تريّث يطبع الأجواء الرئاسية… معادلة غير مكتملة ولا تلبّي السلّة المتكاملة
ألين فرح/النهار/3 كانون الأول 2015/الأجواء الرئاسية تشير الى تريث، اذا صح التعبير On hold. فريق 8 آذار لم يعلن موقفاً بعد، ولا “المستقبل” ولا وليد جنبلاط أعلنا سليمان فرنجيه مرشحهما رسمياً. خرجت مواقف وتصريحات بالترشيح، لكنها لم تقترن بفعل الترشيح، سواء من المعنيين به أو من فرنجيه نفسه. إيماءات أو إشارات اضافية اخرى تشير الى برودة في الأجواء، أولاها تصريح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي شدد على 14 آذار ومبادئها، خاتماً بأن “من له أذنان صاغيتان فليسمع”. وثانيتهما، أن لا ايحاء حيال هذا الترشيح في الحوار الثنائي بين “المستقبل” و”حزب الله”، أما ثالثة الاشارات فهي تصريح السفير السعودي أول من أمس وتشديده على انه “مع أي مرشح يجمع عليه الاشقاء اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً، لأن رئاسة الجمهورية هي الموقع المسيحي الأول في الدولة”. وهنا يبدأ التوافق المسيحي عند حليف السعودية، أي جعجع. وأمس بعد لقائه بري في عين التينة، اعتبر ان الاستحقاق الرئاسي “شأن داخلي لبناني، ونحن نشجع أي توافق لبناني – لبناني ونشجع اللحمة بين اللبنانيين”، واللحمة عادة ما تكون بين المكوّنات كلها. اذاً، عناصر هذه المعادلة غير مكتملة، وفق أحد سياسيي 8 آذار. ويشدد على ان أصحابها، لو أرادوا حقيقة أن يعطوها حظوظها في النجاح لكانوا أقرنوها بما يلبي السلة المتكاملة، بدءاً بقانون انتخاب لا يقصي أي مكوّن ويصحح التمثيل تحت سقف الطائف، وعلى أساسه تجرى الانتخابات النيابية، وتنبثق حكومة جديدة. “عند ذلك، نعرف ان الترشيح جدي، لكن مخترعي هذه المعادلة أخذوا من السلة ما يلائمهم، وبالتالي يريدون إبقاء الترويكا ومصالحها على ما هي”. واستشهد بما قاله رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون لقناة “روسيا اليوم،” واعتبر فيه ان “رئاسة الحكومة لـ 14 آذار ورئاسة الجمهورية لـ 8 آذار هو حل منصف، لكن على كلّ فريق أن يختار الرئيس الذي يريد، وليس أن يختار فريق 14 آذار رئيس الجمهورية ويعود بعدها ليختار رئيس الحكومة”، مركزا على عدالة قانون الانتخاب كي يأخذ الجميع حقه. أما اذا كان الهدف الأبعد الوصول الى الرئيس الوسطي، فلا عون ولا فرنجيهسيقبلان بهذه المعادلة، وخصوصاً اذا كانت هذه الترويكا تحاول إبعاد الأقوياء، عبر التهجّم على الاول بحيثيته الشعبية كأقوى ممثل للمسيحيين، والثاني بترشيحه ثم التخلي عنه. يرفض المصدر التهويل بإطالة أمد الشغور الرئاسي إذا لم تسر التسوية أو “الطبخة” الرئاسية الآن، مؤكداً ان هذا الأمر ليس بيدهم لأن الحلول آتية لا محال على وقع الميدان السوري. “فمئة مرة تهويل ولا مرة إلزامنا معادلة نكون فيها نهائياً تحت رحمتهم”. مع تأكيده ان فرنجيه حريص على ألا يكون الرئيس تحت رحمة هذه الاكثرية، ولا يكون المسيحيون مهمّشين، علماً انه قال في البيان الذي صدر عن تياره انه لم يعطِ شيئاً بقانون الانتخاب، بل طالب بقانون ميثاقي. صحيح أن اللقاء بين فرنجيه ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في دارة الثاني في البترون كان ايجابياً، تخلله كلام صريح، اذ شرح باسيل له بصراحة كلية، ما كان السيد حسن نصرالله قاله لفرنجيه، لكن بأسلوب فيه “طبعة” مسيحية أكثر، موضحا كيفية قراءة ترشيح فرنجية، داعياً اياه، انطلاقاً من الحرص الوطني، الى أن يأخذ حذره من هذا الفريق وألا يكون جسر عبور لمزيد من استهداف فريق يعتبر فرنجيه جزء منه، اذ يتمّ تهميش مكوّنين أساسيين منه، الاول المكون الشيعي عبر العقوبات والقضاء الدولي والارهاب والدم، والثاني المسيحي عبر تهميشه في السياسة، وغير ذلك لا مشكلة البتة مع فرنجية، علماً ان الأخير ليس بعيداً من هذا الطرح. ويكرر السياسي ان هذه الترويكا ركّبت معادلة واسقطت اسماً للرئاسة، لكنها لم تقرنها بعناصر النجاح، خاتماً: ولى زمن كمال جنبلاط الذي كان ينصّب الرؤساء المسيحيين عندما قال في خطاب عام قاصداً كميل شمعون: “قم فقام، إجلس فجلس”.
