اندفاعة فرنجية تعاكسها ثقة عون بـ «حزب الله»
بيروت – «الحياة» /أعطت عودة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى بيروت أول من أمس، زخماً قوياً للمشاورات بين البطريركية والزعماء الموارنة الأربعة لاتخاذ موقف من دعم زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، بعدما حصل هذا الخيار على مباركة خارجية، سعودية وفرنسية خصوصاً، إثر اجتماع الحريري مع الرئيس فرانسوا هولاند أول من أمس، والذي أتبعه الأخير باتصال هاتفي مساء الخميس بفرنجية وآخر قبل ظهر أمس بالراعي ليؤكد له دعم باريس التسوية حول الرئاسة.
وفيما توسعت الاتصالات حول التسوية التي اقترحها الحريري بدعم فرنجية، راوحت التقديرات بين توقع تسريع إنجاز التسوية قبل جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس في 16 الجاري لعلها تنهي الفراغ الرئاسي، وبين حذر بعض الفرقاء من إمكان الانتهاء من طبخ التوافق على ترشيح فرنجية قبل هذا التاريخ، إذ أبلغت مصادر معنية «الحياة» أن الأمور ليست محكومة بالوضوح قبل الجلسة النيابية المقبلة. وبينما يترقب الوسط السياسي نتائج اللقاءات التي عقدها الراعي أمس بناء لطلبه، مع كل من رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ثم اجتماعه المرتقب مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بعد لقائه فرنجية ليل أول من أمس، للاستماع إلى اعتراضات الأحزاب المسيحية الثلاثة على دعم فرنجية للرئاسة، فإن الفريقين المعنيين بإعلان مساندتهما هذا الخيار تبادلا انتظار أحدهما الآخر لدفع التسوية إلى الأمام: «المستقبل» ينتظر نتائج الجهود التي كان فرنجية أمل بأن يبذلها «حزب الله» مع عون لإقناعه بخيار رئيس «المردة»، كي يعلن الحريري بناء عليه ترشيحه رسمياً، والحزب ينتظر إعلان الحريري رسمياً اتفاقه مع فرنجية حتى يبدأ الحديث الجدي مع عون حول إمكان تخليه عن الرئاسة لمصلحة فرنجية. ودفع هذا الحذر مصادر الحلقة الضيقة التي تواكب «طبخ» التسوية إلى القول إن توقع إعلان الحريري رسمياً دعمه فرنجية في 8 الشهر الجاري ليس أكيداً، بانتظار إنضاج الأمور. وقالت مصادر مقربة من «الكتائب» لـ «الحياة»، إن الراعي «شجع الجميل على التعاطي بإيجابية مع مبادرة الحريري، وعلى أن يطرح الضمانات التي يطالب بأن ترافق التوافق على فرنجية للحصول على أجوبة في شأنها». وأوضحت مصادر «التيار الحر» لـ «الحياة أن «لا دلائل على إمكان حسم الأمور لتكون جلسة البرلمان حاسمة في 16 الجاري، وأن حزب الله لن يمشي في خيار دعم فرنجية من دوننا، وقيادة التيار ما زالت على موقفها استمرار ترشيح العماد عون، والذي يقرر دعم فرنجية يستطيع أن يدعم عون حين يكتشف أن هناك صعوبة في تأمين التوافق على رئيس المردة». وتتوقع مصادر «القوات» وعون أن يلتقي الأخير وجعجع مطلع الأسبوع، ولم تستبعد مصادر «التيار الحر» أن يلتقي عون وفرنجية بعد ذلك.
وكان الجميل قال بعد لقائه الراعي: «لن نتخلى عن ثوابتنا، وعلى فرنجية أن يضع جانباً صداقاته وخطه السياسي ويلاقينا في منتصف الطريق». أما باسيل فقال: «نحن في حاجة لأن يثق بعضنا ببعض… ونحن متمسكون بحريتنا في هذا الشرق لنختار بحريتنا رئيسنا».
وكان الرئيس هولاند أجرى اتصالين هاتفيين بكل من فرنجية والراعي. وحرص هولاند على الاتصال بفرنجية أول من أمس بعد لقائه الحريري. وعلمت «الحياة» من مصادر فرنسية مطلعة في باريس، أن هولاند أبلغ فرنجية أنه تحدث مع الحريري عن التسوية وترشيحه للرئاسة، وسأله عن تطور الأمور بالنسبة الى الرئاسة وما هو انطباعه حول الاحتمالات. وأظهر فرنجية بعض التفاؤل من دون الدخول في أي تفاصيل عن أي مفاوضات تتعلق بـ «حزب الله» أو العماد ميشال عون. وأمل الرئيس هولاند بأن تشمل التسوية أوسع مروحة من الأطراف اللبنانيين، معرباً عن أمله بأن يحرص فرنجية على سياسة الناي بالنفس بالنسبة إلى الأزمة السورية. وقالت المصادر إن فرنجية «كرر مرات عدة للرئيس الفرنسي تعلقه القوي باستقلال لبنان وحرصه على حماية هذا الاستقلال، وكان واضحاً أنه عازم على ألاّ تملي سورية على لبنان برنامج عمله. وقال فرنجية إنه بالتأكيد لديه صداقات (لم يذكر اسم بشار الأسد) وإنه لن يتخلى عن أصدقائه، ولكنه إذا أصبح رئيساً للبنان فلكي يهتم بلبنان، وإن رؤيته في التسوية مع الحريري هي الاهتمام بلبنان، وإن إي أحد يريد الإخلال باستقلال لبنان لن يعود صديقه». وأشارت المصادر إلى أن فرنجية «تحدث بوضوح وبشكل مباشر بالقول مرات عدة إنه يجب أن تكون هناك ثقة به وبتعلقه باستقلال لبنان، وإنه لن يكون هناك أي مشكلة». وكان هولاند أبلغ الحريري فور انتهاء اجتماعه معه، رغبته في الاتصال بفرنجية، فشجعه الحريري على ذلك. كما اتصل هولاند بالبطريرك الراعي صباح امس. ووصفت المصادر أجواء المكالمة بأنها «كانت إيجابية جداً»، وقال هولاند للراعي إنه «يجب تشجيع روح الوحدة بين اللبنانيين وبين المسيحيين وموقع البطريرك مهم جداً لذلك، والرئاسة الفرنسية قررت بذل جهود للمساعدة على إنجاح التسوية، وهناك تساؤلات تبقى حول الموقف الحقيقي لإيران وحزب الله من هذه التسوية».
