أين نقاط الضعف في مواقف المعترضين ؟ مواجهة ترشيح فرنجيه تفترض وحدة خيارات
روزانا بومنصف/النهار/7 كانون الأول 2015
على رغم الجدية التي تتسم بها معارضة الافرقاء المسيحيين الاساسيين لترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى والتي لا يستهان بها في سياق لجم القدرة على الدفع نحو اجراء انتخابات رئاسية قريبا، يكشف فتح الاوراق بين هؤلاء الافرقاء وكيل الاتهامات الشخصية لبعضهم وراء الكواليس عن اسباب غير مقنعة على نحو كاف من اجل تسويق اعتراضهم على دعم فرنجيه لدى الخارج. فهذا الخارج يغطي وصول فرنجيه حتى لو كانت هذه التغطية من باب الرغبة في الا يستمر لبنان يشكل وجعا للرأس تحت وطأة المخاوف على استقراره وانهياره تحت وطأة دفق اللاجئين او نتيجة تحلل مؤسساته الدستورية. وهو الامر الذي لم ينطبق على الجنرال ميشال عون حين برزت فرصته قبل ما يزيد على السنة من دون ان يحظى بالتوافق الداخلي حوله. وما لم يصدر موقف مسيحي واحد يبرر المعارضة بواقعية واقناع او يحدد مطالبها بلغة موحدة كالحصول على قانون انتخاب متفق عليه في ما بينها، فان هذه المعارضة قد تنجح في عرقلة وصول فرنجيه بعض الوقت لا أكثر. فاعتراض التيار الوطني شبه محصور بالتساؤل عن سبب دعم فرنجيه وليس عون ما دام الحظر قد كسر على مرشح من قوى 8 آذار باعتباره الأحق سياسيا والاكثر تمثيلا شعبيا. فيما لا يقف الخارج تحديدا عند مطلب تلبية رغبة شخصية ما دام المنطلق تأمين انتخاب رئيس يرضي ” حزب الله” ويطمئنه، وهو التنازل الاساسي والكبير جدا الذي قدمه الرئيس سعد الحريري في مقابل تنازل شكلي الى حد كبير مطلوب من ” حزب الله” اي عدم ايصال المرشح الذي دعمه ولا يزال اي العماد عون، الذي تتم التضحية به من اجل تسوية يتنازل فيها فريق 14 آذار بنسبة كبيرة جدا. و” حزب الله” يدرك ذلك كما يدرك ان دعم ترشيح فرنجيه هو خيار لا يمكنه رفضه تحت اي ظرف فيما تقع عليه مهمة اقناع حليفه العوني بالتنازل الذي يتعين عليه ان يقدمه. ويخسر عون ازاء المنطق الخارجي لعدم امتلاكه ذرائع جدية باعتباره وفرنجيه من محور سياسي واحد مع فارق عامل العمرعلى رغم عدم اثارته في الداخل الى حد كبير الى درجة اعتباره عاملا مقررا. لكن حين اجرى زعيم التيار تعيينات داخل تياره مرتبا خلافته للوزير جبران باسيل في رئاسة التيار، اعطى مؤشرات عن رغبة في مواصلة زعامة فخرية انطلاقا من الاعتبارات التي حتمت عليه تأمين هذا الانتقال. فما ينطبق على رئاسة حزب يفترض مراقبون انه ينسحب على رئاسة الدولة وهي اهم بكثير من رئاسة التيار. اما ما يثار من ترتيب فرنجيه لمفاوضات من خلف ظهر حليفه، فهي مناوشات سياسية يرد عليها محيط فرنجيه بالتأكيد ان الوزير باسيل اعتمد الاسلوب نفسه لدى التحضير لمحاولة انتخاب العماد عون حين عقد لقاءات مع الرئيس الحريري في باريس ولم يكن سيتوقف عند ترشيحه من الرئيس الحريري وليس من القوى المسيحية، كما يتم التذرع راهنا، لو نجحت المفاوضات النهائية وادت الى انتخاب عون.
