طريق فيينا المعقّدة محفوفة بحرب رهانات مبارزة كشف الأوراق في المفاوضات الطويلة
روزانا بومنصف/النهار/6 تشرين الثاني 2015
مع ان مراقبين كثراً لن يبنوا آمالاً كبيرة على اجتماع فيينا الذي انعقد الأسبوع الماضي وضم اطرافاً إقليميين ودوليين للمرة الأولى للبحث في محاولة انهاء الحرب السورية خصوصاً ان البيان الذي صدر كان بالنسبة الى البعض تراجعاً عن بيان جنيف 1 الذي تم التوصل اليه في حزيران 2012 في انتظار اجتماعات لاحقة ستشكل بالنسبة اليهم الاتجاهات الحقيقية لجدية المفاوضات، ينقل متصلون بمرجع رسمي كبير بناء على معلومات ومعطيات توافرت له عن اجتماع فيينا بان هذا الأخير الذي ضم الأطراف الخارجيين الذين يمكن ان يكون لهم كلمة في الوضع السوري يكتسب اهمية وجدية ينبغي اخذهما في الاعتبار على غير ما حصل بالنسبة الى اجتماعات جنيف 1 وجنيف 2. فالاجتماع لم يحمل في حد ذاته حلولاً ومن المبكر التعويل على ذلك في هذه المرحلة وفي اجتماع لا يزال أولياً على رغم الأهمية التي اكتسبها من واقع وجود طرفين إقليميين على ارتباط وثيق بالأزمة السورية وهما إيران والمملكة السعودية على طاولة المفاوضات. وهي المرة الأولى التي يقبل بإيران على غير ما كان عليه الموقف منها سابقاً قبل التوقيع معها على الاتفاق النووي. فهذه خطوة اولى وفق ما ينقل عن هذا المرجع مفادها أمران: الأول ان اجتماع فيينا يشكل حتماً مدخلاً أولياً الى بحث جدي في شأن الحرب السورية. والأمر الآخر ان هذا الاجتماع يجب الا يؤدي الى افتراض ان الطريق الى ايجاد الحل لن تكون طويلة لا بل على العكس فهي ستكون طويلة جداً ولا يزال هذا الاجتماع بمثابة اول الغيث بمعنى ان الرهان على وضع نهاية للحرب السورية الداخلية كما للحرب الخارجية أو بالواسطة على الأرض السورية لن يكون في محله. وهذا أمر سيئ جداً بالنسبة الى لبنان قياساً على ربط يصر على اقامته بعض الأفرقاء بين ايجاد حلول للوضع السوري وبت مصير الرئيس بشار الأسد وبين الاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية.
فعلى رغم الايجابية التي يراها المرجع المعني لاجتماع فيينا الذي سيعقبه من حيث المبدأ اجتماع آخر على الأرجح الأسبوع المقبل، فان هناك رهانات من ضمن الأفرقاء الأساسيين الكبار الموجودين على طاولة المفاوضات. فمن جهة بات واضحاً ان التدخل الروسي لم يحصل من أجل أهداف روسية بحتة على رغم انه لا يمكن وجود مصلحة مباشرة لروسيا في سوريا باتت غالبية عناصرها معروفة اكان في ما يتعلق بالوجود الروسي المباشر على المتوسط أو مقارعة أميركا في الشرق الأوسط وانهاء احادية سيطرتها في المنطقة، الا انه بات واضحاً بالقدر نفسه ان الروس لم يتدخلوا عسكرياً وعلى نحو مباشر الا لخشيتهم من انهيار وشيك لرأس النظام السوري بما يفقدهم اوراقهم لدى التفاوض حول مستقبل سوريا ومصيرها فكان ضرورياً إعادة بعض الاعتبار اليه من أجل أن يكون قادراً على الحضور والمشاركة على طاولة المفاوضات كما من أجل اعادة الاعتبار لموقع روسيا وأوراقها التفاوضية. الا ان هذا لا يمنع وجود رهانات أميركية وفق ما ينقل عن المرجع المعني. وهذه الرهانات قد تساهم في اطالة امد المفاوضات اذا كان ذلك يساهم في كشف اوراق الآخرين أو اضعافها. ومع ان لقاءات خارجية اتاحت في وقت من الأوقات تلمس وجود توافق أميركي روسي في مكان ما حول سوريا، الا ان ذلك لا يمنع وجود رهان أميركي مبني على عاملين اساسيين: احدهما ان روسيا لا تملك القدرة على تحمل اطالة امد تورطها في الحرب