الشيعي العالمي».. سوبرمان لبناني لأجل إيران إقليمية
سلوى فاضل/جنوبية/08 تشرين الثاني/16
فكرة الشيعي العالمي أو الشيعي الأخير تأخذ مداها في الفكر والممارسة بين الشيعة اللبنانيين والشيعة الإيرانيين بشكل واسع. وما سرّ الجاذبية في هذا الفكر الأيديولوجي الطائفي؟
“الإنسان الأخير ونهاية التاريخ” هو المقال الشهير الصادر في العام 1989 للكاتب السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما الذي أثار ضجة كبيرة حين صدوره، وتنوعت الإنطباعات حوله بين مؤيد ومعارض، إذ روّج فيه فوكوياما لإنتصارالليبرالية بعد إعلان إنتهاء الحرب الباردة ما بين الإتحاد السوفياتي(سابقا) والولايات المتحدة الأميركية.
اليوم، وفي استعارة للعنوان الذي يؤّرخ لمرحلة طويلة من الصراع، والذي سميّ بالحرب الباردة التي قسّمت العالم فسطاطين. نجد أن هناك من استعار الفكرة ليُحييّها من جديد بعد تعرّضها لإنتقادات شتى حيث اعتبرت فكرة عنصرّية.
فمنذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، ومع انتصار الثورة الإسلامية في إيران الشيعية، انطلقت حملة كبيرة على كافة الأصعدة تخص المسلم الشيعيّ بالذات، دعاية ديماغوجية تصوّر المسلم الشيعي ككائن جماعي بدأ تهميشه منذ اغتيال الإمام عليّ سنة 660 ميلادية.
وبعد ان وصل الحرس الثوريّ الإيراني الى لبنان ليدّرب شباب المقاومة الإسلامية، تحوّل حزب الله، الذي تتلمذ عناصره على أيدي الإيرانيين، تحولوا الى قادة كبار ومدربين ثم مقاتلين أشداء، فحرروا الجنوب المحتل، لكن لم يرتاحوا في”اليوم السابع” فانطلقوا في كل الإتجاهات نحو العراق، وسوريا، واليمن، وقبلها نحو البوسنة- التي شكّلت الخروج الأول لهم باسم الوحدة الإسلامية. ولم يكتفوا بشرف مواجهة إسرائيل دون غيرها وصبّ الجهود في مكانها الصحيح.
بعد 34 سنة من الإنطلاقة السرّية لحزب الله، والتي انطلقت أصلا بخطاب عالميّ وكرة أرضية مرسومة على شعار الثورة الإسلامية في لبنان، لم يكن جديدا ان يذهب مقاتلوه الى كافة أنحاء المعمورة، مما يودي بنا الى الشعار الجديد وهو (الشيعي العالميّ) كما هو حال الفلسفة الأميركية التي تؤكد لنا دوما وتزرع في عمق تفكيرنا أن الخلاص هو لدى الرجل الأبيضّ!
وتثبتت فكرة “الشيعي العالمي والأخير” في اليوم التالي لتحرير الجنوب، حيث نادى الأمين العام لحزب الله جماهيره بأن “تواضعوا قليلا”، وذلك قبل ان يبدأ بتدريب عدد أكبر من المقاتلين الشيعة وتحضيرهم لمعارك اقليمية.
فقيادة الحزب نفسها سارت في خط تكريس”المقاتل الشيعي العالمي” أو “الشيعي الأخير” عندما أرسلت شباب الحزب وعناصره الى سوريا الشقيقة، التي يدين لها بإمرارها أسلحة المقاومة عبر أراضيها طيلة عقود. وقبلها الى العراق لتدريب “الحشد الشعبي” و”قوات المهدي” وغيرها من القوى الشيعية التابعة سياسيّا لإيران.
“المقاتل الشيعي العالمي” لاضير فيه، الا لجهة أن شيعة لبنان يدفعون الثمن كأقليّة في بلد متعدد الطوائف، وفي محيط عربيّ سنيّ متعارض في سياسته مع سياسة إيران الراعي الإقليمي للحزب الذي لا يمكنه إخراج نفسه من بحر العرب.
في تعليق للباحث محمد عقل على فكرة “الشيعي الأخير” او “المقاتل الشيعي العالمي” يقول لـ”جنوبية”: “يتبدّى للشيعة اليوم أنهم “سوبرمان” عالميّ. والذي يجعلهم يشعرون بهذا الشعور هو خلطهم بين العقيدة الدينية والغايات السياسيّة البعيدة المدى والأهداف، وبذلك يتداخل السياسي بالعقائدي. وهذا ما يجعل الفرد الشيعي يتصور أنه يحقق هدفا إلهيّا مرتبطا بمصالحه الأرضية، فيبدو الشيعيّ أكثر إطمئنانا وأكثر شراسة، خاصة بوجود المشروع الإيراني الذي يُشكّل له مظلة من حديد. باعتبار إيران دولة إقليميّة ولها دور أساسي وفاعل في النظام العالميّ الأميركي الجديد.
“هذا السرّ بالربط بين العقائدي والغاية والهدف السياسيين، يشكّل حافزا قوّيا ليس لدى الشيعي فحسب، وخطورة الموضوع ان هذا السرّ والخطر مشترك بين الدولة اليهودية، والدولة الداعشية، والدولة الشيعية المعاصرة.
وكأن المشهدية تكتمل في الشرقين الأوسط والعربي لنوع من التذابح المذهبي على أساس الشخصيات العقائدية، وهي تعتمد على مبررات من التاريخ والجغرافيا والمال والقوة العسكرية”.
اقرأ أيضاً: ايران تحتفي بالرئيس عون: انتصرنا على السعودية!
وختم عقل بالقول، ردا على سؤال “وكأن تصادم الحضارات الذي حُكيّ عنه في الغرب يتجوّل بين الأنسان الأنوي المتفوّق على ساحة هذين الشرقين. وهنا مكمن الخطر، وتطور سلبيّ يرتد على الشيعة في مكوناتهم الوطنية والعقائدية، ويُسيئ الى فكرهم العقائدي، ويدّمر مستقبل وجودهم الحضاريّ والإنساني في هذا المشرق، وخاصة ان “السوبرمان” اليهودي يمتلك التطور نفسه، وقد جعله حديثا ومعاصرا، وجمع نقاط القوة، وعرف بالمقابل مكامن الضعف بدءا بالتكنولوجيا وإنتهاءا بالعلاقات الدوليّة، وهذا ما لا يُبشر على الإطلاق”.