إيران في فيينا.. سبب وجيه لحضورها
خيرالله خيرالله/المستقبل/04 تشرين الثاني/15
قبل صدور نتائج الانتخابات التركية التي تشكّل ضربة ذات طابع شخصي لبشّار الأسد، كان لقاء فيينا المخصّص لسوريا الذي جمع سبعة عشر وزيرا للخارجية، بمن في ذلك الوزير الإيراني محمد جواد ظريف، مليئاً بالدلالات. جاءت اهمّية اللقاء اوّلا من غياب النظام السوري. هذا يؤكد ان مستقبل سوريا بات يبحث في معزل عن النظام الذي جلس رئيسه، قبل فترة قصيرة، امام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كالتلميذ امام المعلّم. من الدلائل الأخرى المهمّة التي ظهرت من خلال لقاء فيينا الحضور الإيراني. تسعى إيران، التي بدأت تلوّح بمقاطعة اللقاءات المقبلة، تمارس لعبتها المفضّلة التي اسمها الإبتزاز. لا تعرف إيران ان لعبتها مكشوفة، خصوصا بعدما صار المسؤولون في طهران يعتقدون انّهم اقرب الى الإدارة الأميركية من دول مجلس التعاون الخليجي، وان هذا التقارب مع واشنطن اكثر من كاف للحصول على دور اقليمي يوازي الدور الإسرائيلي.
تدرك إيران انها لم تستطع تحقيق طموحها المتمثّل في المجيء الى فيينا، الّا بغطاء اميركي، وبعدما صار النظام السوري اسير موسكو ورغباتها واستراتيجيتها البعيدة المدى. تراهن موسكو بوضوح على ما بقي من مؤسسات الدولة السورية، خصوصا على الجيش والضباط العلويين، لكنّها قد لا تكون متمسّكة بشخص بشّار الى ما لا نهاية… هل هذه نقطة التقاء مع طهران ام نقطة اختلاف معها؟. لم يعد سرّا ان روسيا تدخّلت عسكرياً في سوريا من اجل انقاذ إيران التي اكتشفت انّها عاجزة عن ايقاف بشّار الأسد على رجليه. تورّطت إيران وميليشياتها المذهبية في سوريا منذ اندلاع الثورة الشعبية في آذار 2011.
كان التدخل الإيراني بشكل غير مباشر في البداية قبل ان يصبح هذا التدخل مفضوحا، خصوصاً مع مقتل جنرالات من «الحرس الثوري» دفاعاً عن النظام العلوي الذي ورثه بشّار الأسد عن والده. هذا النظام الذي تحوّل مع الوقت الى نظام عائلي مرتبط مباشرة بإيران اكثر من ايّ شيء آخر، فيما بقيت المؤسسات التقليدية للدولة، بما في ذلك قطاعات في الجيش والاجهزة الأمنية على علاقات عميقة بموسكو… علاقة يمكن وصفها بالتاريخية. دخلت روسيا طرفاً مباشراً في الحرب على الشعب السوري بعدما اكتشفت ان إيران عاجزة عن انقاذ نظام سلّمها كلّ شيء. سلّمها سوريا وسلّمها لبنان. حلّت الوصاية الإيرانية مكان الوصاية الإيرانية ـ السورية على لبنان نتيجة مغامرة مشتركة استهدفت التخلّص من الرئيس رفيق الحريري في شباط من العام 2005. عاجلا ام آجلا، سيحلّ وقت الحسابات المختلفة في سوريا. هل في استطاعة روسيا، التي تعاني من ازمات داخلية مستفحلة، حماية بشّار الأسد ونظامه؟. هل يكون حظ روسيا في سوريا افضل من حظ إيران؟. ترافق الإجتماع المنعقد في فيينا مع تصعيد عسكري روسي على الأرض في كلّ الاتجاهات، خصوصا في محيط دمشق حيث تعرّضت دوما لمجزرة ذهب ضحيتها العشرات. شمل التصعيد درعا والجولان وحلب وادلب. كان الهدف تأكيد عمق التنسيق الروسي ـ الإسرائيلي في سوريا ومدى حرص اسرائيل على نظام بشّار.
