الإنتداب هو الحل
عماد موسى/ 4 نوفمبر، 2015
قبل أيام خطر على بالي هذا السؤال الوجيه: كيف لحكومة عاجزة عن إدارة قطاع “الزبالة” أن تدير ثروة نفطية مختزنة في مياهنا الإقليمية؟
يمكن للحكومة أن تدير لعبة روليت، يمكنها أن تدير ظهرها للحائط. يمكنها أن تدير الدين العام حتى يكبر، يمكنها أن تدير “الدينة الطرشا”.
يمكنها أن تدير بالها على الولاد إلى حين عودة الوالدة من الشوبينغ. أكثر من ذلك لا تطلبوا منها، إنها وبشهادة وزرائها حكومة فاشلة.
لا بأس، الفشل ليس نهاية العالم، لقد فشلتُ مراراً في توجيه ضربة قاضية إلى سحنة مايك تايسون ولم أتوقف. كما فشلت بإيقاع مونيكا بيلوتشي في شباكي بعد محاولات ومطاردات دامت عقدين وتابعت. كما أن الفشل ليس قدراً، المهم ألا تستسلم الحكومات اللبنانية وألا تُصاب بالقنوط.
مسلسل الفشل في لبنان طويل.
فشلت الدولة اللبنانية “حكومة ومجلس نواب” على مدى ربع قرن، في إنجاز إنتخابات رئاسية طبيعية من دون مساعدة صديق.
فشل صانعو الحكومات في العثور على وزير خارجية من عيار فؤاد بطرس، فاكتفوا بالموجود.
النظام اللبناني
فشلت الحكومات في “تبليع” نصف اللبنانيين معادلة جيش وشعب ومقاومة، “لا بالمنيح بلعوها ولا بالوحيش بلعوها”.
فشلت في بسط سلطتها على الجبل الرفيع والعريض وعلى الكاراجات المقابلة لمركز المعاينة الميكانيكية في الحدث.
فشلت بالتاريخ والجغرافيا والفيزياء.
فشلت في تصريف الزيتون والتفاح والبطاطا والأكي دنيا والـframboise.
فشلت في المكننة والعصرنة.
فشلت في ترسيم الحدود مع الشقيق والعدو وفي حمايتها.
فشلت بتشغيل طائرة واحدة لمواجهة حرائق الصيف، الطائرة موجودة، النية موجودة، “بس ناقصنا قطعة غيار.”
فشلت في تنظيم موقف الدورة وشغل الفانات، هذا الأمر الدقيق يتطلب خطة ممرحلة على 75 سنة.
فشلت بمعالجة الإعتداء على الأملاك البحرية والبرية… والجوية.
فشلت “بقرص دينة” سفير مثل سعادة سفير النظام السوري علي عبد الكريم علي.
فشلت في تحديث قوانين تأليف الأحزاب والجمعيات.
فشلت في رص الصفوف والنمّورة وحلاوة الجبن.
فشلت في امتحانات الدخول وامتحانات آخر سنة وفي الحصول على إفادة.
فشلت في الخروج من المستنقع.
فشلت في تفسير المادة 49 من الدستور.
فشلت في سياسة المحاور. وفشلت في تحييد لبنان.
فشلت بمنع النش.
فشلت الدولة في بناء مؤسسات دولة.
أعزائي إياكم واليأس. على الرغم من ان الحل موجود، وهو طلب وصاية أجنبية، وهذه المرة حذار استجلاب وصاية عربية أو لا سمح الله وصاية إيرانية أو روسية نبيه بريأو تركية أو مصرية.
يجب على تمام بك ومن موقع الحرص على لبنان ومصالحه أن يتشاور مع دولة الرئيس نبيه بري ويتوجهان معا عند العم “بان” في نيويورك لحثّه على وضع لبنان مجدداً تحت سلطة الإنتداب. ونقترح وضع لبنان تحت حكم التاج الدانمركي كارل، أو تحت حكم مملكة السويد، فنقدم الولاء لصاحب السمو الملكي كارل السادس عشر غوستاف.
