العربي الجديد: عقبات محلية وإقليمية في طريق فرنجية للرئاسة اللبنانية
الثلاثاء 01 كانون الأول 2015 /وطنية – كتبت صحيفة “العربي الجديد ” تقول : دخلت مسألة انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرحلة السجال اللبناني الداخلي على مستويات عدّة، وهو ما يُشير إلى أنها تعيش في مرحلة حساسة. خسرت هذهالمبادرة زخم إطلاقها، ودخلت دوامة القبول والرفض. المبادرة التي يُعتبر رجل الأعمال اللبناني الملياردير جيلبير شاغوري (يعمل في قطاع النفط ويموّل عدداً من السياسيين اللبنانيّين)، أهم عراب لها، بالتوازي مع النائب وليد جنبلاط والنائب السابق غطاس خوري (مستشار الرئيس سعد الحريري) واللواء جميل السيد، تلقّت ضربات موجعةمن مستويات مختلفة.
الضربة الأولى تجسدت بالتحالف المستجدّ بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ وحزب الكتائب. وبحسب أحد منسقي هذا التحالف، فإن هذه القوى الثلاث اتفقت على إفشال تسوية إيصال فرنجية إلى رئاسة الجمهوريّة، من دون أن تتمكن بعد من بلورة توافق على مرشّح جديد. وفي هذا السياق، تُشير مصادر متقاطعة لـ”العربي الجديد” إلى أن هناك من يُبادر بين هذا الثلاثي ويطرح أسماء مرشحين قد يكونون توافقيين. ومن الأسماء المطروحة، العميد شامل روكز، وهو صهر النائب ميشال عون. الضربة الثانية، إبلاغ حزب الله لعون، بأنه لن يسير بأي تسوية في موضوع الرئاسة إلا إذا كان عون موافقاً عليها، وهو ما أبلغه عون لحلفائه، وبالتالي ضمن هؤلاء عدم توافر النصاب في أي جلسة لانتخاب الرئيس. ومن الضربات القاسية التي تلقتها مبادرة انتخاب فرنجية أيضاً، طريقة إدارة الحملة. فترشيح فرنجية جاء وكأنه مرشّح التحالف الرباعي (تحالف جرى بين تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي في انتخابات عام 2005 النيابية) ضدّ المسيحيين، وهو ما ساهم في شد عصب معارضي الترشيح. ويُشير مصدر مسيحي إلى أن القوى المسيحية الرافضة لترشيح فرنجية تواصلت مع عدد من الدول وعلى رأسها السعوديّة، وتبيّن لها أن لا غطاء سعوديا لهذه المبادرة. وهذا ما عزز من خلافات الحريري مع حلفائه المسيحيين الذين يلومونه على كثير من الأخطاء، ومن أبرزها أنه لم يُنسّق مع حلفائه لهذه الخطوة. ويستغرب هذا المصدر مسارعة الحريري لإيصال “مرشح بشار الأسد إلى الرئاسة في حين تخوض السعودية معركة شرسة من أجل رحيل الأسد وتتحمّل تبعات هذه المعركة، إذ يعمل الحريري عكس هذه الإرادة”.
لكن الخلافات لا تقتصر على الحريري وحلفائه، بل طاولت فرنجية وحلفاءه أيضاً. فبعد لقاء ليليّ بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل (صهر عون) وفرنجية، تم تسريب أجواء سلبية عن اللقاء، وهو ما دفع مكتبه الإعلامي لإصدار بيان اعترف فيه ضمناً بحصول اللقاء مع الحريري في باريس، “رداً على بعض التسريبات التي وردت في بعض الصحف” الذي عُقد ليل الأحد ــ الإثنين. وجاء في رد فرنجية أن “اللقاء كان ودياً وصريحاً من غير أي التزامات”. وأشار إلى أن “الحريري طالب بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون، وقد تم التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة”. وذلك في محاولة لنفي ما سرّبه فريق الحريري حول أن فرنجية وافق على قانون الستين، وهو القانون الذي يرفضه عون كلياً. ولفت بيان فرنجية إلى أنه أكّد خلال لقائه باسيل على “استمراره بدعم ترشيح العماد عون ومنح الموضوع مزيداً من الوقت إذا كان هناك من نية فعلية للتوافق حول عون. أما إذا استمر الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية، فهذا موضوع آخر”. كما جاء في بيان فرنجية أن “الحديث عن رفض الأقطاب (المسيحيين) لترشيح فرنجية نناقشه إذا كان هناك عذر مسيحي أو وطني، أما إذا كان على قاعدة “ليش انت مش أنا” فالأمر مختلف تماماً وغير مقبول”. وبهذا البيان، يكون فرنجية قد بدأ معركة إعلامية مع حليفه المفترض عون، ومع بقية الأقطاب المسيحيين. هي معركة بدأها النائب وليد جنبلاط بالهجوم غير المباشر على عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، باتهامهما من دون تسميتهما، بأنهما لا يستفيدان من دروس التاريخ. هكذا، تكون معركة إيصال فرنجية للرئاسة قد انتقلت من مرحلة كونها صفقة تملك غطاءً دولياً إلى مرحلة السجال الداخلي اللبناني. يُساهم هذا التحوّل في زيادة العقبات في طريق فرنجية إلى بعبدا، لكن لا يُمكن اعتبار أن هذه التسوية قد باتت في حكم الملغاة، وخصوصاً أن من عرابيها جنبلاط والرئيس نبيه بري، مضافاً إليهما متموّل نفطي كبير في بلد يتوقف استثمار ما يملكه نفطياً على نتائج حلول سياسية لأزماته المستعصية.