يمتلك الدكتور سمير جعجع في المقابل ذرائع سياسية اقوى انطلاقا من ان فرنجيه هو من خط سياسي مناقض للخط الذي ينتمي اليه رئيس حزب القوات اللبنانية. وحين سيعترض جعجع على دعم عون للرئاسة لاسباب سياسية معلنة (على رغم ان هناك اسبابا شخصية ايضا) لا يتوقع ان يدعم فرنجيه للاسباب المعلنة نفسها والعكس صحيح بالنسبة الى العودة الى احتمال لجوء جعجع الى دعم ترشيح عون في وجه ترشيح الحريري لفرنجيه علما ان محيط فرنجيه يكشف حوارا قام بين القوات والمردة قبل سنة تقريبا تناول من ضمن مجموعة امور احتمال وصول فرنجيه وطبيعة الضمانات التي يمكن ان يقدمها الاخير الى القوات في حال وصوله الى الرئاسة. فيما يرى هذا المحيط ان مشكلة جعجع هي مع الرئيس الحريري تحديدا في صراع لا يخفى وفق هؤلاء على صاحب كلمة السر السعودية من بينهما استنادا الى الحفاوة التي حظي بها جعجع في زياراته الاخيرة للرياض ومنافسته الحريري في السعودية نفسها. وهذا لا يعني ان ليس هناك مشكلة جدية لجعجع بوصول فرنجيه في الوقت الذي يشهد تاريخ منطقة الشمال على التنافس السياسي الحاد وربما اكثر بين زغرتا وبشري، لكنه وعلى غرار عون فان امام خيارات التصعيد من دون بدائل او افق حل مختلف عوائق كثيرة شأنه شأن العماد عون لجهة موازنة تحالفاته ومصيرها ليس للغد فحسب بل وصولا الى الانتخابات النيابية المقبلة. الا ان تزايد العصب المسيحي المعارض لاسباب موضوعية وواقعية تتعلق بالخيارات السياسية كان ليكون مؤثرا اكبر وربما ينجح في اعتراض وصول فرنجيه. لكنه امر غير محتمل حصوله بين عون وجعجع وحزب الكتائب الذي له تحفظاته ايضا على هذا الصعيد. لكن العقبة الاساسية ليست الخيارات السياسية لفرنجيه وتاليا ليس اعتراض القوات والكتائب بمقدار ما ان العقبة هو عون بحيث استمهل ” حزب الله” فرنجيه طالبا المزيد من الوقت من اجل تذليلها.
معركة فرنجيه الجدّ كانت معركة أصوات ومعركة فرنجيه الحفيد هي معركة نصاب
اميل خوري/النهار/7 كانون الأول 2015
عندما جرت الانتخابات الرئاسية بين المرشح سليمان فرنجيه (الجد) والمرشح الياس سركيس كانت المعركة معركة أصوات. وعندما استطاع فرنجيه أن يجعل نائبي الكوري ينتقلان من تأييد سركيس الى تأييده لأسباب مناطقية أكثر منها سياسية، قرر “الحلف الثلاثي” المؤلف من شمعون والجميل وإده تأييد ترشيحه لإنه بات أوفر حظاً بالفوز أكثر من أي مرشح آخر. أما معركة الانتخابات الرئاسية اليوم فقد أصبحت معركة تأمين نصاب قبل أن تكون معركة أصوات، وقد تبين أن ترشيح النائب سليمان فرنجيه هو الذي يستطيع تأمين هذا النصاب. لكن الأقطاب الموارنة الأربعة لم يفعلوا حتى الآن ما فعله أركان “الحلف الثلاثي” في الماضي بإعلان تأييدهم للمرشح سليمان فرنجيه الجد لأنهم كانوا يريدون الفوز به على مرشح النهج الشهابي الياس سركيس الذي هو أقرب بسياسته من خط “الحلف الثلاثي”. ولم يكن وارداً لدى أي حزب أو تكتل تعطيل نصاب جلسة الانتخاب كما هو وارد اليوم لدى عدد من النواب لا لشيء سوى الخوف من أن يفوز بالرئاسة مرشح من قوى 14 آذار أو من هو مدعوم منها. وهكذا مرّ على الشغور الرئاسي حتى الآن أكثر من 18 شهراً ولا الأقطاب الموارنة الأربعة اتفقوا على مرشح منهم لأن كل قطب يريد أن تكون الرئاسة له. ولا سلاح لدى معارضي انتخاب رئيس من 14 آذار سوى سلاح تعطيل نصاب الجلسات، وهو ما حصل بكل أسف وخلافاً للدستور، وكاد ينعكس ذلك سلباً على الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد.
