“بهدلتونا 45 جلسة بلا رئيس/” لبنان الإنسان” يدرس التحرك قضائياً ويستمر بعد انتخاب الرئيس
منال شعيا/النهار/7 تشرين الأول 2016
“بهدلتونا 45 جلسة بلا رئيس”. وربما التعداد مرشّح للارتفاع، وسط الواقع المأزوم نفسه. هذا التخاذل الرسمي والنيابي حرّك مجموعة من الباحثين في اطار جمعهم تحت عنوان ” لبنان الإنسان”. أرادوا إنهاء الفراغ الرئاسي، محددين سلسلة تحركات “للحفاظ على الدستور”. فما هي هذه المجموعة؟ وكيف يمكن تحديد أهدافها؟ ومن هم اعضاؤها؟ .
انطلق “لبنان الانسان” رسميا في 3 آب الماضي. يومها، ضمت الوجوه البارزة الباحث القانوني والدستوري شبلي الملاط والسادة أنطوان قربان وسناء الصلح وسعود المولى ونايله كرامي وغيرهم الكثير. وعلى مراحل، توسع التحرك ليأخذ مسار التظاهرات الاسبوعية الدورية في ساحة سمير قصير في وسط بيروت، تزامنا او قبيل كل جلسة انتخاب للرئيس، او بالاحرى جلسة اللا- انتخاب. كانت اهداف المجموعة واضحة: “لدينا اولوية مطلقة وتركيز اولي على وقف هذا التخاذل عبر انهاء حالة الفراغ”.
انما لـ”لبنان الإنسان” اهداف محددة ورؤية مرسومة في بيانه التأسيسي او في ما سمي “بالمبادرة الدستورية”.
هكذا كانت الانطلاقة، عبر هذه المبادرة التي وضعت مطلع شهر آب، ونشرت في17 منه.
يقول الملاط لـ”النهار”: “يا للأسف، باتت الدولة فاشلة. وبات هناك خطر على مستويات عدة. وهنا تكمن خطورة الفراغ الرئاسي، فقد صرنا نعيش أزمة مؤسساتية. اذ ان فراغ المقام الاول من الدولة له أهمية كبيرة، ولا بد ان تنعكس على مؤسسات اخرى من خلال فقدان التوازن في البلاد، وصولا الى انهيار كل المؤسسات. اذ نلاحظ ان ثمة اكثر من 40 مؤسسة عرجاء. وهذه سابقة خطيرة”.
هي بالفعل سابقة. و”لبنان بلا رئيس سيكون حتما منقوص المسؤوليات”. يرى الملاط “اننا نعيش بهدلة على كل المستويات. مثلا، رأينا ازمة النفايات اخيرا، ولكان أمكن ترجمة هذا الاخلال والفشل بمليون أمر آخر غير النفايات، لأن المشكلة الاساسية التي نعانيها هي في عدم تطبيق القانون والتخلي عن الدستور. القانون عادة هو قمة اي دولة، انما في لبنان، بتنا نعاني نقصا في الاستناد الى القانون والحفاظ على الدستور”.
تباشير الانهيار
المفارقة انه في عزّ الحرب، لم يخل المقام الاول من صاحبه. اليوم، وبعد مرور اكثر من عامين على الفراغ، لا يزال هذا المقام فارغا، وقصر بعبدا بلا رئيس. والخطر الاكبر ان يكون البعض اعتاد هذا الواقع الاستثنائي وغير المسبوق. واذا قرأنا بعض محطات التاريخ اللبناني، نرى ان اتفاق الطائف أُقرّ بعد حرب اهلية، واتفاق الدوحة طُبّق بعد حوادث 7 ايار 2008، فأي تباشير اليوم لانهيار ما؟
يقرأ الملاط جيدا هذه المعادلة، وهو سبق أن تخوف من ان تكون الخضة هذه المرة هي “تباشير لانهيار اقتصادي واجتماعي، تدفع ما تبقى من طبقة سياسية مرغمة الى انجاز تسوية ما ترضخ لها الاطراف مجتمعة”، ويلفت الى ان “موجة الانهيار الاقتصادي بدأت تتجلّى بعدم امكان تلقي المنح الدولية والمساعدات والتي تبلغ اكثر من خمسة مليارات دولار، اضافة الى ما يعانيه البلد من اعباء عبر مسألة اللاجئين والحالة الاقتصادية السيئة. فلو كان الدستور معمولاً به وتحت اشراف رئيس للجمهورية، لكانت العجلة الاقتصادية في وضع افضل”.