وفي خلال 50 سنة بيصير عنا طلال الثامن عشر إرسلان، والبرنس الخازني الثالث عشر، وولي العهد الملكي نبيهاتو دو برِي، وإذا بتستلم ولية عهد هولندا كاتارينا أماليا مقاليد الحكم في لبنان إلى أن ينتخب النواب رئيساً للجمهورية بمواصفات عالمية، ما حدا بيقول لأ!
إيران بلا عمق اجتماعي سوري في لحظة فيينا
علي الأمين/العرب/03 تشرين الثاني/15
عشرات المليارات من الدولارات التي استثمرت فيها إيران داخل سوريا لم تحقق لها قدرة على اختراق واحد من المكونات السورية، ولم يوفر لها القتال، واستجلاب مقاتلين مرتزقة للدفاع عن سلطة الرئيس بشار الأسد، الحظوة لدى الطائفة العلوية، وهي تشكل القاعدة الأساس التي يستند إليها النظام الحاكم في سوريا. ورغم مشاركة إيران في مشاورات فيينا الثانية حول سوريا بدعوة أميركية، فإن عدم دعوتها إلى المشاورات الأولى في فيينا والتي ضمت موسكو وواشنطن والرياض وأنقرة، لم تلق أيّ اعتراض أو شعور بغبن لدى المتقاتلين في سوريا سواء كان القتال بين المكونات السورية الطائفية والعرقية، أو كان الصراع بين النظام ومعارضيه. للمراقب أن يلاحظ أن إيران التي نجحت في اختراق العديد من الدول العربية، قد حققت ذلك من خلال نفوذها المذهبي، واستندت في عملية الاختراق هذه، إلى جانب واقع ضعف بنية الدولة في العراق ولبنان واليمن، إلى سلاح التعبئة المذهبية. ووفرت العدة الأيديولوجية التي تمثلها ولاية الفقيه السبيل من أجل ترسيخ هذا النفوذ الذي قام، بالضرورة، على تعميق الشروخ المذهبية والطائفية.
وترافق مع معادلة ثابتة هي أن نفوذ إيران في الدول العربية يجب أن يلازمه المزيد من ضعف الدولة وانهيار الإجماع الوطني، فشرط قوة النفوذ الإيراني، جَعْلُ الدولة مشروعا غير قابل للتحقق.
في الميدان السوري ليس لدى إيران، بسبب عدتها الأيديولوجية المذهبية، القدرة على اختراق المكونات السورية. وهي قد حققت علاقات وتحالفات مع رمز النظام وبعض أجهزته الأمنية، فيما العدة المذهبية الإيرانية الفتاكة في العراق ولبنان على سبيل المثال لم تحقق لإيران سوى العزلة الاجتماعية في سوريا. وشعارات “لن تسبى زينب مرتين”، أو استجلاب المقاتلين من خارج إيران بعنوان مذهبي، والاستماتة في الدفاع عن رمز النظام السوري في مواجهة مطالب الإصلاح والتغيير، فاقمت من مأزق إيران في سوريا. قد يقول علي خامنئي، إنني أستطيع أن أتحكم في خيارات الشيعة في العالم العربي، لكنه بالتأكيد عاجز عن القول: أستطيع أن أتحكم في خيار مكون سوري.
حديثنا عن المكونات السورية سببه أن خيمة الممانعة وهلالها، اللذين طالما استخدمتهما إيران لمد نفوذها، قد هَويَا مع التدخل الروسي نهائيا. ومع إبرام التفاهمات الإسرائيلية-الروسية في الميدان السوري، تلك التي وفّرت الغطاء لمقاتلي الجيش السوري والحرس الثوري وحزب الله في قتالهم “المجموعات الإرهابية” الممانعة، لم تعد العنوان الذي يرفعه النظام السوري وحلفاؤه في مواجهة المعارضة وحلفائها، بل العنوان هو الحرب على الإرهاب.
وفي كواليس المشاورات، التي تجري بين الأطراف الإقليمية والدولية حول الحلول في سوريا، تجاوز الواقع سؤال: أين موقع سوريا في مواجهة إسرائيل؟ إلى البحث في حماية الطائفة العلوية وغيرها من الأقليات، وإلى كيفية المحافظة على هيكل الدولة ومؤسساتها في أي تسوية تفترض مرحلة انتقالية.