السورية تبعاً لاستمرار العقوبات الاقتصادية الغربية عليها وعدم قدرة اقتصادها على مواجهة تورط مكلف قد يستغرق بضعة اشهر. وثمة من يعتقد ان فترة ستة اشهر من هذا التورط قد تساهم في تغيير بعض المواقف الروسية وتليينها على رغم الاعتقاد ان المسارعة الى بدء المفاوضات حول سوريا انما هو من أجل استثمار التدخل الروسي وهو في ذروته وقبل ان يصطدم بما قد يضعف هذا الاستثمار لاحقاً. والعامل الآخر هو الرهان على ان استمرار الضربات العسكرية الروسية على المعارضة السورية من غير تنظيم الدولة الاسلامية سيؤدي الى حصول تململ لدى الجماعات السنية في روسيا نفسها بعدما اصطفت روسيا الى جانب النظام وحلفائه الشيعة كإيران مثلاً والتنظيمات التابعة لها. وهناك رصد دقيق لهذا الموضوع. ولعل محاولة روسيا ابعاد شبح احتمال حصول اعتداء على طائرة الركاب الروسية التي هوت في سيناء من تنظيم داعش انما يهدف الى طمأنة الروس من ان التدخل الروسي في سوريا ليس مكلفاً لروسيا وسقوط الطائرة ليس احد ظواهر هذه الكلفة المرتفعة لهذا التدخل. في المقابل فان إرسال الولايات المتحدة خمسين عنصراً الى سوريا إضافة الى إرسال اسلحة الى المعارضين السوريين يفيد وفقاً لما ينقل عن المرجع المعني باستمرار تعزيز الأوراق في سوريا وعدم إتاحة المجال لروسيا ان تسجل تقدماً وهو ما اضطر واشنطن إلى اتخاذ خطوة الانخراط عبر عناصر على الأرض كانت الادارة الأميركية رفضت امكان حصولها ولا تزال تدافع عنها على انها لا تشكل انخراطاً في الحرب السورية علماً ان انخراط روسيا في هذا الاطار مختلف عن انخراط الولايات المتحدة من حيث حساسية أميركا خصوصاً لجهة نوعية الأهداف التي تحددها على عكس روس
الجريمة الإيرانية العظمى بحق السوريين
داود البصري/السياسة/06/11/15
التورط الإيراني لقوات الحرس الثوري في زيادة مساحات القتل والدمار والتدمير في جميع الأراضي السورية بمعاونة عملاء النظام الإيراني من العصابات اللبنانية والعراقية والأفغانية، يضاف لها الجهد العسكري الروسي في محاولات كسر ظهر الثورة السورية وتأمين تسويق جديد للنظام السوري السائر في طريق الإضمحلال والتلاشي، هو بمثابة جريمة مع سبق الإصرار والترصد، وتعبير عن نوايا وأهداف شريرة تضع مجمل الشعب السوري ضحية لها!، وبما يتلاعب بدماء السوريين وتضحياتهم الرهيبة التي تجاوزت مئات الالاف من المحرومين والمجاهدين. ولعل قمة الاستهتار الإيراني بالمستقبل السوري واستمرار الهيمنة والتسلط تتمثل في تلك التصريحات الوقحة التي أطلقها نائب وزير الخارجية الإيرانية السيد مير حسين عبد اللهيان عن كون وجود وإستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة هو بمثابة خط أحمر لايجوز الاقتراب من حافاته، وهو موقف عدواني وقح لايتناسب أبدا مع القرارات الدولية، ولا حتى مع توجهات الحليف الروسي والذي رغم جرائمه وجرائم سلاحه الجوي ضد المدنيين السوريين لايضع لمصير رئيس النظام أهمية حتمية واستثنائية، بل أنه موضوع قابل للتفاوض إن تأمنت المصالح الروسية! الموقف الإيراني الملتزم حتى النهاية بالدفاع عن رئيس النظام وجرائمه الإرهابية القذرة لا تشكل تدخلا إيرانيا فظا ومباشرا في الشؤون الداخلية السورية فقط، بل أنها تعبير عن صورة واضحة من السقوط القيمي والخلاقي لمن يدافعون عن نظام هو أكثر إجرامية بحق شعبه في تاريخ المنطقة الحديث، ويدخل ضمن سياقات حالة الاحتلال الإيراني المباشر للوطن السوري، وبما يشكل خرقا لضمانات وقواعد الأمن القومي العربي والإقليمي.
