هل سيتحرّر الرئيس من “أَكَلَة الجبنة” ؟
عقل العويط/النهار/8 تشرين الثاني 2016
يمكننا أن نتبيّن علامات المشهد الوطني المقبل على الوجه الآتي: هذه الطبقة السياسية التي نهبت لبنان، وهشّلت شبابه، وجعلت المؤسسات والإدارات أوكاراً للعار، هي التي ستتألف منها الحكومة العتيدة. فكيف سنثق بنزاهة المولود الحكومي، وبأهليته الإنقاذية والخلاصية؟
هذه الطبقة السياسية، هي نفسها التي انتخبت الرئيس، فما الذي ستطلبه منه في المقابل؟ ثمّ، وهذا هو الامتحان الحقيقي الخطير، هل سيعمد الرئيس المنتخب إلى الرضوخ لها؟
هل سينفّذ مطالبها، أم سيقرّر “التحرّر” من حبائلها، وهو المدين بانتخابه لها؟
وإذا هو “أراد”، أو سُمِح له بأن يريد، فبأيّ حكومة، وبأيّ “جنود” سينفّذ إرادته؟
هاكم العرض المسرحي المقبل: مطلوبٌ من هذه الطبقة السياسية الفاسدة، طبقة “قالب الجبنة”، طبقة المكوّنات الطائفية والمذهبية لا طبقة “الوحدة الوطنية”،
أن تختار ممثليها غير الفاسدين، وغير آكلي الجبنة، وغير الطائفيين، وغير المذهبيين، وأن تصعد بهم إلى المسرح، لـ”يمثّلوا” أدوارهم في الوحدة الوطنية وفي النزاهة ونظافة الكفّ.
ترى، كيف يستطيع السارق أن يصير أميناً؟ والطائفي المذهبي الفئوي كيف سيستيقظ وطنياً، مدنياً، ووحدوياً؟ يراد لنا في العرض المسرحي هذا، تأليف “حكومة الوحدة الوطنية”.
فماذا يعني هذا المطلب؟ يعني، بإيجاز بليغ: منع هذه الحكومة من العمل إلاّ بالتوافق والتراضي وتبويس اللحى وتقاسم المغانم.
يعني أيضاً، الحؤول دون تنفيذ المشاريع اللازمة للمواطنين وتفعيل عمل الإدارة، إلاّ إذا رأى الأطراف جميعهم، أطراف “حكومة الوحدة الوطنية”، أن مصالحهم مؤمَّنة. خارج ذلك، يتوقف عمل الحكومة، بحرد طرفٍ “ميثاقي” على سبيل المثل، أو بتعطيل فاعلية هذه الحكومة، باستقالة “الثلث الضامن” أو “المعطِّل”.
يعني، باستنتاج بليغ: ممنوع قطع دابر الفساد. يعني خصوصاً: تمريغ الفكرة الإنقاذية التي لازمت صورة الرئيس المنتخَب في عيون مريديه، وتيئيس هؤلاء، واللبنانيين جميعاً، من إمكان الخلاص. يعني تالياً: استحالة الإصلاح والتغيير. ماذا سيفعل هؤلاء الذين “صنعوا” الرئيس، وخصوصاً “حزب الله”، و”التيّار الوطني الحر”، و”تيار المستقبل”، و… “حزب القوّات اللبنانية”؟
لو كنتُ محلّ رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف تأليف الحكومة – أعوذ بالله من هذا الافتراض – لبادرتُ فوراً إلى تأليف حكومة من أهل النزاهة التاريخيين ومن حرّاس المجتمع المدني، ولذهبتُ بها إلى مجلس النواب طالباً الثقة، ومطالباً في الآن نفسه بإعطاء هذه الحكومة صلاحيات استثنائية تخوّلها تطهير الإدارة ووقف الإهدار وحفظ المال العام من النهب وتيسير شؤون المواطنين وإنجاز الموازنة وإقرار قانون ديموقراطي للانتخاب. الرئيس هل يتجاسر فيخطو هذه الخطوة التاريخية غير المسبوقة؟