السرقة بالجرم المشهود!
عقل العويط/النهار/19 أيلول2015
لو طُلِب إليكَ أن تكتب إلى قارئ “آخر”، لبناني، أو عربي، أو أجنبي، أو حتى إلى قارئكَ الأسبوعي المعهود، مقالاً تشرح فيه أحوال لبنان، فماذا كنتَ لتكتب؟ طرحتُ على نفسي هذا الافتراض، واستجبتُ السؤال، مستدرجاً قلمي إلى ما رأيتُ أن من واجبي أن أكتبه في هذه اللحظة اللبنانية الحاسمة. والحال هذه، فلنعتبر هذا المقال رسالةً أوجّهها من بيروت إلى قارئ “آخر”. والمقال هو، في الغالب الأعمّ، على طريقة المثل الذي يقول، أخاطب الجارة لكي تسمع الكنّة!
أكتب إليكَ من بيروت. من لبنان طبعاً. مشتاقون، لكن ليس من لزوم للحديث عن الأشواق، فهي من تحصيل الحاصل. كان في ودّي أن أدعوكّ إلى المجيء، لتمضية بعض الأيام في ضيافتي الشخصية، غير أنني مُحجمٌ عن ذلك لأسبابٍ شتى، أكثرها متصلٌ بالحال العامة. أعرف أنكَ لم تعد مهتماً بالعودة، بعد ابتسام الدهر لكَ، حيث أنتَ. حسناً تفعل. من جهتي أيضاً، ليس عندي ما يحملني على زحزحة اقتناعاتك، وتغيير مشاريعكَ. سأقول لكَ باختصار شديد، إن لبنان الذي درسناه في الكتب، وتنشّأنا على صوره ورموزه، قد انتهى، علماً أنني لا أتحمّل، ولا أصدّق، أنه قد يكون انتهى إلى غير رجعة.
هذا الذي كان يوصف في ما مضى من أيام وأزمنة، بأنه أرض البخور واللبان، وبأنه شرفة الجمال الأرضي، قد صار، على أيدي خلاّنه وأعدائه في الداخل والخارج، أرضاً للخراب والبشاعة ولنعيق البوم. لولا أن المنفى جميل، لكنتُ وصفتُ لكَ لبنان بالمنفى. ولولا أن الغربة مستحَبّة، وكذا أقول عن الموت، لكنتُ وصفتُه بهما. لكن الوصف بهما قليل، وهو لا يفي بالغرض.
كيف أصفه لكَ، ليكون الوصف شفّافاً وقريباً من واقع الحال. لو عدتُ إلى دانتي وجحيمه، لما وصفتُ لبنان بالجحيم، لئلاّ أظلم أدب الجحيم وعبقريته. أأصفه بأهله أم أصفه بطوائفه؟ أيُستحسن أن أعرض صور قادته وزعمائه المجتمعين في جلسة حوار، أم يجب أن ألتقط صورةً دلالية له من خلف زحمة سير، أو من وراء جبل من جبال زبالاته المتناثرة في الأمكنة؟ ربما أصفه بالذلّ الذي يملأ نفوس أبنائه ممّن يشعرون بالمرارة والخيبة والانكسار، لأنهم لا يستطيعون أن يُحدثوا تغييراً جليلاً، يفتح باباً للأمل. لكنّ الذلّ هذا، قد يكون أقلّ مما هو عليه واقع الحال.
لا أريد أن أكون متشائماً مئة في المئة. لذا أُعلِمكَ بأن شيئاً يشبه الفجر أشرق علينا منذ أسابيع. أشبّهه بالفجر المعوكر والملتبس، لأنه أقرب إلى مخاض، متمثلاً في تظاهرات الشبّان والشابات الذين خرجوا على الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات والميليشيات والزعران، وقوى الأمر الواقع، مطالبين بالحياة وكرامة الوجود والعيش في دولة الحقّ والعدل والقانون والإنسان المدني الفرد، والعلمنة.