أمير حسين عبد اللهيان لايتحدث بلغة الديبلوماسية والتي لها قواعدها والتزاماتها وحدودها الزمانية والمكانية أيضا، ولكنه يتحدث بأسلوب الغطرسة والتحدي ولغة الحرب وأسلوب بلطجة الحرس الثوري! الإيرانيون وقد إزدادت مساحات تورطهم، العسكري والأمني، في الشام يعلمون علم اليقين أن أي انسحاب لقواتهم والعصابات الطائفية التي استحضروها معهم يعني إعلان الهزيمة الكاملة، إضافة لأشياء أخرى سترتد عليهم وبالا ونتائج وخيمة في العمق الإيراني، وبما يشكل النهاية الحقيقية لمؤسسة الحرس الثوري الإرهابية التي بدأت اليوم بالاستنزاف التام في الساحة السورية عبر فقدانها لجنرالات وقادة مهمين في أكبرعملية إستنزاف منذ نهاية الحرب العراقية-الإيرانية عام 1988! والواقع إن خسائر الإيرانيين قد ازدادت وتيرتها بعد الغزو الجوي الروسي لسورية، فقد كثف الإيرانيون من تعرضاتهم البرية مما أوقعهم في الفخ، وضرب في الصميم قواتهم وكبدهم خسائر لم يتوقعوها متصورين أن الضرب الجوي الروسي قد هشم دفاعات الثوار وحطم معنوياتهم، فجاءهم الرد من أحرار الشام مزلزلا عنيفا أطار ماتبقى من عقل في قيادة «فيلق القدس» والتي تحملت الجزء الأكبر من الخسائر بعد مصرع غالبية أركان السردار الإرهابي الإيراني قاسم سليماني قائد معارك الغزو الإيرانية في الجبهتين العراقية والسورية وزير الدفاع الميداني التنفيذي الفعلي لهذين البلدين العربيين للأسف! الإيرانيون في «ركوب رأسهم» وفي الإصرار على الدفاع المستميت عن نظام بشار يغامرون ويقامرون بمصداقيتهم ومستقبل نظامهم، وبمصائر حلفائهم الطائفيين في لبنان والعراق، فالحتمية التاريخية ووقائع الميدان وطبائع الأمور جميعها عوامل تؤكد أن ترحيل بشار ونظامه ليست سوى مسألة وقت فقط لاغير، والخلاف اليوم ليس على المبدأ، بل على التكتيكات المؤدية لذلك وعلى الضمانات الدولية التي تسعى لها بعض الأطراف، ومنها روسيا بطبيعة الحال التي تقاتل وتقتل وتفاوض، أما النظام الإيراني فتصلبه وعدوانيته واستمرار جرائمه بحق السوريين في الشام أمر سيؤدي به في نهاية المطاف لطريق مسدود وسيتجرعون كؤوس سم الهزيمة أكبر بكثير من نسبة السموم التي تجرعوها العام 1988 حين أعلنوا إفلاسهم وعدم قدرتهم على إحتلال العراق واقامة جمهورية الولي الفقيه فيه قبل أن يتكفل الأميركيون بتحقيق ذلك الحلم لهم! اليوم النتيجة في الشام ستكون مختلفة بالمرة وهزيمة الحرس الثوري هناك ستغير المعادلة الإقليمية بالكامل، وستتداعى بعدها حصون طهران وخطوطها الدفاعية، وهو ما يعلمه الإيرانيون جيدا، ويعملون لتجنب نتائجه المريعة، لكن ما لا يعلمه الإيرانيون هو أن أحرار الشام لن يرضوا بأقل من الهزيمة الشاملة والمذلة للمشروع الإرهابي الإيراني لإجبارهم على الانسحاب الذليل وتطهير الشام الطاهرة من أدرانهم، فيما ستكمل الشعوب الإيرانية المهمة. سيدفع الإيرانيون ثمن إرهابهم الوقح وجرائمهم الشنيعة ضد السوريين! وستثبت لنا أحداث القوادم من الأيام مصداقية لما نقول، والعاقبة للأحرار والمتقين.
من حقيبة النهار الديبلوماسية انطلاق عملية تغيير نظام الأسد
عبد الكريم أبو النصر/النهار/6 تشرين الثاني 2015
“أطلقت اجتماعات فيينا التي شاركت فيها كل الدول المعنية بالازمة السورية وعددها 17 دولة عملية دولية – اقليمية واسعة من أجل تغيير نظام الرئيس بشار الأسد وقيام نظام جديد تعددي. وقد حدد البيان الختامي الرسمي الصادر عن الاجتماعات اسس هذا التغيير الكبير وأظهر، للمرة الاولى، ان إيران وروسيا الحليفتين الرئيسيتين لنظام الأسد قدمتا تنازلات مهمة إذ أنهما وافقتا على ثلاثة أمور أساسية تؤدي الى قيام نظام جديد وهي الآتية: أولا: وافقت إيران للمرة الأولى مع الدول الأخرى على أن العملية السياسية التفاوضية التي ستنهي الأزمة ترتكز على بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 بعدما كانت رفضت سابقاً بالتفاهم مع النظام السوري قبول هذا البيان لأنه يدعو إلى الانتقال الى نظام جديد مما يؤدي الى إنهاء حكم الأسد. ثانياً: وافقت إيران مع الدول الأخرى على ضرورة تقاسم السلطة في المرحلة الانتقالية بين ممثلي المعارضة والنظام السوري إذ ان بيان فيينا دعا الأمم المتحدة إلى إطلاق مفاوضات “بين ممثلين للحكومة السورية والمعارضة من أجل بدء عملية سياسية تقود إلى تشكيل حكومة جديدة ذات صدقية وشاملة وغير طائفية ويعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء الانتخابات”. ثالثاً: وافقت ايران مع الدول الاخرى على ان تجري الانتخابات في اشراف الامم المتحدة وليس تحت اشراف نظام الاسد “وبالتفاهم مع الحكومة الجديدة وعلى أساس التزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وان تكون حرة ونزيهة ويحق لجميع السوريين وضمنهم المهاجرون المشاركة فيها”. وهذه هي المرة الاولى التي تقبل فيها روسيا وإيران بهذه الشروط”.