حزب الله” ينتقل من “التريث” إلى الفعل خشية برتقالية… وبدء الحديث عن حصص
رضوان عقيل/النهار/5 كانون الأول 2015
تلقت قواعد “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بحذر وغضب شديدين، مفاجأة ترشيح النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية، وهو ما يظهر على ألسنة قادة الطرفين ونوابهما في مجالسهما الداخلية التي تعبر عن “المرارة السياسية” التي وصلا اليها. وفي الموازاة، تتكامل منظومة الاحتضان العربي والدولي لفرنجيه، وقد بلغت ذروتها بعد تلقيه أمس اتصالاً من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، واجتماعه الذي عقد على جناح السرعة في بكركي، المرحبة باعادة الحرارة الى هذا الملف. وتلقف بيان مجلس المطارنة بوضوح الحيوية التي دبت على خط الاستحقاق الرئاسي، بعد الصدمة التي احدثها ترشيح فرنجيه على اكثر من مستوى محلي وخارجي. وتترافق التسوية مع حملة اعلامية تصور الامر كأنه حاصل غدا. وعندما فاتح “قواتيون” رئيسهم سمير جعجع في الموضوع، أجابهم بطريقته البرقية “المسألة حساسة ودقيقة ويجب ان نعرف الى اين سنذهب”. ومن يستمع الى الاحاديث في مجالس العونيين يشعر بمدى حراجة وضعهم، وإن لم يوجهوا انتقاداتهم الى فرنجيه في الاعلام، حفاظاً على “خط الرجعة” مع الرجل وتحالفهم معه. ويتركون لعون مهمة الخوض في هذا النقاش الساخن والمنتظر الذي سيجمعه مع فرنجيه. وسبق لحليفهما “حزب الله” ان استعمل عبارة ” تريث” مع الطرفين في انتظار ترتيب اجتماع قريب بينهما، وفي أسرع وقت، لبت الامر، على ان تتابع الاتصالات في اليومين المقبلين لتظهر معالم الخيط الابيض من الاسود، فيما لمست كل القنوات صعوبة حصول الانفصال بين الحزب وعون، بعدما تأكد جميع من يعنيه الامر انهما لن يفترقا، مع اصرار جهات مشجعة لفرنجيه على رؤية نوابهما في ساحة النجمة في جلسة الانتخاب المقبلة في 16 من الجاري، والتي يعول عليها كثيرون لانتخاب فرنجيه، والا ستؤجل الى اوائل السنة المقبلة بسبب عطلة الاعياد وسفر نواب. وتعول جهات فاعلة ومتحمسة لفرنجيه على الدور الذي يقوم به الرئيس سعد الحريري وامكان مساهمته في إقناع جعجع، أقله لجهة حضور نوابه الى المجلس، ولو اقترعوا بأوراق بيض، حفاظا على صدقيتهم امام جمهورهم، وايمانا باقتناعاتهم المعارضة لفرنجيه وخطه. والمسألة الثانية التي تشغل جعجع بعد الرئاسة هي قانون الانتخاب وما يمكن ان يحصل عليه من نواب، علما أن عينيه على الاعضاء المسيحيين في كتلة “المستقبل،” الذين يخشون طمع “القوات” بمقاعدهم، وخصوصاً في الشمال وصولا الى بيروت. كذلك يهتم العونيون بالانتخابات النيابية منذ الان وتحديدا في المناطق المتداخلة مع فرنجيه، مع سؤالهم عما سيحققه الوزير جبران باسيل في قضاء البترون بحكم اجتماع القوة التي يمثلها النائبان بطرس حرب وانطوان زهرا. وسيحدد جعجع الخيار النيابي منذ الان مع الحريري، اذا كتب لتسوية فرنجيه النجاح، وستحتل هذه النقطة حيزاً من اللقاء المنتظر بينهما. ولهذا السبب لا يخفي نواب عونيون – لا يرتاحون في الاصل الى جعجع – حذرهم الذي يصل الى حد الريبة من تخلي الأخير عن معارضة التسوية، وعدم الذهاب معهم الى آخر الطريق. وترى هذه الجهات أيضا ان حزب الكتائب قد يقبل بفرنجيه اذا حصل على ضمانات انتخابية، ولا سيما عندما تلمس قيادته ان فرنجيه أصبح على وشك الوصول الى القصر الجمهوري، فهي لن تخرج من “مولد” الرئاسة من دون شيء. ويبقى النائب وليد جنبلاط الذي غاب عن الملف الرئاسي في اليومين الاخيرين بعدما قال كلمته ومشى الى المختارة ليستقبل الاعلامي باسم يوسف الذي أدهشه بثقافته وسعة اطلاعه.