لا أخفيكَ أنه ينقص هؤلاء الشبّان والشابات الكثير الكثير من الحكمة والحنكة، لتجنّب الانزلاق في ما يفضي إلى عكس الغاية المرجوّة منه. لكن هذا طبيعيّ. فهؤلاء ينتفضون كما ينتفض الماء المتفجر من باطن الينابيع، حاملاً معه الكثير من الحصى والشوائب. ما يجب أن ألفتكَ إليه في هذا الصدد، وأن تخاف منه، لا هفوات الحراك المدني هذا، بل كيف أن المنتهزين والوصوليين والمهترئين والفاسدين وراكبي الموجات – وبعضهم من أهل “اليسار والممانعة والإصلاح والتحرير والتغيير” – خرجوا على أعصابهم، ثم تداركوا أنفسهم ممعنين في تخريب المشهد الرائع، لجعله، أشبه ما يكون، بنتانتهم وروائحهم وترهلهم وعفنهم وزبانيتهم. هؤلاء الشباب، على رغم انفعالاتهم غير المحمودة، وبرامجهم وأهدافهم الرجراجة، هم أملنا، وهذا ما يجب أن أقوله لكَ، لأنني متشبثٌ بالحلم، على الرغم من كل شيء.
كان ينبغي لكَ أن ترى المنتهزين كيف نزلوا إلى الشوارع لكي يلتهموا حراك هؤلاء الشباب، ويصادروه، ويركبوه، ويفسدوا علينا هذا الأمل. وقد نجحوا في ذلك إلى حدّ كبير. كان ينبغي لكَ أن ترى نفاياتهم وجثثهم، وهي تستجلب القطط والغربان. كان ذلك المشهد، أبلغ برهان على تأبيد اليأس من إمكان إصلاح الفساد وعلى عنجهية الطائفية في أحوال الأمر الواقع اللبناني.
أنتَ تعرف أن ليس من حربٍ معلنة في لبنان، وليس ثمة سواتر ومتاريس ظاهرة، ولا عمليات خطف منهجية منظّمة على الطرق، وبين المناطق. ثمة عيّنات من هذا كلّه بالتأكيد، للقول إن الحرب هي دائماً على الباب، يا عزيزي. وليس من شكٍّ في أنها مضمرةٌ أو مستعرةٌ هنا، بوجوهٍ وأشكال وأساليب شتى. حروب اللبنانيين، صغيرةٌ صغيرة، وتعبّر عن هول الانحطاط السياسي والمجتمعي والأخلاقي والقيمي. هل رأيتَ، في الواقع والافتراض، حرباً متصاغرة تشبه حرب النفايات وأسيادها عندنا، أو توازيها، في غرائبيتها؟! أم تراكَ رأيتَ حرباً، كهذه التي تمنع علينا انتخاب رئيس للجمهورية؟ هل ثمة في العالم أجمع، أحزاب وتيارات وزعماء، جرائمهم وموبقاتهم تشبه جرائم هؤلاء الذين يمنعون انتخاب الرئيس، وموبقاتهم؟
قد تسألني متعجباً ومستنكراً لماذا لا أسمّي الأحزاب والتيارات الأخرى وزعماءها؟ معكَ حقّ بالتأكيد. جوابي أن ليس ثمة فيها ما يستحقّ أن أذكره، لأنها طفيلية وليست “خطيرة”، وهي في غيبوبة. أقصد بالطبع أكثرها، لا كلّها.
هذا من جهة حروبنا الداخلية. بعض حروبنا الداخلية فحسب. إذ ثمة الكثير الكثير الكثير منها، مما يعجز عن تعداده المرء في رسالة كهذه، ومما يُشيب الرؤوس. أما من جهة الحروب الأخرى، فثمة هناك، أيها العزيز، حروب العرب والعجم، تجري وقائعها عندنا أيضاً. ثمّ، ألا ترى أننا منشغلون حتى العظم، بالحروب في سوريا والعراق واليمن، وأننا نبذل فيها الغالي والرخيص؟! نشارك في الحروب، كأننا قادرون، كالدول العظمى، على إضرام النيران، وإبقاء لبنان في منأى منها. يا لجرائم المشاركين، ويا لغباء مؤيديهم الموضوعيين! بل أكثر: يا لهم قتلة!