لكن الاندفاع نحو شيطنة المملكة العربية السعودية، ومن الساحة اللبنانية، وعبر حزب الله، المترافق مع صمت مريب وغير مسبوق في حدود ما عودنا عليه حزب الله عن نصرة القدس والانتفاضة الفلسطينية، كل هذا فتح الباب أمام محاولة إيرانية لبناء تفاهمات مع إسرائيل قد يكون منها الحديث الذي يتكرر عن لعب إيران دورا في تمديد القرار 1701 فعليا من الحدود اللبنانية وحدود فلسطين المحتلة، نحو حدود سوريا مع الجولان المحتل. إذ تستطيع إيران أن تفتخر أمام المجتمع الدولي بأنها هي من يستطيع حماية الاستقرار مع إسرائيل لجهة لبنان وهي التي يمكن أن تكرر النموذج على حدود الجولان أيضا، طمعا في تثبيت دور لها في الجنوب السوري. وهذه المرة ثمة وصلة روسية قادرة أن توفر الضمانات للطرفين. تأتي هذه المحاولة بعدما حاولت السياسة الإيرانية خلال السنتين الأخيرتين تقديم نفسها كدولة قادرة على أن تشكل ضمانة للأقليات السورية، واستثمرت عبر قيادات مسيحية لبنانية في هذا المسار.
لكن الوقائع الميدانية في سوريا أظهرت أن إيران لم تستطع أن توفر مثل هذه الضمانات، إذ لم تنجح إيران، رغم كل ما قدمته دعما لسلطة الأسد، في إحداث نفوذ لها داخل الطائفة العلوية فيما الأقليات المسيحية أو الدرزية والكردية لم تجد في إيران ضمانة أو مصدر اطمئنان.
بين الخيار الإيراني أو الروسي، اندفع النظام بخلفيته العلوية نحو روسيا، ولم تكن الكنيسة الأرثوذوكسية في المشرق أقلّ حماسة للدور الروسي المستجد. فإيران ليست لديها فرصة اختراق في المشهد السوري من داخل المكونات السورية. فرص النفوذ تراجعت لتصبح أوراقا في الملف الروسي في أحسن الأحوال، حتى مع الجانب الإسرائيلي. من هنا بدا محور المملكة العربية السعودية وقطر، في سوريا، سواء في خطاب حماية السنّة، أو في محاولة بلورته خطابا عربيا في مقابل الخطاب الإيراني، قد نجح في التوغل داخل المكون الاجتماعي السني السوري.
الرياض والدوحة وحتى أنقرة لم تضطر إلى إرسال جنودها كما فعلت إيران، بل استندت إلى قوى سورية، وهذا ما سمح لهذه العواصم بأن تكون أكثر تأثيرا من إيران في الميدان السياسي والعسكري السوريين. بينما الاستثمار الإيراني في الأسد خلص إلى جيب فلاديمير بوتين.
حزب الله وإسرائيل: «رفاق السلاح» الروسي
علي الأمين/جنوبية/2 نوفمبر، 2015
لم يعترض النظام السوري على التنسيق الروسي – الاسرائيلي بشأن الضربات الجوية الروسية في سورية لمساندة نظام الأسد، ولم تجد إيران واذرعها في سورية ما يشير الى استيائها من هذا التنسيق. إذا كان الصمت دليل الرضى، فيمكن اعتبار إن النظام السوري وحزب الله موافقان على هذه المعادلة التي نسفت مقولة الممانعة من جذورها. لم تعترض الطائرات الروسية طائرات العدو الاسرائيلي حين قامت ليل الأحد بقصف قواعد عسكرية تابعة للجيش السوري في منطقة القلمون السورية. لا شك ان ضابطي التنسيق الروسي في اللاذقية والاسرائيلي في تل أبيب، تحادثا عبر الخط الساخن قبل انطلاق الطائرات الاسرائيلية باتجاه القلمون، كما كان الحال عندما قامت الطائرات الروسية بقصف مواقع للمعارضين السوريين في القنيطرة على حدود الجولان المحتل يومي الجمعة والسبت. إذ ليس من أدنى شك أن عمليات القصف الروسية هذه كانت أُبلغت اسرائيل روسيا مسبقا بحصولها. تكشف هذه الوقائع حتى اليوم أن التنسيق السوري الروسي في سورية لا يخل بحسابات اسرائيل الأمنية. بل كل المعلومات التي تسربت، من لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، تقاطعت عند حقيقة إن الحملة الجوية الروسية العسكرية في سورية لم تستفز اسرائيل، وان تنسيقا يجري بين الطرفين لمنع وقوع أي خطأ خلال تنفيذ العمليات، سواء المتعلقة بأمن اسرائيل أو بالمهمة العسكرية الروسية.
