حزب الله يهاجم المملكة السعودية بعد منع “المنار” والتسوية الرئاسية الموعودة دونها عقبات داخلية
عباس الصباغ/النهار/8 كانون الأول 2015
يبدو أن التسوية الرئاسية الموعودة دونها عقبات داخلية جمة، عدا عن التوتر المستجد بين “حزب الله” والسعودية التي باركت التسوية. بوتيرة متصاعدة سيواصل “حزب الله” هجومه على السعودية، في توقيت لافت ودقيق، رداً على وقف بث قناة “المنار” على “عربسات”.
في الشكل يتخذ الحزب من القرار “الجائر” بحسب وصفه ذريعة لتبرير النبرة العالية ضد الرياض، خصوصاً ان الاخيرة، وفي موازاة اعلان حليفها الاول الرئيس سعد الحريري عن مبادرته الرئاسية، أدرجت 12 كادراً مقرباً من الحزب في ما يسمى لائحة الارهاب، وهو ما ترك استغراباً في الاوساط السياسية وصل الى حد التشكيك في جدية ترشيح رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية للرئاسة.
فرنجية مرشح مؤجل
ترشيح فرنجية، وإن يكن أحرج حلفاء “المستقبل،” فإنه وضع حلفاء زعيم “المردة” في مأزق لا يستهان به.
فالامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ما برح يكرر في اطلالته المتلفزة ان مرشحه هو حليفه في “ورقة تفاهم 6 شباط 2006 ” العماد ميشال عون، وإن يكن مرر موقفاً يحتمل التأويل، ومفاده ان الاخير ممر إلزامي للرئاسة، بما يعني ان الحزب قد يتراجع عن دعمه لعون إذا ارتأى رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” ذلك، الا ان اعتصام حارة حريك بحبل الصمت خلال الايام الفائتة وعدم تعليقها على ترشيح فرنجيه، زاد الريبة في الرابية، وجاء موفد او اكثر من الضاحية ليبلغ عون ان دعمه للرئاسة “كالكتاب المقدس”، وهو ما أراح الجنرال، علماً أنه كان شديد الاطمئنان لموقف “الحليف المقاوم” بحسب احد اعضاء التكتل.
بدوره سجل “تيار المردة” عتباً على “حزب الله” بعد مواقف لشخصيات مقربة من المقاومة هاجمت فيها فرنجيه وقبوله بالترشيح المحمول على أجنحة سعودية، وذهب احدهم الى مهاجمة المرشح للرئاسة لعدم تنسيقه مع حلفائه. وفي سياق متصل، يرى مقربون من الحزب انه كان ينظر الى زعيم “المردة” كمرشح للرئاسة في التوقيت المناسب، والحرص على فرنجيه كان كبيرا الى درجة ان الحزب لا يريد التفريط به في هذه المرحلة. وفي موازاة ذلك، يرى متابعون لطريقة “حزب الله” في ادارة العملية السياسية ان السعودية حاولت عبر مباركة ترشيح فرنجيه إحداث التصادم بين الحزب وحلفائه عبر خطوات عدة، لن يكون آخرها منع بث “المنار” على “عربسات” . وعليه، فإن جلسة الانتخاب في 16 من الجاري لن تحمل جديداً بعدما ضاقت هوامش المناورة، وبالتالي قد تعود البلاد الى المسلسل الممل في الدعوة للجلسات، ما لم تظهر معطيات جديدة تقتضي تحديد موعد قبل الاعياد. ويختصر أحد المقربين من الحزب الصورة، بما نقله زوار دمشق عن مسؤولين فيها ان القرار في الشأن الرئاسي لدى شخص حكيم في لبنان، والحرف الاول من اسمه السيد حسن نصرالله.