سأقول لكَ باختصار مفجع: إننا لا نعيش! بعضنا يجوع بصمت، وبعضنا يجوع علناً. بعضنا لم يعد قادراً على التحمل والوقوف على رجليه، وبعضنا الآخر يكابر ويعاند من دون جدوى. فهل تريد وصفاً أوضح من هذا الوصف؟! واستنتاجاً أوقح من هذا الاستنتاج؟! نحن لسنا موتى، بالمعنى الفيزيقي للموت، لكننا لا نعيش. نحن جثث تسعى. وهذا يعبّر تقريباً عن المعنى.
إياكَ أن تأخذ كلامي على محمل الصور الشعرية. لو أردتُ أن أراسلكَ شعراً، لكنتُ أرسلتُ إليكَ مخطوطاً جاهزاً للنشر. أكتب بصفتي جثة على قيد الحياة الدنيا. أقصد الحياة الكلبة. خذها مني – هذه الحياة الكلبة – بالطريقة الآتية: لقد رأيتني أمس أتابع جلسة الحوار بين الزعماء اللبنانيين. ورأيتني في الآن نفسه تقريباً، أتابع تفاصيل جلسة مجلس الوزراء. هل يهمّك فعلاً أن تعرف ما خلصت إليه الجلستان المذكورتان؟ لا شيء تقريباً. بيانٌ هنا، وبيانٌ هناك. ونيّات حسنة، بالطبع. أما على الأرض فلا شيء سوى النفايات والجثث، نفايات المجتمعين وجثثهم المتحركة.
يؤسفني أنني أكتب إليكَ بهذه الفظاظة. قد تظنّ أن ثمة ردّ فعل ذاتياً وراء ذلك. لا. ليس من سببٍ شخصي مباشر وراء هذه الفظاظة. فليس من شيمي أن أتطرّق إلى قضية عامة من منطلقات غير موضوعية، أنانية، أو نرجسية. طبعاً، أنا متألم، وموجوع، وعندي من الأسباب الشخصية ما يجعلني أقلب هذا الطاولة، وأكفر بكل شيء. لكني من طينة أولئك “المنقرضين”، أو “شبه المنقرضين”، الذين يأبون التخلّي عن الأمل، والركون إلى الهرب، والتخلي، في عشيات المشهد الأخير.
يربكني أنني لا أجد معنى، يداني وصف الحال في لبنان. ليس من أمل في اليمين، ولا في اليسار، في المسيحيين وفي المسلمين، في الحزبيين والمتحزبين. هؤلاء جميعهم يجب نفضهم عن بكرة أبيهم. لا كرهاً باليمين واليسار، ولا استخفافاً بالمسيحيين والمسلمين، ولا ازدراء بالحزبيين وخلافهم. بل لأن هؤلاء جميعهم جعلونا نكفر بهم، وبما (وبمن) يحتمون وراءه، وبما يستخدمونه من أكباش محارق.
لقد طفح الكيل. صدِّقني، لقد طفح الكيل حقاً. وأراني، كحال الكثيرين من أمثالي، “نهرب” إلى رؤوسنا، وهي الملجأ العظيم، حيث نحاول أن نولد من جديد، مع هؤلاء الذين يولدون في الغضب الأبيض.
لكنّ هؤلاء الذين يبزغون مع الفجر الملتبس، أحبّ أن أظلّ أشبّههم، يا عزيزي، بحقول النعناع والصعتر والياسمين، وبالأرض التي يحفل باطنها بالينابيع. ما أجمل غضبهم. إنهم – “بالقوة” – دواء لبنان.
يمكنني، على رغم الخوف من أخطار تمريغ الحراك المدني، أن أدعوك إلى المجيء. فقط لتحذّر هؤلاء الشباب من أخطار سرقة حراكهم النبيل، ولتشهد بعينيكَ أن في لبنان ما (ومَن) لا يزال يستحقّ العيش بكرامة، وأن هذا الموت الذي نموته، يمكن أن يكون هو بالذات، سبباً للحياة، وللحرية.