والسؤال المطروح الآن هو: هل تؤيد القوى المسيحية، وتحديداً الاقطاب الموارنة، ترشيح النائب سليمان فرنجيه؟
الواقع أن هذه القوى منقسمة بين مؤيد ترشيحه لأن فرنجيه رئيساً للجمهورية قد يكون غيره كنائب، خصوصاً عندما يتغير الوضع في سوريا ويقوم حكم جديد فيها يختلف سلوكه مع الحكم في لبنان عن الماضي، وبين معارض ترشيحه أو متحفظ خشية أن تكون لفرنجيه سياسة داخلية وخارجية مختلفة عن سياسة القوى المسيحية، وتحديداً الأقطاب الموارنة، لذلك يريدون منه أن يعلن حقيقة سياسته الداخلية والخارجية ولا سيما بالنسبة الى تحييد لبنان وبالنسبة الى سلاح “حزب الله” وتدخله في أي حرب خارج لبنان بقرار منه وليس بقرار من مجلس الوزراء كما ينص الدستور.
لكن فرنجيه يرى أنه يستطيع أن يعلن الخطوط الكبرى لسياسته الداخلية والخارجية لأن رئيس الجمهورية ليس هو الحاكم المطلق بل هناك حكومة تقرر معه هذه السياسة عند وضع البيان الوزاري، وان قانون الانتخاب سيكون جزءاً منه، وهو كرئيس للجمهورية سيناقش مضمون البيان الوزاري عند طرحه على مجلس الوزراء، وهو لن يرد قانوناً عندما تصادق عليه الاكثرية النيابية المطلوبة، فالمسألة إذاً في جوهرها هي مسألة ثقة بين القوى السياسية الاساسية في البلاد، ولا سيما القوى المسيحية والمارونية تحديداً ورئيس الجمهورية. وهذا ما يجعل لبكركي دوراً في وضع هذه القوى أمام مسـؤوليـاتهــا الوطنيــة والتـاريخيــة وذلك بجمع الاقطاب الموارنة الأربعة أو ممثلين عن كل القوى السياسية المسيحية في بكركي للاتفاق على مرشح للرئاسة وعلى الثوابت الوطنية التي عليه الالتزام بها، فإذا تعذّر التوصل الى هذا الاتفاق، فليكن الاتفاق عندئذ على حضور جلسة انتخاب الرئيس وعدم التغيّب عنها بهدف تعطيلها فيستمر الشغور الرئاسي الى اجل غير معروف. وفي الجلسة يقترع النواب لمن يريدون من المرشحين المعلنين وغير المعلنين، ويعلن فوز من ينال أكثرية الأصوات المطلوبة، فيكون مجلس النواب عندئذ قد اعتمد الآلية التي نص عليها الدستور واحترم اللعبة الديموقراطية التي يجب أن تمارس داخل المجلس وليس خارجه من خلال سياسة الصفقات والمحاصصات. لذلك فإن بكركي لن تقف متفرجة وهي ترى الأخطار تحدق بلبنان، بل سوف تضع القوى السياسية، ولا سيما منها المارونية، أمام مسؤولياتها، فإما يصير اتفاق على مرشح للرئاسة يعلن من بكركي وليس من أي مكان آخر، وإما إذا تعذّر ذلك كان على النواب عندئذ أن يقرروا النزول الى المجلس للانتخاب كما تقضي الأصول، اذ أنه لم يعد مقبولاً ولا معقولاً عدم الاتفاق على مرشح لا من بين الاقطاب الموارنة الأربعة ولا من خارجهم فيصح فيهم القول للجائع: “صحيح ما تكسر ومكسور ما تاكل وكول لتشبع”…
الحريري يؤجل اعلان ترشيح فرنجية بعد اتساع الاعتراضات المسيحية