التسوية بين مطرقة الترشيح وسندان التصلّب المسيحي طارت المواعيد وحطّت مكانها شياطين التفاصيل
هدى شديد/النهار/8 كانون الأول 2015/جمّدت التسوية التي كانت لاحت تباشيرها مع ترشيح النائب سليمان فرنجيه، بعدما اصطدمت بمأزق التفاصيل الذي ينذر بتمديد جديد لأمد الفراغ الرئاسي. وكل ما ضرب من مواعيد عن انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية السنة تبخّر فجأة، ولم يبق من أخبار مشروع التسوية سوى الشرخ الذي أحدثه داخل معسكريْ 8 و14 آذار، مع محاولات لم تنجح حتى الآن في الترقيع، لا هنا ولا هناك. وما حكي عن لقاء سعودي – إيراني بين رئيسيْ ديبلوماسية ايران والمملكة العربية السعودية على هامش مؤتمر فيينا الاخير، يقول المطلعون إنه لم يأتِ على ذكر لبنان، وان الرئيس سعد الحريري، وإن يكن بادر في اتجاه فرنجيه بموافقة مسبقة من الطرف السعودي المعني بالملف اللبناني، فإن ذلك الترشيح لم يأتِ بناء على توافق سعودي – إيراني مسبق، بل في سياق مباركة سعودية لمحاولة لبنانية – لبنانية لتحريك ملف الرئاسة وإخراج البلد من الفراغ المؤسساتي الشامل، ومن دون خطة واضحة البنود. ولذلك جاءت تداعيات هذا الترشيح أكبر من أن تُعالج على مستوى الإسم المطروح، وتضخّمت مع دخولها حيّز التفاصيل ، التي لا تبدأ فقط من قانون الانتخاب ولا تنتهي مع تكوين السلطة التي يفترض ان تنبثق منه في المرحلة المقبلة . لذلك يتوقّع المطلعون أن تؤدي التصدّعات التي احدثها طرح مشروع التسوية داخل البيتين الى ازمة جديدة خطرة ومفتوحة على كل الاحتمالات. ويشير المطلعون الى ان الديناميكية الدولية الداعمة لانتخاب رئيس للجمهورية اصطدمت بعقبات الداخل، وأبرزها غياب الاجماع المسيحي الذي يحرص عليه فرنجيه نفسه، اضافة الى موقف “حزب الله” الذي ساهم، بصمته وعدم مبادرته في اتجاه معالجة عقدة العماد ميشال عون، بطريقة أو أخرى، في فرملة هذه التسوية وتجميدها. ولذلك يستبعد هؤلاء ان يعود الرئيس الحريري الى بيروت ما دام حلفاؤه وحلفاء فرنجيه لم يوضحوا موقفهم من الترشيح، وما دام ان من يعمل على هذه الطبخة بات يفتقد أدنى مكوناتها. في المقابل، تشير مصادر مسؤولة في كتلة “المستقبل” النيابية، الى “أن ما بني على ضرب مواعيد كان كذباً مبنياً على كذبة، ولا مواعيد قبل اكتمال عناصر التسوية التي ما زالت قيد العمل الجدي، وهي ليست مزحة، وكل الاطراف تعمل على إنضاجها، على كل المستويات، وهي لا تحتمل التبصير ولا “الضرب بالمندل”. الا أن هناك معضلتين أساسيتين تواجهانها: موقف “حزب الله” مع العماد عون وموقف “المستقبل” مع “القوات اللبنانية”، مع التأكيد أن خطوط التواصل مفتوحة بين معراب و”المستقبل”، ويندرج في هذا الاطار التعميمان الصادران عنهما بوقف الحملات المتبادلة بين أنصارهما. وفيما تشير مصادر الى زيارة متوقعة للنائب فرنجيه اليوم للرابية، تذهب مصادر اخرى مطلعة على موقف عون الى القول إن التسوية لم تبدأ كي تنتهي، ولم تكن معطياتها في الاساس دقيقة، بقدر ما حاول البعض الضغط في اتجاهها إعلامياً. ولذلك لن يتراجع عون عن ترشٰحه، وقراره نهائي، ولن يسلّم بمبدأ الحصول على قانون انتخاب قائم على النسبية وكفيل بتحقيق المناصفة الحقيقية والعدالة في التمثيل، خصوصاً ان طريقة التعامل مع الترشيح الرئاسي ، ومن خلاله مع الكتل المسيحية، شكّلت دليلاً واضحاً على التحكٰم في قرارهم. انطلاقاً من كل المعطيات المذكورة، رئاسة الجمهورية عالقة، ومعها كل التسوية، بين مطرقة الترشيح وسندان التصلّب المسيحي، معطوفاً على شياطين التفاصيل، والبعض يقول إن المبادرة فشلت وبعض آخر يقول إن فرنجيه هو “المرشح” مع وقف التنفيذ والتسوية جمّدت الى حين.
3 “تهويلات” للقبول بالتسوية وسعي إلى القضاء عليها هل “تفرملَت” محاولة تمرير انتخاب الرئيس؟
ألين فرح/النهار/8 كانون الأول 2015/تبقى التسوية الرئاسية المطروحة تتصدر كل ما عداها من ملفات، وسط استعجال البعض الانتهاء منها وصمت البعض الآخر المعبّر وهو الاساس أي حليفي النائب سليمان فرنجيه الاساسيين العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله، ورفض أفرقاء تحديداً من 14 آذار.