“14 آذار” تستسلم لموت التحالف سريرياً
نادين مهروسة/المدن//18 أيلول/15
حتى في بياناتها لم تعد قوى الرابع عشر من آذار حاضرة، تكرار المكرر أقل ما يقال في البيانات التي تصدر عن أمانتها العامة بعيد كل إجتماع اسبوعي، لا موقف واضحاً لديها من الحوار، ولا من التطورات الأخيرة، والامور متروكة لاجتهادات الأعضاء والأفراد والأحزاب، وكأن مجلس الثورة اضمحل، والطموحات أصبحت مضمورة. وإلى جانب الأزمة السياسية التي تعيشها هذه القوى ثمة أزمة مالية كبرى منيت بها، ولا تخفى انعكاساتها وارتداداتها على الأداء ككل. على هامش كل هذه المسببات في ضمور الحركة، فإن الضربة القاسمة لظهرها، هي المنطق الحزبي في التعاطي مع مختلف الامور، وإتجاه الأحزاب من العمل إنطلاقاً من وحدة الصف والمبادئ، إلى العمل على القطعة إزاء كل استحقاق، وهذا العمل غالباً ما يكون خاضعاً للحسابات المصلحية من منظور كل طرف، يبدأ ذلك من الحسابات العددية لكل حزب، على الصعيد الشعبي أو النيابي. حتى في المواقف السياسي فكل طرف من مكونات هذه القوى لديه حساباته التي من خلالها يريد تسليف الخصوم لكسب ودهم في مكان وعطفهم في آخر. تيار “المستقبل” يسلف الجميع باستثناء الحلفاء، سلّف “حزب الله” في الحوار، ورئيس مجلس النواب نبيه بري كذلك، وفي وقت يخوض أشرس معاركه مع رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون، تأتي “القوات اللبنانية” لتسلفه “إعلان النوايا”، فيما يلعب “الكتائب” على الحبال، تارة يغازل “حزب الله”، وأخرى يلوح برفع دعوى قضائية بوجه “المستقبل” متهماً إياه بالفساد. تصاب قوى “14 آذار” بالتضعضع والضياع، حتى على طاولة الحوار: كل يحاور من منطلقه الشخصي والمصلحي فيما اختارت “القوات” المقاطعة. أين هي قوى الرابع عشر من آذار من كل ما يجري؟ يقول منسق الأمانة العامة لهذه القوى فارس سعيد لـ”المدن” إنهم “حاضرون دائماً على طاولة الحوار ومرحبون بكل التشاورات والحوارات وذلك لضروريتها خصوصاً في ظل ما يحدث على الساحة اللبنانية”، مؤكداً أنهم “ممثلون في الحوارات التي تنعقد عبر الأحزاب التي حضرت إلى طاولة الحوار”. شيء من الضياع يسود هنا، وعلى الرغم من الإيمان باهمية الحوار في هذه المرحلة، يعتبر سعيد أنه “لن يصل إلى تحقيق أهداف ونتائج واضحة ومصيرية. لكنها مهمة لأنها لا تتجاهل الأزمات السياسية العالقة المتمثلة بضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية ثم تشكيل الحكومة، فقانون إنتخاب وبعدها إنتخابات نيابية”. على ضفة الحوار بين “حزب الله” وتيار “المستقبل”، يرى سعيد أنه “مستمر على الرغم من التأكد من عدم تحقيقه أي نتائج ولكن أهدافه حالياً تقتصر على الحفاظ على الشارع السني الشيعي وتجنيبه أي مشاحنات من المرجح أن تنشب في حال عدم إستمرار الحوار”. لا مواقف واضحة لقوى الثورة مما تضج به بيروت من تحركات مطلبية، لكن سعيد يؤكد أن “قوى ١٤ آذار تشجع التحركات المطلبية وتؤكد أن كل ما يطالب به الشارع هو حق مشروع ولكن يجب المحافظة على هذه التحركات بطريقة سلمية وضرورة أن تبقى في إطارها المطلبي وعدم إستثمارها لأي مصلحة شخصية أو سياسية”. الواقع المسيحي لا يزال مرتبكاً، لم تستطع ورقة “إعلان النوايا” رأب الصدع، ولا يخرج سعيد هذه الورقة من موضعها الواقعي، معتبراً أنه “لم يبق منها إلا النوايا، وهي لا تقتصر إلا على إتفاق ضمني بين الطرفين على عدم تصويب النار على بعضهما البعض”. ليس لدى 14 آذار ما تملكه، لا تصور، ولا رؤية، ولا حتى فكرة تنطلق منها لتحريك الجمود السياسي، لا تملك سوى الإنتظار، ليس الإنتظار على ضفة النهر، إنما إنتظار نعي رسمي بعد أن فشلت كل محاولات رص الصفوف.
