إيران تتمسك بملف لبنان بعد تآكل نفوذها في سوريا
طهران تتراجع عن مساندة انتخاب النائب في البرلمان اللبناني سليمان فرنجية رئيسا جديدا للبلاد.
العرب/نُشر في 28/12/2015،
ظل الخميني يستحوذ على القرار في لبنان
بيروت – تراجعت إيران عن مساندة اتفاق قوى مدعومة من جهتها في لبنان على انتخاب النائب في البرلمان سليمان فرنجية بعدما أدركت أنها لم تعد كما كانت في السابق المحرك الأساسي للأحداث في سوريا. ووصلت إيران مؤخرا على ما يبدو إلى قناعة بأنها خسرت الكثير من نفوذها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لصالح روسيا التي عززت من حضورها السياسي والعسكري في الأزمة السورية، ومن ثم لا تريد تكرار نفس السيناريو في لبنان. وقالت مصادر سياسية في بيروت لـ”العرب” إن توسّع النفوذ الروسي في سوريا ساهم إلى حد كبير في زيادة الوضع اللبناني تعقيدا نظرا إلى أن إيران باتت تعتقد أن عليها الإمساك بملف لبنان أكثر من أيّ وقت آخر، في وقت بدت فيه روسيا عاقدة العزم على محاولة التسريع لانتخاب رئيس لبناني بعد إخفاق دام أكثر من عام ونصف العام. ووجدت طهران نفسها مضطرة إلى تقاسم النفوذ في سوريا مع موسكو في مرحلة كان فيها النظام في دمشق على وشك الانهيار. وقالت المصادر إن إيران تسعى إلى تفادي تكرار التجربة السورية في لبنان، مشيرة إلى أنها باتت تقف على طرفي نقيض مع روسيا من انتخابات الرئاسة وملء الفراغ الدستوري والرئاسي في لبنان.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من وعد بتسهيل انتخاب رئيس للبنان خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو 2014، لكن سرعان ما سعت إيران إلى تعطيل التفاهم الذي توصل إليه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري مع سليمان فرنجية. وتريد إيران بذلك إظهار أنها مازالت تتحكم بملف الرئاسة اللبنانية، وأنها تمسك بمفاصل البلاد خصوصا عبر الدعم اللامحدود الذي تقدمه لميليشيا حزب الله صاحبة التأثير الواسع سياسيا.
مايكل يونغ: مليون لاجئ سوري والخطر الجهادي يحولان لبنان إلى قنبلة موقوتة وكان الحريري، الزعيم السني المدعوم من المملكة العربية السعودية، تقدم باقتراح لتقاسم السلطة يصبح بموجبه فرنجية رئيسا للجمهورية على أن يتولى هو منصب رئاسة الوزراء. لكن وصول فرنجية، صديق الأسد، إلى سدة الرئاسة يتطلب موافقة الزعيم الماروني ميشال عون، إذ يرى نفسه الأحق بتولي المنصب الذي يجب أن يشغله مسيحي ماروني. وتعتبر موافقة عون حيوية لإنجاح أيّ اتفاق بسبب الدعم الذي يحظى به من ميليشيا حزب الله الشيعية المدعومة من إيران. وقالت مصادر لبنانية إن حزب الله كان يقف خلف عون في مواجهة سمير جعجع مرشح قوى 14 آذار، لكنه كان مستعدا طوال الوقت بالدفع بفرنجية كي يكون مرشحه البديل قبل أن يسارع الحريري إلى طرحه.
وقال السياسي اللبناني مصطفى فحص لـ”العرب” إن “طرح الحريري اسم فرنجية للرئاسة أحدث ارتباكا داخل تحالف 8 آذار، وأجبر حزب الله على الدخول في مأزق البحث عن تسويات داخلية يتم من خلالها استرضاء عون المتمسك بالترشح”. وأضاف “حزب الله لم يكن يتوقع ترشيح الحريري لرئاسة الوزراء ضمن الصفقة، ومن ثم كان متوقعا أن يقابل فرض الصفقة بشروطها الحالية عليه بفرض شروط تعجيزية من جهته للقبول بتولي الحريري رئاسة الحكومة”.
