الكاردينال صفير: لبنان نعمة سماوية
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام//9 تشرين الثاني /15
رأى البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ان وحدة اللبنانيين، من كل منطقة واي طائفة وارادة المشاركة الصادقة في المسؤولية الوطنية والتضامن الاجتماعي، هما صمام الامان للجميع. فلبنان نعمة سماوية، يجب ان نحافظ عليها بكل قوانا، وعلينا ان نتعاون على الخير العام، ولا نتردد في قبول الاخر ومشاركته فرح الحياة. لقد احسنت باختيار المحبة والشركة، شعارات لحبريتك، فهما توأمان لا شركة بدون محبة ولا محبة من غير شركة، المطلوب ان نستمر في الرهان على تحقيقهما معا، لان الانانية والتعصب، الطمع والغرور، تتنافى مع المسيحية، وتناقض كل تعاليم السماء. اشكركم في شكل خاص على احتضانكم المؤسسة لمتابعة الخدمة”.ورأى صفير خلال حفل العشاء السنوي التاسع لمؤسسة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير في فندق هيلتون – الحبتور، في سن الفيل أن “الليلة، معكم وبينكم، تغمرني المحبة يملأني الرجاء، فاللقاء المتجدد حول المؤسسة الاجتماعية التي تحمل اسمنا مناسبة لتاكيد ما يجمعنا من مبادىء وقيم، هي الضمان الاساسي لصمود الوطن وخلاصه في احلك الظروف واشد الصعوبات”.وتابع: “نصلي الى الله تعالى، لكي ياخذ بيد اهل الخير الذين يقدمون المساعدة لطلاب العلم من خلال مؤسستنا الاجتماعية لانهم بذلك يدعمون المجتمع، ويساهمون في توطيد الاستقرار الذي يحتاج اليه في زمن الشك والاضطراب. الشكر لاهل العرفان، والبركة للجنة المؤسسة رئيسا واعضاء وتحية لمجلس ابنائها الاعزاء ولكم جميعا ايها الكرام الامتنان والدعاء”.كما كانت كلمة للبطريرك الكاردينال المروني مار بشارة بطرس الراعي الذي وجه باسم مؤسسة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير نداء الى الجماعة السياسية في لبنان لنقول لهم لا يحق لكم ان تجعلوا من الدولة اللبنانية ما جعلتم منها اليوم، دولة فاشلة ومفككة. دولة عاجزة عن اي عمل.
فارس المدينة الفاضلة البطريرك نصرالله صفير
المحامي عبد الحميد الأحدب/النهار/9 تشرين الثاني 2015
أطلّت ولاية البطريرك نصرالله صفير سنة 1986 في زمن انضمّت فيه أشجار الغابة الى رجال الميليشيات وأصبحت فيه الوردة تلبس الملابس المرقطة. كان زمن السنابل المسلحة والثقافة المسلحة والديانة المسلحة، فلا رغيف تشتريه إلاّ وتجد فيه مسدساً، ولا وردة تقطفها من الحقل إلاّ وترفع سلاحها في وجهك، ولا كتاب تشتريه من المكتبة إلاّ وينفجر بين اصابعك.
في ذاك الزمان انتُخب المطران نصرالله صفير بطريركاً مارونياً، وجاء انتخابه كوردة بيضاء جميلة في صحارى الملح والعطش!
وكانت معركته الكبيرة الأولى هي معركة إنجاح اتفاق الطائف، ليس الطائف الذي خطفته مخابرات القرداحة وجعلت منه استعماراً اين منه الاستعمار السنغالي، بل الطائف الذي توافق عليه اللبنانيون لإنهاء الحرب المستمرة منذ سنة 1975 والذي أطل في 14 آذار، ثم توارى. وكان طائف اللبنانيين في حاجة الى اصلاحات كثيرة، ولكن على يد اللبنانيين. وصمد البطريرك بإيمانه وجسّد قوة الإيمان التي تقتلع الصخور، وكان في صبره على خطى السيد المسيح وهو على الصليب يُعذَّب لخلاص الإنسان!
ونجح في انقاذ الطائف وسقط الذين اعتدوا وقتها على بكركي بسبب الطائف، واخذ البطريرك نصرالله صفير على عاتقه مسؤولية اعادة المحبة واللُّحمة الوطنية في لبنان الى صباهما وجعلهما مدللين في المنزل اللبناني.
في تلك الظروف الصعبة تحولت على يديه الرسالة السماوية من مظاهرة الى لغة صوفية، وتحولت الرسالة من غزوة الى صلاة، وتحول الخطاب الكنسي من قرقعة دينية – في ذلك الزمان – الى جملة حضارية.
وخلال مدة الاستعمار البعثي ووصايته البعثية رعى بحكمةٍ مقاومة سياسية مدنية مسيحية للاستعمار والوصاية جاعلاً من بكركي عباءة لا يسكن فيها صاحبها فحسب، وانما جسد القبيلة كلها! وهكذا حفظ لبكركي كبرياءها! وكان زمان مضرج بالبشاعة والفضائح والخيانة والذنوب والرجولة فيه الى غروب، وصمد البطريرك صفير وجعل لبنان وطناً يطلع من ترابه قمح وانبياء.ومعركته الكبرى الثانية كانت عند اندلاع الثورة السورية، كان اكبر من ان ينزلق الى مساندة نظام القتل والقمع رداً على “داعش” وفحشها وكفرها بالإسلام والمسلمين واضطهادها للمسيحيين، كما للمسلمين، فبقي صامداً لم يذهب الى دمشق ليدعم النظام ضد داعش، فداعش والنظام وجهان لعملة واحدة. وبدلاً من ان يحول بكركي فريق كرة يذهب الى دمشق جعل بكركي مجموعة من الأسئلة التي تبحث عن اجابات لها ومجموعة من الأحلام التي يفسرها المسلم قبل المسيحي في أن المسيحيين هم مبرر وجود لبنان الرسالة!
كانت معاركه دائماً بين جبران خليل جبران وبين الرعاع!
على يدي البطريرك صفير تحررت صورة رجل الدين من رجس العنف لتعود اداة عبادة لا مطرقة حدادة، معه عرفنا معنى التسامح ومعنى الغفران في المسيحية.
لم تسقط الكلمة الطَّيِّبة من فمه لأنها كانت جزءاً من فمه!
كان الفارس الذي اقتحم الشمس! وحين باع اللبنانيون القمر ليشتروا زلزالاً، وباعوا الجنة ليسكنوا الاطلال، عرف كيف يرفض التعصب الديني الذي اختصره بيت الشعر العربي: “وما انا الاّ من غُزَيَّة…”.
سيبقى هو النهر الذي يسقينا كؤوساً ويكسونا بالورد والأقحوان.
لم يتعب يوماً بلبنانيته الأصيلة النظيفة حتى لا يكون لبنان لعنة ولا عقاباً. اذا كانت فلورنسا تفخر بمايكل أنجلو وفينيسيا تفخر بزجاجها والقدس تفخر بعدد انبيائها وقديسيها والبصرة بأنها ارض المليون شجرة نخيل، فإن لبنان يفخر بأن البطريرك نصرالله صفير هو بطريرك المسلمين قبل ان يكون بطريرك المسيحيين.
*لمناسبة اللقاء السنوي لمؤسسة البطريرك نصرالله صفير.