هذا ما قاله لنا مسؤول اوروبي في باريس شارك في هذه الاجتماعات. وأوضح “ان الدول المجتمعة في ڤيينا لم تتفق على مصير الاسد، لكن اجتماعاتها المتواصلة المقبلة يمكنها ان تؤدي الى التوافق بينها على صيغة مشتركة تنهي هذه العقدة وتساعد على تنفيذ عملية تغيير النظام استناداً الى بيان ڤيينا وبيان جنيف”. وذكر المسؤول ان العملية التفاوضية التي انطلقت من ڤيينا أظهرت الامور الاساسية الآتية:
اولاً، ان الاسد ليس صاحب القرار الاساسي وهو فقد القدرة على تحديد مستقبل سوريا وتقرير مصير نظامه بعدما فجّر حرباً الحقت الكوارث ببلده وخسر المواجهة مع شعبه المحتج وبعد التدخل العسكري الروسي والايراني الواسع في البلد والتفاهمات المحددة بين حلفائه وأعدائه في ڤيينا.
ثانياً، أن الروس والايرانيين اثبتوا انهم يدركون تماماً انهم عاجزون وحدهم عن تقرير مصير سوريا ومسار الصراع فيها، وعلى هذا الاساس انخرطوا في عملية تفاوضية مع الدول المؤثرة الاخرى من أجل التفاهم معاً على حل الازمة وانقاذ سوريا والسوريين من الجحيم.
ثالثاً، ان ايران تشارك للمرة الاولى في عملية تفاوضية دولية – اقليمية تضم مجموعة كبيرة من الدول المعادية للأسد وتتركز تحديداً على مناقشة طريقة نقل السلطة الى نظام جديد تعددي يحقق التطلعات والمطالب المشروعة لجميع السوريين. وهذا الواقع يفتح الباب أمام احتمالات وخيارات غير واردة الآن علناً كما حصل في عملية التفاوض بين القيادة الايرانية ومجموعة الدول الست حول النزاع النووي التي أدت الى اتفاق مشترك تضمن تنازلات ايرانية جوهرية عدة.
رابعاً، ظهر في الاجتماعات ان المجموعة القيادية الرئيسية في هذه العملية هي الرباعية التي تضم اميركا وروسيا والسعودية وتركيا وايران ليست عضواً فيها، والمجموعة الرباعية تضم ثلاث دول معادية لنظام الأسد ودولة حليفة له هي روسيا. واستبعاد ايران عن هذه المجموعة يفتح الباب أمام مساومات سرية بين اعضائها لن تكون في نهاية الامر لمصلحة الأسد، خصوصاً ان حسابات روسيا واهدافها في سوريا والمنطقة ليست متطابقة مع حسابات الايرانيين واهدافهم.
واستناداً الى المسؤول الاوروبي فقد شدد المسؤولون الاميركيون وحلفاؤهم في اتصالاتهم مع الروس على ان عملية انتقال السلطة الى نظام جديد المتفق عليها في فيينا تتطلب، لكي تنجح وتحقق تسوية الازمة، ضمان رحيل الأسد عن الحكم في موعد متفق عليه وتقاسم السلطة جدياً بين ممثلي النظام والمعارضة في الحكومة الانتقالية التي يجب أن تملك السلطات التنفيذية الكاملة استناداً الى بيان جنيف. كما ان المعارضين المشاركين في هذه الحكومة الانتقالية يجب أن ينتموا الى المعارضة السورية الحقيقية المعترف بها دولياً واقليمياً وليس الى “المعارضة الزائفة” المرتبطة بالأسد لأن حصول ذلك ينسف العملية السياسية من أساسها”.