ويقول مايكل يونغ المحلل السياسي المقيم في بيروت “مع وجود قرابة مليون ونصف مليون لاجئ سوري في لبنان وطرق الخطر الجهادي على أبواب البلاد، تحول لبنان إلى قنبلة موقوتة”. وأضاف “إذا انفجرت هذه القنبلة الموقوتة فستخلق كابوسا مماثلا لكابوس سوريا، لذلك فالفراغ في لبنان يجب أن يصل إلى النهاية بأسرع ما يمكن”. وحظيت صفقة الحريري-فرنجية، التي كانت على وشك التحول إلى واقع، بمباركة أميركية وأوروبية. لكن السياسيين المدعومين من إيران قرروا التراجع فجأة. ويقول مراقبون إن تعطيل إيران انتخابات الرئاسة والصفقة التي حصلت بين الحريري وفرنجية، برعاية أميركية وأوروبية وسعودية، يستهدف إجبار الإدارة الأميركية على الدخول في حوار مباشر معها، وليس مع أيّ جهة اخرى، في شأن مستقبل لبنان. وذكروا أن إيران مصرّة أكثر من أيّ وقت على اعتبار لبنان تحت وصايتها، وهي تطمح، عبر تعطيل انتخابات الرئاسة، إلى تغيير النظام في لبنان بما يضمن لها السيطرة على مؤسساته بشكل دستوري.وتخطط طهران للوصول إلى هذه السيطرة من خلال إقرار حقوق معينة للطائفة الشيعية في الدستور تسمح لها بالحصول على امتيازات حاسمة في جميع القضايا الداخلية.
نصرالله يوسع المعركة: العودة الى العمل الخارجي!
المدن – سياسة | الإثنين 28/12/2015
هي المرة الأكثر وضوحاً، التي يعلن فيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، أن الحزب قد يقوم بالردّ على اغتيال سمير القنطار، خارج لبنان وسوريا، وفي أي مكان فيه وجود للإسرائيلي، هذا الكلام بالإضافة إلى اعتبار نصرالله أن الردّ قادم لا محالة، أياً تكن التبعات، هو الكلام الجديد على لسان نصر الله. في مضمون الخطاب، ثمة مفارقتان، الاولى هي التشديد على مبدأ الحرب المفتوحة والساحات المفتوحة، وبعد أن كانت الجبهات المعلنة مع العدو تقتصر على سوريا ولبنان، لا سيما بعد إعلان نصرالله لقواعد اشتباك جديدة بعد الغارة الإسرائيلية على القنيطرة التي قضى فيها جهاد مغنية، نجل القائد العسكري للحزب عماد مغنية، وأعلن عقبها نصرالله أن الحزب سيكون حيث يجب أن يكون وأن الجبهات بين الجنوب السوري واللبناني أصبحت موحدة ضد الإسرائيلي. يؤشر هذا الكلام بحسب مصادر متابعة إلى أن نصرالله، يحاول تجنّب الرد من سوريا أو لبنان، وذلك لإبقاء قواته بمنأى عن أي ردة فعل إسرائيلية، بمعنى انه يتجنب إدخال حزبه في حرب مفتوحة على غرار العام 2006، ولكن ماذا عن كلامه بأن الرد قادم مهما تكن التبعات؟ تقول المصادر إنه لا يمكن لنصرالله أن يقول غير ذلك، وفي حال حصلت أي عملية في الخارج فلن يكون مبرراً لإسرائيل بشنّ حرب على لبنان، لأنها ستكون بمثابة ضربة مقابل ضربة. وبالتالي من المفترض على الإسرائيلي الرد على هذه الضربة بموجب قواعد الإشتباك المعمول بها، ومبدأها عدم الدخول في حرب شاملة. وأبعد من ذلك يضمر موقف نصرالله تهديداً للولايات المتحدة الأميركية، على خلفية العقوبات المفروضة عليه. وفي قراءة لمضمون الخطاب، يظهر أن نصرالله أراد تشبيه مرحلة الرد على اغتيال القنطار، بآلية الرد على اغتيال عماد مغنية، لجهة العمل خارج لبنان أو سوريا أو فلسطين، وهنا لا بد من العودة بالذاكرة إلى سنوات خلت، حيث فشل الحزب في تنفيذ عدد من العمليات ضد أهداف إسرائيلية في أكثر من دولة، وكان سبب إفشال هذه المخططات هو وجود عملاء في صفوف الحزب، ومن بينهم قياديون بارزون.