ليالي فيينا لن ترى فجر الحلول
إيلـي فــواز/لبنان الآن/04 تشرين الأول/15
يبدو واضحاً للمتابع أن اجتماعات فيينا للبحث عن مخارج للأزمة السورية في مكان، بينما نيّات المجتمعين في مكان آخر تماماً. الجديد هو وجود إيران على طاولة الحل بدعوة أميركية، فيما قواتها العسكرية وميليشياتها من حزب الله وغيره يشنّون على الأرض هجومات برية واسعة مع قوات بشار الأسد وبمساندة الطيران الحربي الروسي. نجح الروس ومن معهم في ترسيخ فكرة أولوية محاربة الإرهاب في سوريا لدى الرأي العام العالمي، وذلك قبل البحث عن أي مسأله، بما في ذلك تغيير النظام وإسقاط الأسد كونه حسب المزاعم الروسية أساسياً في انجاح هذه الحرب.
فيما استطاع الرئيس الاميركي باراك اوباما جعل إيران شريكة في حل معضلات الشرق الاوسط، وفي المعضلة السورية تحديداً من خلال دعوته لوزير خارجيتها محمد جواد ظريف حضور اجتماعات فيينا. بالفعل كان تصريح نائب وزير الخارجية الايراني عبد اللهيان بعد اجتماعات فيينا معبّراً في هذا الاتجاه الأميركي الجديد بإدخال إيران شريكة بحلول أزمة تساهم في اشعالها. فعبد اللهيان بالإضافة الى تهديده بانسحاب بلاده من الاجتماعات إن لم تكن بنّاءة متّهماً المملكة العربية السعودية بعرقلة الحلول كافة، رأى أن كل الاجتماعات التي عقدت في السنوات الخمسة الأخيرة فشلت في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بسبب غياب إيران عنها. على كل الاحوال التقت الرغبتان الاميركية والروسية في تحديد ادوارهما في الشرق الاوسط. فالاولى تريد القيادة من الخلف، اي بكلام آخر الانسحاب من المسارح الشرق الأوسطية، والأخيرة لا تعارض أن تكون هي في المقدمة على أساس محاربة الارهاب. وبالتأكيد تلتقي الدولتان على اعطاء دور إيراني بارز في سوريا والمنطقة عموما. وهذا الإتجاه تحديداً غيّر أولويات المجتمعين في فيينا مع دخول الثورة السورية عامها الخامس، فمن رحيل الأسد الى محاربة الإرهاب، ومن تغيير النظام في سوريا الى حل سياسي يبقي على حظوظ الرئيس السوري في الترشح قائمة. مصير الرئيس الأسد حسب تصريحات القيادات الروسية لن يبتّ به قبل إعلان لحظة الانتصار على الإرهاب. وهذا الامر لم يعد يزعج الغرب العالق في مشكلة النازحين. لا يبدو ان مفاوضات فيينا ستنتج اتفاقاً ما يخطو قدماً نحو حل الازمة السورية. فروسيا واضحة في خياراتها، اذ تدخل المنطقة من عنوان محاربة الإرهاب، ولكن عملياً تسعى للمحافظة على حلفائها فيها.
الايرانيون يسعون الى تدعيم الهلال الشيعي المتهالك، وذلك لا يمكن ان يتم الا باستمرار الاسد، وهم كانوا استبقوا اجتماعات فيينا بالتأكيد وفق تصريحات مسؤوليها ان الجمهورية الإسلامية لن تغيّر من سياستها الداعمة لسوريا، مؤكدين أن أحداً لن يستطيع تجاوز الرئيس السوري في العملية السياسية.