بيروت – «الحياة» /07 كانون الأول/15/أخذ إيقاع انجاز التسوية على خيار انتخاب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية يتجه الى التريث بفعل اعتراض 3 أحزاب مسيحية رئيسة عليه، ورجحت مصادر معنية بجملة محطات على طريق انضاج مبادرة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري بإعلان ترشيحه لفرنجية، تأخيرها، ومنها انتقال الأول الى بيروت التي كانت مقررة غداً الثلثاء، الى حين اتضاح صورة المواقف. وقالت مصادر مؤيدة لخيار فرنجية ان تفاعلات مبادرة الحريري بتأييد فرنجية للرئاسة هو ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط أدت الى خلخلة العلاقات في كل من تحالفي 14 و8 آذار أكثر من المتوقع كالآتي:
1 – ان العلاقة بين تيار «المستقبل» وبين «القوات اللبنانية» المعارضة بشدة لخيار فرنجية تدهورت الى درجة باتت معها الأخيرة تفصح عن انتقاداتها علناً، كما جاء على لسان النائب في «القوات» انطوان زهرا أمس الذي رفض مثل زعيم «التيار الوطني الحر»، العماد ميشال عون أن تبلّغ الجهات المسيحية من الجانب الإسلامي الترشيح للرئاسة. وما كان ينسب إلى مصادر «القوات» إنها قد تلجأ الى تفضيل عون، ويرى فيه فرقاء آخرون مناورة، جاهر به النائب زهرا مشيراً الى أن الأولوية لعون في المفاضلة بينه وبين فرنجية.
وقالت مصادر سياسية واكبت الخلاف ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يوجه انتقادات قاسية لزعيم «المستقبل» في مجالسه لانفراده بالاتفاق مع فرنجية، ويهاجم تصريحات الأمين العام للتيار أحمد الحريري بعد قوله إنه إذا فشلت مبادرة زعيم المستقبل هناك مخاوف من حرب أهلية ثانية.
كما ان اجتماعاً غير رسمي عقد أمس لبعض قيادات قوى 14 آذار، حضره من جانب «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ونائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان، اقتصر على الاستماع لاعتراض «القوات» على خيار فرنجية، انتهى الى بقاء الفريقين على موقفهما، لكن مصادر المجتمعين قالت لـ «الحياة» ان عدوان لم يبلغهم ان القوات ستذهب الى خيار دعم عون مقابل تأييد «المستقبل» لفرنجية، بعدما سأله السنيورة عن البديل الذي تقترحه «القوات» لفرنجية.
2 – ان تلويح جعجع بتأييد عون للرئاسة فهم من محيط فرنجية على أن هدفه استبعاده فقط، فضلاً عن ان استمرار الانتقادات من قبل أوساط عون وفي تصريحات رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل، دفع ببعض مؤيدي فرنجية الى التلميح بأنه لا مانع من خوض معركة بينه وبين عون في البرلمان، في جلسة انتخاب الرئيس في 16 الجاري. إلا أن مجرد التلويح بهذا الاندفاع أدى الى تدخل «حزب الله» لدى الحلفاء تفادياً لتطور الصراع بين الحليفين. وأدى هذا التدخل الى اصدار فرنجية تغريدته على «تويتر» بأن «أينما كنا لن نختلف مع الجنرال عون»، منعاً لأي تأويلات لموقفه.
وعلمت «الحياة» أن لقاءات جرت بين فريق من حزب الكتائب وآخر من تيار «المردة»، للبحث في الضمانات التي طلبها رئيس الكتائب سامي الجميل من فرنجية، حول مدى التزامه سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية وسورية، وسلاح «حزب الله» وحصرية السلاح بيد الدولة وقانون الانتخاب، حيث يرفض الجميل اعتماد قانون الستين مجدداً. وقالت مصادر واكبت هذه الاجتماعات ان الكتائب تتوقع أجوية عن هذه العناوين خلال اليومين المقبلين، مع احتمال عقد لقاء قريب بين فرنجية والجميل.