من أبرز العمليات التي فشل الحزب في تنفيذها في الخارج، كانت عملية بورغاس في بلغاريا، والتي تشير المعلومات إلى أن إسرائيل كانت على علم بها قبل حدوثها، بناء على معطيات حصلت عليها من أحد عملائها الكبار في الحزب، المدعو محمد شوربا، وهو مسؤول الوحدة 910 في الحزب المسؤولة عن العمليات الخارجية، كما أنه تم إفشال مخططات للحزب كانت تهدف إلى تفجير السفارات الإسرائيلية في كل من الهند، تركيا، تايلاند وقبرص. وبعد فشل هذه العمليات أو الخطط، سرّب كلام عن أن الحزب قد ألغى عمل الوحدة 910، وبالتالي ألغى مفهوم الحرب الخارجية من قاموسه، إلا أن ثمة شيئاً تغيرّ مؤخراً ليعلن نصر الله أن على الإسرائيليين توقع حدوث أي عملية، في أي زمان أو مكان لا سيما في الخارج. وفي المقابل هناك من يعلّق منتقداً لـ”المدن”، بأنه بمجرد إعلان نصر الله ذلك، يشكل إنذاراً إلى الإسرائيلي كي يكون حذراً، إنطلاقاً من وجهة النظر القائلة بأن من يريد الردّ العسكري لا يعلن عنه، كما يعلّق المنتقدون، أنه بإعلانه هذا، قد يكون الحزب حصل على فترة سماح جديدة للردّ، بمعنى تأجيل الرد إلى فترة غير قريبة وغير منظورة، وتكون مرتبطة باستحقاقات إقليمية معينة، وعليه فإما أن يكون الردّ الخارجي، هامشياً كعملية بورغاس من دون أي تداعيات، أو يكون الرد مختلفاً ومنطلقاً من حسابات إقليمية، قد يحتاج الحزب فيها، الى قلب الأمور والطاولة، لإعادة تغيير الوقائع على الأرض، وقد تكون المسألة مرتبطة بالتطورات السورية.
2016 لدى “حزب الله”: عام التصعيد مع واشنطن!
سامي خليفة/المدن/الإثنين 28/12/2015
بدا العام 2015 محورياً بالنسبة للعلاقة بين “حزب الله” والولايات المتحدة بإستثناء خرق بسيط فرضه توقيع الإتفاق النووي، وعليه أبقت أميركا على سياسة العصا والجزرة مع الحزب تاركةً نافذة أمل لتسوية يكون ضمنها من بوابة الاتفاق مع إيران،فيما اعتمد الحزب قراءة براغماتية للصورة النمطية للعداء مع أميركا، محاولاً اقناع الجمهور بصوابية الخيارات الإيرانية وبضرورة الإتفاق مع واشنطن في نهاية المطاف كأمر لا بد منه. حمل العام 2015 العديد من الأحداث التي كانت لها ارتدادات سلبية وايجابية على العلاقة الهشة بين الطرفين، ولعل أفضلها الأنباء التي تواردت عن إحتمال فتح قنوات اتصال بين الحزب وأميركا بداية العام عن طريق طرف ثالث. ومع أن ما تناقلته الصحافة الأميركية بقي في إطار التكهنات إلا أنه لم يكن مستغرباً، خصوصاً أنه تردد في العام 2013 عن إجراء مفاوضات سرية مشابهة جرت بين الطرفين في بيروت. واتباع الحزب خطاباً هادئاً تجاه أميركا في فترات مختلفة من السنة عزز هذه التسريبات.