اما اهتمامات الولايات المتحدة الأميركية فتنحصر في مسألة محاربة الدولة الاسلامية من الدون السعي الجدي لدعم شريك على الارض يستطيع من ناحية هزيمة القوة المتطرفة ومن ناحية ثانية اسقاط الاسد، وهي بذلك تكون تسلّم سوريا لإيران وروسيا. فإدارة الرئيس اوباما لم يعد عندها عقدة في رؤية الرئيس الأسد يلعب دوراً سياسياً في المدة الانتقالية المطروحة من قبل الروس. وحدها دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، كما تركيا، تسعى وراء هدف محدد ألا وهو اسقاط نظام الاسد، لمعرفتها بكل ما يمكن ان يترتب عليه هذا السقوط على نفوذ إيران في المنطقة. من هنا يسعى الروس والإيرانيون في مؤتمر فيينا برضى أميركي إلى إهداء انتصار سياسي للرئيس الاسد عجز عن تحقيقه في الحرب. ما يعني أنه في المضمون هناك اتجاه لتثبيت منطقة نفوذ علوّية تمهّد ربما في المستقبل لتقسيم سوريا الى دويلات طائفية وإثنية. فالبنود التسعة التي ولّدتها المجموعة الدولية تذهب في هذا الاتجاه. ىسيكون من الصعب تصور نجاح اجتماعات فيينا في استيلاد حلول للازمة السورية على وقع املاءات روسيا وإيران لعدة أسباب، منها رفض أردني وإسرائيلي لتواجد مناطق نفوذ ايرانية على حدودهما، لما يشكله من خطر على الأمن القومي للدولتين. بالاضافة الى رفض تركيا فكرة تقسيم سوريا وإقامة دولية كردية على حدودها. كما سيكون أيضاً من الصعب إقناع الثوار السوريين الانخراط بمؤسسات يسيطر عليها الأسد ورجالاته بحجة الحفاظ على الدولة، أو القبول بالعرض الروسي الذي يعطي الأسد ليس فقط حق الترشح للرئاسة السورية بعد الفترة الانتقالية إنما سلطات تنفيذية وعسكرية في تلك الفترة بالذات بحجة محاكاة مخاوف الأقلية العلوية وحمايتها، متناسين أن الأسد هو المسؤول المباشر عن قتل أكثر من نصف مليون سوري وتهجير أكثر من عشرة ملايين وهذا ما يعتبر اكبر كارثة انسانية في عصرنا. لذا من المنطقي القول إن أي اتفاق لا يلحظ انسحاب كل القوى العسكرية والميليشيات الأجنبية عن الأرض السورية بالإضافة إلى دعم الجيش السوري الحر بشكل يخوله السيطرة على الارض، وفي السياق السياسي تغيير النظام بشكل جذري ورحيل الاسد، لن يجدي نفعاً، بل هو دعوة الى استمرار الحرب السورية بشكل أو بآخر.
مصير الأسد» يفجّر الخلاف بين ايران وروسيا
فايزة دياب/جنوبية/ 4 نوفمبر، 2015
تصريح إيراني مفاجىء ولافت ضدّ الحليف المفترض لمحور الممانعة، الحليف الروسي الذي دخل مؤخرًا المستنقع العسكري في سوريا لمساندة نظام بشار الأسد، ولكن بحسب تصريح المسؤول الإيراني أنّ التدخل الروسي في سوريا ليس حفاظًا على نظام الأسد كما تفعل إيران بل من أجل مصالحها الخاصّة.
يبدو أنّ أنباء تضارب المصالح بين الطرفين الروسي والإيراني في سوريا بدأت تخرج إلى العلن، وهذا ما ظهر في التصريح الأخير للقائد العام للحرس الثوري الإيراني محمد علي الجعفري، الذي شكك في موقف موسكو تجاه مستقبل بشار الأسد، متهماً روسيا بالبحث عن مصالحها في سوريا.
جعفري اعتبر أن روسيا التي جاءت أخيراً إلى سوريا للدعم العسكري، تبحث عن مصالحها، ولا يهمها بقاء الأسد كما تفعل إيران. وأضاف: «روسيا موجودة هناك الآن وربما تكون مجبرة على البقاء لأسباب أخرى».