جنبلاط أكثر من متحمّس لفرنجيه و”المفاوضات شاقة” “حزب الله” لا ينوي استثناء عون من الأقوياء
رضوان عقيل/النهار/3 كانون الأول 2015
لا تزال الدوائر السياسية في 8 و14 آذار تبحث في ترشيح النائب سليمان فرنجيه وما ستحمله الاتصالات المستمرة في هذا الشأن، ومن دون ان يسرع المتحمسون للرجل في التوصل الى استنتاجات مسبقة، ولا سيما ان القنوات مفتوحة، بحسب احدى الجهات التي تأمل في اتمام الاستحقاق وعدم إطالة أمد الشغور، والعمل جار على محوري الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع من جهة وفرنجيه والعماد ميشال عون من جهة اخرى. لم يؤد اللقاء الاخير الذي جمع فرنجيه والوزير جبران باسيل الى نتائج ملموسة. وأجلت وفاة شقيق عون الاتصالات بين الطرفين الى الاسبوع المقبل، لمتابعة هذه “المفاوضات الشاقة” في شكل اعمق والتصدي لكل من يردد ان فرص نجاح فرنجيه بالرئاسة باءت بالفشل. ويبقى النائب وليد جنبلاط في صدارة الساعين الى ايصال فرنجيه الى القصر الجمهوري، بعد تأكده من سعي الحريري الى تحقيق هذا الامر. وقبل ان تسأل جنبلاط عن الزعيم الشمالي، يسارع الى فتح صفحات جده الرئيس سليمان فرنجيه وتعاونه معه ومع شخصيات اخرى في “جبهة الخلاص” آنذاك التي وقفت في وجه الرئيس أمين الجميل وعارضت اتفاق 17 أيار. ولا يسع جنبلاط في هذه الايام الا الاشادة بفروسية سليمان الحفيد. ويشير الى أنه التقى والد الاخير، طوني، لمرة واحدة، يوم جمعهما الوزير السابق جان عبيد في مكتبه في “دار الصياد” اوائل السبعينات. ويعترض جنبلاط على كل من لا يستغل هذه الفرصة لانتخاب رئيس. وعند سؤاله عما يمكن ان يفعله الحريري في الايام المقبلة، يترك سائله من دون جواب، افساحاً في المجال امام الخيار النهائي الذي يعمل عليه “تيار المستقبل”.
في المقابل، لن يحيد “حزب الله” عن خياره ترشيح عون، من دون ان يعكس في الوقت نفسه اي اشارة سلبية حيال حليفه الثاني فرنجيه، مع سعيه الدائم الى عدم حدوث اي شرخ في جدران فريق 8 آذار. ويجمع من يتقن جيداً قراءة الحزب على انه لن يسير بفرنجيه قبل أخذ الكلمة النهائية من الرابية، وان هذا الخيار لن يمر على حساب حلف تاريخي كان عابراً للطوائف وتمثل في “ورقة التفاهم”. وان تحالف الحزب و”التيار الوطني الحر” لم يكن ظرفياً او لضرورات انتخابية، على الرغم من التحديات التي واجهت الطرفين. وكان عون قد سمع على لسان قيادة الحزب أكثر من مرة “أننا معك في مركب واحد”، وانه غير قابل للغرق، وفرنجيه يعي هذا الامر جيداً. وسمع هذا الكلام من السيد حسن نصرالله الذي لا يعارض ترشحه ما دام عون لن يغادر السباق، و”عندما يغير رأيه، لن نكون الا الى جانبك”. لم يصدم فرنجيه عندما استمع الى هذا الجواب، وتلقاه بروح رياضية. وكان “المستقبل” والحزب قد ركزا في جلستهما الاخيرة على اسم فرنجيه، ولم يصدر حياله أي جديد من الجهتين أكثر من مواقفهما المعروفة. ولا يزال الحزب يحرص على عدم الغرق في” لعبة التشاطر” التي تمارسها جهات محلية واقليمية، وان كان يرى ان الحريري قد لاقاه في منتصف طريق التسوية التي طرحها نصرالله، الذي لن يقبل بأقل من الاتفاق على السير بعناوين “السلة” التي طرحها، من قانون الانتخاب الى الحكومة، وان تكن البداية من الرئاسة. في موازاة ذلك، ثمة من يدور في فلك الحزب ويقدم تحليلاً مفاده ان الحريري عندما وصل الى طريق مسدود لايصال مرشح من 14 آذار، لجأ الى الاستعانة بفرنجيه ليضمن رئاسة الحكومة له، اضافة الى الابقاء على بري تحت شعار ان الاخيرين هما الاقوى تمثيلا عند السنة والشيعة، مع طرح سؤال “خبيث” من نوع لماذا استثناء عون من هذه المعادلة؟