لم يعترض النظام السوري على هذا التنسيق، ولم تجد إيران واذرعها في سورية ما يشير الى استيائها من هذا التنسيق. إذا كان الصمت دليل الرضى، فيمكن اعتبار إن النظام السوري وحزب الله موافقان على هذه المعادلة التي نسفت مقولة الممانعة من جذورها بعدما تحولت اسرائيل عمليا الى طرف شريك في الحرب على الارهاب التي تقودها روسيا في سورية. على أن ما يعزز من انقلاب معادلة الصراع من مشروع أميركي صهيوني لاسقاط النظام السوري وإسقاط الحلقة السورية في الهلال الايراني الممانع، الى مشروع آخر هو الحرب على الارهاب وحماية الاقليات في سورية، هو اصرار الادارة الاميركية على مشاركة ايران في مباحثات فيينا الثانية. هذا رغم اعتراض السعودية على مشاركتها، لا بل اكثر من ذلك اللاّفت أن الدعوة جاءت من واشنطن، ولم تأت من موسكو. واشنطن تبدو متمسكة بدور طهران في أي مشروع تسوية سورية، الى حدّ رفض مطلب حلفائها باستثنائها من المشاركة في مشاورات فيينا، وربما لمنع روسيا من الاستفراد بمقعد المتحدث باسم النظام السوري أو الرئيس بشار الأسد، لكن ذلك لا يقلل من شأن الاهتمام الاميركي بضرورة وجود ايران على الطاولة السورية. وبالتالي يترجم هذا الخيار مساراً من بناء الثقة التي جرى التأسيس لها في ملفات عدة ابرزها الاتفاق النووي. القبول بإيران، يترافق مع التزام ايراني بعدم الخروج عن مدونة السلوك التي يأتي في مقدمها احترام امن اسرائيل، والاقرار العملي بمتطلبات الأمن الاسرائيلي على حدودها لا سيما في الجانب السوري. ولكن ما معنى قيام اسرائيل بتوجيه ضربة الى القاعدة السورية في القلمون، وسط كلام عن علاقة حزب الله بهذه القاعدة التي تضم سلاحا استراتيجيا؟ المصادر المتابعة للشأن الاسرائيلي تشير الى ان تل أبيب تحاول من خلال هذه الغارة الجوية التأكيد على ما تعتبره حقوقاً امنية اسرائيلية، لا يخلّ بها النشاط الروسي العسكري في هذا البلد من جهة، وهي رسالة اختبار لرد الفعل الايراني من جهة ثانية، وبالتالي ردود حزب الله، حيال مثل هذه الغارات… خصوصا في اعقاب المعادلة السورية الجديدة منذ التدخل الروسي الى مشاورات فيينا. وفي هذا السياق تريد اسرائيل من جانبها القول ان السلوك الايراني الهادئ، وعدم انفعال حزب الله حيال التطورات الفلسطينية الداخلية، ليست كافية بذاتها. بحيث لا يمكن في الحساب الاسرائيلي تحييد ما تعتبره خطرا محتملا على ارضها، من سلاح استراتيجي يمكن ان يقع في “ايد طائشة” في ظل عدم استتباب الاوضاع في سورية. بهذا المعنى يمكن ملاحظة ان الميدان السوري لا تنطبق عليه الضمانات التي تلقتها اسرائيل حيال عدم توجيه سلاح حزب الله الاستراتيجي ضدها، ما لم تبدأ هي بعمل عدواني في لبنان وضده.