إذًا يبدو أن العلاقة بين الطرفين الروسي والايراني بدأت بالتوتر، وواضح أن مؤتمر فيينا (1) قد أقر الفترة الزمنية لبقاء بشار الأسد على رأس النظام السوري كما تقول العديد من وسائل الاعلام العربية والغربية، وهذا ما وصل إلى مسامع ايران عند مشاركتها في فيينا (2) الاسبوع الماضي، ويبدو أن استدعاء الأخيرة لهذا المؤتمر هو لإعلامها بالمقررات وضمان تنفيذها، وهذا دليل على استلام الروس للورقة السورية خصوصًا بعد ذهاب قائد قيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني إلى موسكو، والذي ناشد خلالها الرئيس الروسي فلاديمر بوتين إنقاذ نظام الأسد الذي بدأ يتداعى خصوصًا بعدما ظهر الفشل الايراني في مساندة النظام حتى النهاية، مع ارتفاع منسوب الخسائر البشرية للحرس الثوري الايراني، وبداية انهيار الجيش السوري على أكثر من جبهة خصوصا جهة جبهة اللاذقية الخطيرة على معقل الأسد، وكذلك توقف زخم انتصارات حزب الله في سوريا وتحولها الى هزائم مع فقدانه للمئات من مقاتليه وكوادره، وعجزه الميداني الذي ظهر في الزبداني في عدم قدرته على السطرة عليها بعد ثلاثة أشهر من مهاجمتها دون جدوى… لقمان سليموتعليقًا على هذا التصريح قال مدير مركز “أمم” للأبحاث والتوثيق لقمان سليم لـ”جنوبية” أنّ «هذا التصريح جاء بعد مؤتمر فيينا الذي عقد كإخراج للأزمة السورية، ويبدو أن هناك إرادة دولية، لذلك جمع مؤتمر فيينا جميع التناقضات على طاولة واحدة لكي يحدّد دور كل دولة في الحلّ والتنازلات المطلوبة منها». وأضاف سليم «من الواضح جدًا أنّ روسيا ليست لديها أيّة مشكلة بالتخلي عن بشار الأسد عندما يحين الوقت وشطبه من المعادلة السورية. وفي الأشهر الماضية وقبل التدخل العسكري الروسي في سوريا، كان هناك مسعىً روسيّاً لتشكيل قيادة بديلة عن قيادة الأسد، وخير دليل على ذلك رحلة بشار الأسد إلى موسكو والتي كان وحيدًا فيها، حتّى أنّ كل الصور التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمر بوتين في موسكو كانت ثنائية لا ثالث لهما، وكان واضحًا أن هذه الرحلة كانت بمثابة التحضير للمرحلة الجديدة».
وتابع «المصالح الإيرانية تختلف عن المصالح الروسية، فالإيراني يرى في بشار الأسد مؤسس الدولة السورية ويجب بقاءه على رأس النظام، أمّا الروسي فكان واضحًا أنّ لا مشكلة لديه في التفاوض على الأسد». وشرح سليم ان «التباين يتضح بين الروسي والإيراني في التفاهم العسكري الروسي الاسرائيلي، فهناك وعود روسية لإسرائيل خصوصًا فيما يتعلق بالتمدّد الايراني وحزب الله في سوريا، ولكن يبدو أن روسيا لم تستطع تنفيذ هذه الوعود والدليل الغارة الاسرائيلية الأخيرة السبت الماضي على سوريا». ورأى سليم أنّ «كل هذه المؤشرات وغيرها حوّلت الإشكال الصامت بين روسيا وايران الى اشتباك كلامي وذلك بسبب مصير النظام الذي يرأسه بشار الأسد». وعن امكانية تطور الخلاف بين روسيا وايران خلص سليم في النهاية الى القول «طالما أن الحرب السورية مستمرة سيبقى الاشتباك موضعي، فالمصالح المشتركة بين الطرفين ستغلب على الخلافات. وسيلجأ الطرفان الايراني والروسي الى اعادة تصويب العلاقات بينهم».