من حراك مطلبي إلى صراع طبقي
جنوبية//18 أيلول/15
أشعلت أمس حرب طبقية بعد خطاب رئيس جمعية تجّار بيروت، نقولا شماس حين توجّه إلى اللبنانيات واللبنانيين المعتصمين في وسط بيروت قائلاً أن ” وسط بيروت لن يتحوّل الى أبو رخوصة”وذلك، في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، تحت عنوان «من أجل إنقاذ قلب بيروت» لا مكان لـ«أبو رخوصة» في قلب بيروت هكذا خاطب رئيس جمعية تجّار بيروت، نقولا شماس، اللبنانيين واللبنانيات من المعتصمين في وسط بيروت آسفًا للوضع الاقتصادي الرديء الذي يعيشه الوسط التجاري في وسط بيروت معتبرا ان “ليس هناك أعنف مما يحدث في الإقتصاد اللبناني ولن نسمح بأن تقطع أعناق التجار في لبنان”. «وسط بيروت لن يتحوّل الى أبو رخوصة»، سيبقى منغلقاً للأغنياء فقط. هي حرب طبقية، أعلنها رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، تحت عنوان «من أجل إنقاذ قلب بيروت»، بدعوة من غرفة بيروت وجبل لبنان وجمعية تجار بيروت وعبّر المجتمعون عن:
–تخوف رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير من أن تكون الأعمال التخريبية التي يشهدها وسط بيروت هادفة بشكل مقصود إلى “إقفال ما تبقى من مؤسسات وتشويه هذه الصورة الجميلة التي يعتز بها كل لبناني”. وكشف لـ”المستقبل” عن “انخفاض مستوى أعمال معظم المؤسسات في الوسط التجاري بنسبة تصل إلى 90%، بينما بلغ عدد المؤسسات التي أقفلت منذ بدء “الحراك” حتى الآن 93″.
–طالب رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الحراك الذي أعرب عن تأييد مطالبه “بضرورة أن يمتلك وضوحاً بالرؤية”، وحذر من أنّ “الأمور بدأت تنحرف” عن مساراتها السلمية المطلبية في ضوء ما نشهده من حراك “يبدأ سلمياً وينتهي باشتباك”، معلناً “إقفال 130 مؤسسة تجارية راقية بين حزيران 2014 وحزيران الماضي، 79 منها في الوسط التجاري”.
–أعلن رئيس مجلس إدارة شركة “سوليدير” ناصر الشماع لـ”المستقبل” أنّ الشركة ستعمل على “تخفيف الأعباء المالية على المؤسسات العاملة في الوسط التجاري”ـ مؤكداً في الوقت نفسه “زيادة الأنشطة والقيام بخطوات لتشجيع الناس على المجيء إلى الوسط”.