وينبه الى ان “مجلس الامن، وفي 28 تموز الماضي، اتخذ قرارا لا سابق له بدعم لبنان، من خلال دعم 15 دولة، من بينها روسيا والصين، فأين لبنان من بين كل هذا الدعم؟ في الأساس، كيف يمكن ان نلقى الدعم ومؤسساتنا مهزوزة. لذلك، فان تباشير الانهيار الاقتصادي قد يكون موضوعا تكهنيا، لكنه جدي”.
“احياء القيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان وتطبيق سيادة القانون”: هي محاور ثلاثة ينطلق منها “لبنان الانسان” لتحديد اطار عمله الذي يتجاوز معضلة الفراغ الرئاسي، لكن الظرف الملح اليوم، يضع القيّمون على المجموعة في وجه “تحديد الفراغ كبند اولي في كل تحركاتهم”.
فمن البيان الاول، تفرّعت وثيقة ثانية كانت بمثابة عريضة، سلّمت رسميا الى رئيس مجلس النواب نبيه بري في 30 آب الماضي، والى جميع النواب. جاء فيها: “عملًا بالمادة 74 من الدستور، نتشرف بالتقدم إليكم بهذه العريضة طالبين تطبيق الدستور بنصه وروحه لإنهاء الفراغ المستشري في رأس الدولة. ودستورنا يوجب أن يجتمع المجلس فورًا بحكم القانون لانتخاب الرئيس، وفق المادة 74 من الدستور، ويرتّب على كلّ منكم الشروع حالًا في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أي عمل آخر، بحسب المادة 75 من الدستور”.
هكذا، فان المطلوب، من كل نائب “التوجه حكماً وفوراً وحالاً، الى اداء واجبه الدستوري بانتخاب رئيس الدولة”.
الأعضاء والتحرك القضائي
أسماء عدة منضوية حتى اليوم في “لبنان الانسان”، تشكل مجموعة متنوعة في الخبرات والاختصاص، كالسادة جويل أبي راشد وأنطوان قربان والعميد المتقاعد خليل الحلو وجينا ديوان وجبور دويهي ويوسف حيدر وميشال حاجي جورجيو وسمير خلف وشبلي الملاط وسعود المولى وسليم مزنر وبلال أورفه لي وتوفيق صافيه وسناء الصلح ورينه شاموسي وجهاد الزين ونايله كرامي وشريف مجدلاني وجميل مروه وخالد زياده وأسعد رزوق ونادين غارابديان وداليا اليافي وكارلا يارد وليندا مطر وهيام الموال وابرهيم شمس الدين وغالب ياغي.
داخليا وخارجيا. حدّد “لبنان الإنسان” تحركاته. وفي الاعتصام الأخير، اضاف القيمون عنصرا نوعيا عبر الاعتصام امام منزل النائب ناجي غاريوس، لكونه من بين النواب المقاطعين لجلسات الانتخاب.
كذلك، يلتقي القيمون دوريا بعض النواب المشاركين في جلسات الانتخاب من أجل التنسيق معهم، كاللقاء الذي تمّ اخيرا مع النائب احمد فتفت، كي يؤدي هؤلاء دورا ما، كإقناع زملائهم بالتوجة الى المجلس”انطلاقا من الحجة الدستورية لا السياسية”.
أما خارجيا، فقد التقى القيمون سفير فرنسا ايمانويل بون، لكون فرنسا مسؤولة عن الملف اللبناني في مجلس الأمن، وسيستتبع هذا الامر زيارات وجولات اخرى.
اما العنصر الجديد الذي يكشفه الملاط عبر “النهار” فهو درس امكان التحرك القضائي عبر التوجه الى مجلس شورى الدولة والمجلس الدستوري. هو يرفض اعطاء تفاصيل، لان الآليات لا تزال موضع درس.
ويعلق: “الأهم هو الانطلاق من تطبيق الدستور ومن ثم السماح بالمساومات السياسية اذا كانت ضرورية، انما لا يجوز تكريس النقيض، اي المساومة السياسية على تطبيق الدستور. هذه معادلة خطيرة، وينبغي التنبه لها”.
“لبنان الإنسان” سيستمر بعد انتخاب الرئيس. ويشرح الملاط: “هناك الكثير من البنود. نحن نعمل على التنسيق مع المجتمع المدني على اكثر من مستوى، كما اننا نهتم بملف قانون الانتخاب ومسألة العقوبات على المصارف”.
هذه المحاور ستكون في قلب عمل “لبنان الإنسان” في مراحل لاحقة، انما اليوم، لا ينسى الملاط ان يوجه “تحية تقدير وشكر خاص الى النائب اسطفان الدويهي لأنه كسر التعطيل، وشارك للمرة الاولى في الجلسة الـ45 لانتخاب رئيس. علّ النواب الـ41 المعطلين يسلكون المنحى نفسه”.