حزب الله محـرج وتأميـن شـروط عون “الصعبة” يعبـد طريقهـا وجدية تسوية فرنجية غير مشكوك فيها وايران على خط الدفع المباشر
المركزية- لا يشك مصدر مطلع على الحركة الداخلية كما الخارجية المتصلة، الموزعة بين الرياض وباريس، لحظة في جدية التسوية التي نسجت خيوطها الاساسية في لقاء الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، في فرنسا . فالعاملون على هذا المحور من مختلف الاطراف، يؤكدون، كما يقول المصدر لـ”المركزية”، انهم لم يكونوا اكثر جدية في الاتصالات التي يجرونها لتأمين فرص نجاح التسوية، منذ الشغور في سدة الرئاسة الاولى في 25 ايار 2014، بيد ان ذلك لا يعني ان التسوية تحرز تقدما بعد انطلاقتها، لكون المطبات التي تعوق مسارها كثيرة والرهان على تذليلها دونه عراقيل لا يستهان بها، على رغم محاولات دفع خارجية بدأت ملامحها تظهر تدريجيا. وليست زيارة مستشار مرشد الثورة الايرانية علي أكبر ولايتي لبيروت ومعه مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان منفصلة عن هذا الدفع لا بل تشكل احد دعائمه الاساسية وفق ما يوضح المصدر. ويكشف ان محادثات الوفد الايراني مع المسؤولين اللبنانيين عكست اهتماما غير مسبوق من جانب طهران بالملف الرئاسي، اذ وبعدما كان المسؤولون الايرانيون “يمرون مرور الكرام” على الاستحقاق حينما يسألون عنه، فهم اليوم بادروا الى السؤال وتوقفوا بدقة عند كل جواب سمعوه مستفسرين ومستوضحين الموقف من ترشيح فرنجيه والمطلوب من جانبهم في مجال تذليل العقبات، حتى انهم اطلقوا اكثر من اشارة تفاؤلية في امكان انجاز التسوية عبر تصريحاتهم . ويؤكد ان محادثاتهم توزعت بين محورين الرئاسة والموقف الايراني من المملكة العربية السعودية، وهو موقف بدا قاسيا للغاية. ويضيف ان الزيارة الايرانية في هذا التوقيت بالذات لا يمكن الا ان تؤمن الدعم والزخم للتسوية، بحيث يتوقع ان تليها مواقف قد تكون مطلوبة من فريق 8 اذار الذي سيتوج الرئيس اذا نجحت التسوية، ما يوجب في المقابل المساهمة في عملية الدفع . لكن المصدر يعتبر ان امام حزب الله الكثير من المآزق الواجب تجاوزها قبل اعلان الموقف لا سيما عقبة ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، اذ ان مقولة “كش ملك” لا يمكن ان تكون الداء الشافي لهذا الواقع باعتبار ان الحزب شديد الحرص على التحالف مع التيار واي ضربة من هذا النوع ستكون قاضية تعيد الامور الى ما قبل شباط الـ2006، اضافة الى انه يتجنب الوقوع في مطب تسمية المسلم للمرشح الرئاسي المسيحي ويفضل ان يسميه الاخرون فيوافق لا العكس. وتبعا لذلك، يقول المصدر ان حزب الله يترك تذليل العقدة العونية لمن هو قادر على حلها بما يجنبه سهامها، خصوصا ان عون ما انفك يؤكد ان هدفه ليس الرئاسة في حد ذاتها انما تحقيق مكاسب اذا ما حصّلها فالرئاسة تصبح خلفه، وهي اذا ما تأمنت يمكن آنذاك ولوج التسوية فعليا، لكن تحقيقها صعب المنال، وتتمثل بتأمين الشراكة الحقيقية قولا وفعلا عبر المناصفة من خلال ترجمتها في التعيينات واتخاذ القرارات مع التأكيد ان الخيار في المواقع المسيحية يحدده المسيحيون وقانون الانتخاب الذي يضمن التمثيل الحقيقي وهو من وجهة نظر العماد عون النسبي اضافة الى الميثاقية الحقيقية وتحديد مفهومها. ويعتبر ان الهواجس التي يطرحها بعض مكونات 14 اذار يمكن ان تؤمن ضماناتها عبر عراب دولي يرعى التسوية تلافيا لتكرار سيناريو الدوحة، واذا بقي البعض يغرد خارج السرب فيمكن تجاوزه.ويتوقع ان تشهد الايام المقبلة حركة ناشطة على هذا المحور لاسيما في العاصمة الفرنسية التي انتقل اليها اليوم وفق معلومات “المركزية” الرئيس الحريري، الذي قد يلتقي الرئيس فرنسوا هولاند ويجتمع مع شخصيات من فريق 14 اذار، علما ان البعض لا يستبعد ان يكون للحريري موقف في هذا الخصوص في مرحلة لم تعد بعيدة.