الهدوء لم يدم طويلاً، وعادة العلاقة بين الطرفين الى أسسها السابقة، من بوابة العراق وسوريا، حيث بقي الحزب يشكك بنوايا التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، كمناورة لتقوية التنظيم، وإرباك محور الممانعة، وصولاً إلى تصويت لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي على قانون يتعامل مع الأكراد والسُنة كـ”بلدين مستقلين”، الأمر الذي وجد فيه الحزب مدخلاً لتهديد مسرح عملياته في سوريا وتغيير خريطة النفوذ في المنطقة، لتعلن بعدها واشنطن دعمها لعملية عاصفة الحزم العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لهزيمة الحوثيين. ومع توقيع الاتفاق النووي تحول خطاب الحزب، معتبراً ما جرى أنه نصر سيغير وجه المنطقة، مبرراً ما جرى بحاجة واشنطن إلى تخفيف حدة العداء معه ومع إيران لإنشغالها في احتواء الصين في منطقة المحيط الهادئ. لكن حجج الحزب سرعان ما تبددت بعد أن صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه سيجبر “حزب الله” على الدخول في هدنة طويلة مع اسرائيل. وما عزز إحتمالات التقارب هو معارضة إسرائيل والحزب الجمهوري للإتفاق لعدة أسباب أهمها استفادة الحزب من رفع العقوبات على إيران، خصوصاً أن معهد واشنطن نشر دراسة آنذاك حذرت من توسع نشاطات الحزب بعد حصول إيران على الأموال المجمدة.
لكن كل هذه السيناريوهات تبددت مع نهاية العام، اذ عاد إلى الضوء مجدداً موضوع العقوبات التي فُرضت، وأبرزها موافقة مجلس النواب الأميركي على فرض عقوبات على “حزب الله”، وصفها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي أد رويس بالتشريع الذي يمثل الخطوة الأولى في دحر “حزب الله” وخطره. ولعل السبب الأساسي في الخطوات التصعيدية الأميركية كما يعزوها نائب رئيس البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر يكمن في الحد من قدرة الحزب بعد زيادة التمويل الإيراني المتوقع عام 2016 على تعزيز ترسانته العسكرية وخوض حروب اخرى مع اسرائيل، ودفعه لسحب قواته من سوريا، او إعادة تجميعها في مناطق محددة، والضغط عليه في الداخل اللبناني لتقديم تنازلات في ملفات عديدة منها الملف الرئاسي. وعن افاق العلاقة مع أميركا في العام المقبل، تتحدث مصادر “حزب الله” لـ”المدن” عن عقوبات جديدة أكثر قساوة من مشروع السيناتور ماركو روبيو الأخير يتم التحضير لها، وبالتالي ستبقى العلاقة على ما هي اليوم مع احتمال حدوث بعض الخروق البسيطة التي قد تتمثل بمحادثات تتعلق بتصويت مجلس الأمن على مشروع قرار أميركي يدعم خريطة طريق دولية لعملية السلام في سوريا، لأن “حزب الله” طرف في الحرب، إضافة إلى بدء تطبيق الاتفاق النووي. الا ان المصادر نفسها تتطلع بحذر للحدث المفصلي في تشرين الثاني من العام المقبل المتمثل بالانتخابات الرئاسية الأميركية ووصول الجمهوريين لسدة الحكم مع ما يحمل ذلك من دلالات، ان من جهة احتمال التنصل من الاتفاق مع إيران، أو من جهة الحملات العنصرية التي يشنها المرشحون الجمهوريون كدونالد ترامب، وراند بول، وريك سانتروم، ما يذكر بحقبة جورج بوش الإبن، وبالتالي احتمال وقوع حرب وتصادم مباشر.