يرى متابعون للتسوية الرئاسية، بعد أسبوعين من طرحها نوعاً من الفرملة للاندفاعة التسووية لأسباب عدة، على رغم اتصال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بفرنجيه (علماً ان فرنسا لم يعد لها نفوذ في لبنان كالسابق) وعلى رغم زحمة اللقاءات الديبلوماسية معه:
اولاً، ما حصل بين اجتماع المطارنة وعظة البطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الأحد، الذي شدد الأخير على “درس جدي لهذه المبادرة والتحاور والتشاور بشأنها وجها لوجه، بروح من المسؤولية الوطنية الرفيعة، بغية الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية بقرار وطني موحد وشامل بحيث لا يفرض فرضاً”. وبالتالي لم يدخل البطريرك بازار تسمية مرشح للرئاسة على حساب آخر، ولا في تبنّي تسوية خارجية ودعمها داخلياً. ثانياً، هجوم مسؤولي “حزب الله” وإعلامه على المملكة العربية السعودية على خلفية وقف بث قناة “المنار” عن القمر الاصطناعي “عربسات”، واعتباره استهدافاً واقتصاصاً ليس فقط للمقاومة بل أيضاً لكل الشعب اللبناني في هذه الظروف الحساسة والدقيقة، قاصدين بذلك مبادرة التسوية. هذا يعني ان الحزب، عبر هجومه، لم يراعِ مقتضيات التسوية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري بالتنسيق مع السعودية التي اتخذت تدبيراً يمسّ حليف فرنجيه الأساس أي الحزب.
ثالثاً، اندفاعة الرئيس نبيه بري وقوله اذا لم يحصل الانتخاب في 16 الجاري هذا يعني ان التسوية تكون “تمودرت”.
رابعاً، صمت العماد عون يدل الى رغبة منه في الحفاظ على تماسك الفريق الذي ينتمي اليه وعلى ضرورة بقاء فرنجيه ضمن هذا الفريق، وهو الذي يعرف ان موقف “حزب الله” استراتيجي بالنسبة الى دعمه عون للرئاسة.
خامساً، ما نقل عن أجواء سوريا، وإحالة كل من يسأل الرئيس بشار الأسد عن الاستحقاق الرئاسي بالعودة الى السيد حسن نصرالله.
سادساً، أصبح فريق 14 آذار اليوم بين نارين، الاولى مردها إلى عدم رغبته في الإكتواء بهذه التسوية، والأخرى نار مسؤولية من سيتولى إخراج التسوية من التداول من دون أن يشكّل ذلك هزيمة اخرى تحديداً للحريري. ذلك لا يعني ان التسوية انتهت أو سقطت، لكن من غير المرجح أن تمرّ بسهولة في ظل عراقيل داخلية كثيرة منها في صفوف الرئيس الحريري ومع حلفائه، أبرزها رفض الدكتور سمير جعجع للمبادرة وموقف حزب الكتائب اللبنانية منها.
ثمة محاولة لتسويق 3 تهويلات للقبول بالتسوية، يرفضها معارضو التسوية المطروحة في هذا الشكل، ويعتبرون انه يجب حكماً إجهاضها والقضاء عليها، أي التهويلات:
1 – رفض مقولة الانهيار المالي والاقتصادي في حال عدم القبول بالتسوية، اذ ان كل الكلام الصادر عن المصرف المركزي يؤكد ثبات سعر صرف الليرة. ويعودون بالذاكرة الى العام 1992 وابعاد الرئيس الراحل عمر كرامي عن الحكم ليبدأ عهد الحريرية السياسية وانهيار الليرة اللبنانية.
2 – رفض التهويل بالدم، فاستقرار لبنان يخضع لمظلة اقليمية وداخلية ما انفكّ الجميع يشدد على هذا الاستقرار وأولهم مسؤولو “المستقبل” ومن هم معنيون بالوضع الأمني.
3 – اذا لم يتمّ انتخاب سليمان فرنجيه الآن فلن يكون غيره رئيساً للجمهورية، ومن قال ان المسيحيين لا يستطيعون انتخاب أو تسمية الرئيس؟ ومن قال انه يحق للرئيس سعد الحريري أن يسمّي رئيس الجمهورية؟ فهذا قمة الاستئثار بالسلطة.
في اختصار، بقدر ما كانت “المناورة” جدية، أصبحت الفرملة اليوم جدية