجنسيات المزدوجة، فبعد انفتاح أبواب إيران على العالم، تدفق إليها الزوار من كل أنحاء العالم، وعاد اليها إيرانيون كانوا مبعدين من قبل، كان نصيب أغلبهم، رغم التطمينات، الاعتقال بتهمة التجسس، هذا السلوك المتبع، هو بالطبع ليس ذلك حفاظا على الأمن، بقدر ما هو إحراج لدولة روحاني ولوزير خارجيته محمد جواد ظريف، الذي دعا العالم من فيينا، مبتسما، لزيارة بلاده، لكنه في الحقيقة لا يستطيع حماية ضيف أتى على أساس دعوة.
أخيرا، الحكم الذي صدر بحق زكا، عن محكمة الثورة، المؤسسة الرهيبة التي يعرف دهاليزها جيدا، الإيرانيون الملتاعون من سوط الثورة، ليس إلا بداية، في مشوار نزار زكا مع أوهام الحرس الثوري وعملائه، العدائية مع الولايات المتحدة، والحرب الجاسوسية الخيالية التي يضخمها في عقول أنصاره، ليبرر أسباب بقائه في السلطة، وليس لنزار زكا إلا الله. كذلك أشار أنصار زكا، إلى أنّ “القاضي أبو القاسم صلواتي، المعروف بأحكامه المتشددة، أصدر القرار بعدما كان الناظر في قضايا سياسية عدّة منها دعوى أصدر فيها حكماً بحق الصحافي بجريدة واشنطن بوست، جيسون رضائيان.