–حذر عضو كتلة “المستقبل” النائب غازي يوسف عبر “المستقبل” من أنّ “الوضع الاقتصادي ينهار ولا أحد يسأل”، قائلاً: “وسط بيروت هو القلب النابض للاقتصاد الوطني وعلينا المحافظة عليه قدر المستطاع”، أضاف: “الرسالة المرفوعة اليوم للسياسيين وللحراك الشعبي، تؤكد ضرورة الحفاظ على هذا المركز الاقتصادي والحياتي الهام للجميع”، واصفاً الوضع بـ”الكارثي”، ومطالباً وزارة المالية بأن “تأخذ في الاعتبار الخسائر اللاحقة بالمؤسسات العاملة في وسط بيروت”، مع إشارته إلى عزم نواب العاصمة على عقد لقاء قريب مع وزير المالية علي حسن خليل للتباحث معه في هذا الشأن.
لكن كلمة رئيس جمعية تجّار بيروت، نقولا شماس حظيت بسلسلة من التعليقات المنتقدة والمستنكرة إذ إعتبر البعض أن خطابه ذكر بزمن العنجهية الرأسمالية القديمة عندما كان الصراع محتدمًا بينها وبين الشيوعية في منتصف القرن الماضي إذ نبّه شماس الحراك المدني من أن “الاشخاص المندسين هم ذاتهم الشيوعيون الذين لفظتهم روسيا منذ زمن، اذ اننا نعيش في ظل النظام الليبرالي منذ 100 عام ولن نسمح لأحد أن يهزم هذا الاقتصاد” لافتا الى ان “هؤلاء المندسين الدجّالين يضعون في أذهانكم ان الوسط التجاري ليس لكم، الا ان كلامهم عار عن الصحة”.
وأضاف ان “أفخم الأماكن التجارية متمركزة في الوسط التجاري في بيروت وسيبقى بالرقي ذاته، ملتقى وقبلة لكل العالم العربي ولن نقبل ان يصبح “أبو رخوصة”. وقال “لا يمكن تحصيل مطالب اجتماعية على جثة الاقتصاد اللبناني فاذا خلخلتم بالاقتصاد سينهار الهيكل كله على رؤوس الجميع”.
وقد ردّ الحزب الشيوعي على كلمة شماس بالقول “إن اشهار عداء السيد شماس للشيوعيين اللبنانيين، هو في حقيقته، عداء لهذا الحراك ودوره ومطالبه، ولأدانته للطبقة السلطوية الفاسدة. ويشكل موقف السيد شماس هذا، اضافة جديدة الى سجله المعروف بعدائه لمصالح الطبقات الشعبية وحقوقها، والذي برز قبلا وخصوصا تجاه هيئة التنسيق النقابية ومطالبها المشروعة التي تطاول اكثر من مليون لبناني، وهو في مواقفه هذه يدافع عن حيتان المال وفساد الطبقة السلطوية، ولن تنطلي احاديثه على احد”.
وتابع: “ان لقب “حيتان المال “الذي يستعمل اليوم ، والسيد شماس احد ابرزهم واسوأ نماذجهم، وليس غريبا عليه وعلى امثاله الدفاع عن الممتلكات التي سرقوها من اللبنانيين. ان الحزب الشيوعي اللبناني ونقابييه دافعوا عن الاقتصاد اللبناني الذي دمرته زمرتكم لمصلحة الاقتصاد الريعي والشركات العقاريه والمصارف”.وختم: “نحن سعداء جدا لأن الحراك ازعجكم، فهذا دليل صحة اتجاهه السياسي في اتجاه الدولة المدنية الديموقراطية التي يستفزكم مجرد سماعها، واتجاهه الاقتصادي لانقاذ الاقتصاد الوطني من زمرة من أمثالكم”.
تحرّك جمعية المصارف
إلى ذلك، علمت “المستقبل” من مصادر في جمعية المصارف أن الاجتماع الدوري لمجلس إدارتها برئاسة جوزف طربيه مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، أمس، جرى خلاله التداول في ضرورة القيام بتحرّك ما باتجاه المسؤولين السياسيين من أجل إعلاء المصلحة الاقتصادية والمالية والاستثمارية على الانقسامات السياسية ولعبة شل المؤسسات وما يستتبعها من حراك وإضرابات في الشارع.