ترئيس الحريري… في سبيل إنهاكه وإنهاء الحريرية
علي الأمين/جنوبية/25 أكتوبر، 2016
لا يمانع نصرالله بوصول الحريري إلى سدة الرئاسة الثانية، الرئيس بري لن يسمي الحريري، المعركة مستمرة في مواجهة الحريري باعتباره يمثل تماسك الزعامة السنية. تشظي الكتلة السياسية والشعبية التي يمثلها الحريري يبقى الهدف فكيف سيستكمل حزب الله خطة تثبيت الوصاية الايرانية في لبنان؟
قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنّه لا يمانع بوصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، واعتبر أنّ عدم الممانعة تجاه خصم كالحريري هي تضحية كبيرة يقوم بها كُرمى لوصول العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة.
ولكن يبدو أنّ السيد نصرالله قدم تضحية إضافية بذكر اسم الحريري من دون تردد في خطابه الأخير يوم الأحد، بعدما كان في خطبه في الأونة الاخيرة يعتمد كلمة “فلان” كإشارة لاسم الحريري.
كلام نصرالله ينطلق من قناعة أنّه يستطيع أن يأتي بغير الحريري لرئاسة الحكومة، خصوصاً أنّ عدم الممانعة لا تعني أنّ حزب الله سيسمي الحريري في الاستشارات النيابية من أجل تكليف رئيس الحكومة. وبالتالي فهو في قبوله بوصول الحريري أو عدم وصوله لا يستند إلى أصوات كتلة الوفاء للمقاومة التي لن تسمي الحريري بكل الأحوال. ولكن يبقى ان تضحيته بقبول الحريري هي اقل من تضحيته باقناع حليفه سليمان فرنجية الانسحاب للجنرال.
قلنا سابقاً ونكرر أنّ لبنان دخل مرحلة الوصاية الإيرانية، وأظهرت مسارات انتخاب رئيس الجمهورية أنّ هذه الوصاية ممثلة بحزب الله نجحت في فرض مرشحَيها العماد ميشال عون وسليمان فرنجية، وحققت مع موافقة الحريري على فرنجية أولاً وعون أخيراً تقدماً في مسار تثبيت الوصاية، ويأتي القبول بتسمية الحريري لرئاسة الحكومة مرحلة إضافية وملتبسة في توفير الوقت والشروط لاستكمال قواعد السيطرة الكاملة ليس على مفاصل الدولة –وهو حاصل- بل يطرح تساؤلا حول امكانية ان يحقق وصول احد المرشحين مقدمة لضرب آخر كتلة سياسية لاتزال متماسكة في المواجهة السياسية مع مشروع الوصاية الإيرانية على لبنان.
طبعاً هذه الكتلة السياسية هي الكتلة النيابية التي يرأسها سعد الحريري، وبتسليم شبه عام من جمهور السنّة في لبنان بموقع هذه الزعامة ودورها. على أنّ هذه الصورة بدأت تهتز وهذا التماسك بدت عليه التشققات، وحزب الله الذي عجز عن إحداث تشققات يُعتّدُ بها في هذه الكتلة السياسية، يستعد من خلال رسم معالم المرحلة المقبلة، والتي فرضت عليه الإتيان بالحريري رئيساً للحكومة، إلى محاولة رسم واقع جديد لدى السنّة، يتمثل بهدف رئيسي يسعى اليه منذ ما بعد العام 2005، وهو إضعاف زعامة الحريري. وعبر هذه الخطوة –اي عدم ممانعته بوصول الحريري – يحاول استكمال ما قام به، عبر الرئيس نجيب ميقاتي، أو الرئيس عمر كرامي، أو عدد من القيادات الاخرى المعروفة بتبعيتها للنظام السوري أو حزب الله، وأخيراً عبر سرايا المقاومة. كل هذه المحاولات لم تحقق مبتغاها، لكن هل الفرصة اليوم أصبحت مؤاتية وعبر طريقة وشروط وصول الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة؟
مرحلة استشارات التكليف لا بد ان تشكل وسيلة من وسائل اضعاف هذه الزعامة، ووسيلة من وسائل الاختبار والتأقلم مع مرحلة الوصاية الجديدة، هذه المرة الرئيس بري هو خصم الحريري، سيصل الحريري إلى رئاسة الحكومة وسيكون قبل التأليف قد أُنهك بالشروط التي يجب أن يلتزم بها، وسيواجه تحدي توفير “الثلث المعطل” للثنائية الشيعية في التشكيل، سيساعده الجنرال عون على تجرع هذا الكأس، “الثلث الشيعي المعطل” بطبيعة الحال لن يكون من وزراء شيعة على الأرجح أنّ غير الشيعة هم الأكثرية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، وئام وهاب وأسعد حردان، وأسامة سعد، واميل رحمة، وغيرهم ممن يرفعون شعار “الثلاثية الذهبية” من بيروت إلى حلب والأنبار وصنعاء.
الحاجة إلى اضعاف الحريري او انهائه لدى حزب الله لها عدّة أهداف، أولها القضاء على الزعامة السياسية الجامعة في البيئة السنية، وثانيها تحميل الحريري عبء الازمات التي يعاني منها لبنان، والأهم أنّ حزب الله يريد شماعة يعلق عليها ما ارتكبه بحق البلد واقتصاده بأن يستيقظ نوابه كل يوم ليحملوا مسؤولية ما وصل إليه البلد إلى السياسات الحريرية وإلى “سوليدير”. لاسيما أنّه سيبقى منهمكاً بشقّ طريق القدس من كل العواصم العربية.
الانتخابات النيابية هي المفصل. إذ ستكون مسرحاً لصراع قوى داخل الطائفة السنية، وحزب الله سيسعى لادارة هذه العملية بمزيد من إظهار التناقضات داخل السنّة بين متطرف ومعتدل وبين تكفيري ومسالم. وحزب الله لن يكون طرفاً فقط بل سيكون شاهداً على تفتيت الكتلة السياسية الحريرية. والهدف الكبير هو إنهاء الحريرية السياسية وزعامة الحريري للسنّة في مقابل مشروع تفتيت السنة إلى زعامات محلية متنافرة فيما بينها تمهيدا لاقرارها بالوصاية الإيرانية كما أقرت في سنين سابقة برستم غزالة وغازي كنعان كممثلين للوصاية السورية.
خلاصة المشهد ان عدم ممانعة حزب الله في وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة ينطوي على تنازل، لكنه لن يوقف جهوده لإنهائه أو للمزيد من إضعافه، علماً أنّ تجربة إبعاد الحريري عن الحكومة أثبتت في السنوات السابقة أنّها وسيلة غير ناجحة في انهائه.