إعدام النمر أصاب الاستحقاق الرئاسي ونسف مساعي التوفيق بين السعودية وإيران
خليل فليحان/النهار/4 كانون الثاني 2016
أدرج إعدام الشيخ نمر باقر النمر في لائحة الموانع التي ما زالت تحول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية في 2016، نظرا الى ردة الفعل الإيرانية التصعيدية ديبلوماسيا” بتسليم كتاب احتجاج شديد اللهجة الى القائم بالاعمال السعودي في طهران مع حرق مقر القنصلية العامة في العاصمة الإيرانية. كما سلم سفير ايران لدى المملكة كتابا شديد اللهجة على إعدام نمر، الشيعي السعودي الذي كان يدافع عن حقوق الأقلية الشيعية في السعودية. وأفاد “النهار” سفير تنتمي دولته الى “المجموعة الدولية” لدعم لبنان أن إعدام النمر أتى لينسف المساعي المبذولة لإعادة العلاقات الى طبيعتها بين السعودية وإيران، وهناك انعكاس سلبي من جراء ذلك على الاستحقاق الرئاسي، وكان أكثر من رئيس كتلة برلمانية مؤثرة يراهن على التفاهم بين الدولتين.وأشار الى أن موانع أخرى تبعد أي موعد قريب لانتخاب رئيس للجمهورية، وتلخص بمجموعة لاءات منها
اولا: لا تفاهم لبنانيا بين النواب، لا كتل ولا أفراد.
ثانيا: لا تفاهم سعوديا-إيرانيا، بل تصعيد ديبلوماسي وميداني بلغ الذروة بين الدولتين المتنازعتين.
ثالثا: لا تفاهم دوليا – إقليميا.
رابعا: لا تفاهم دوليا على اسم مرشح.
واستغرب اقتناع عدد من رؤساء الكتل البرلمانية بأن الفكرة التي كان أطلقها الرئيس سعد الحريري بتأييد نائب زغرتا رئيسا للجمهورية لا تزال “حية “على الرغم من الانشطار السياسي سواء في صفوف 8 أو 14 آذار بعد طرح الفكرة . واستدرك ليقول إذا كان المقصود أن فرنجيه لا يزال مرشحا حتى الآن ما دام لم يحل محله مرشح آخر، فهذا صحيح. أما اذا كان المقصود أن الفكرة ما زالت تصلح وتحتاج الى مزيد من الاتصالات لترجمتها عمليا، فهذه مسألة قابلة للنقاش، لأن قوى أساسية مسيحية مثل ميشال عون وسمير جعجع وحزب الكتائب، ومسلمة مثل “حزب الله” تعارضها، وهذا يعني أن حركة الاتصالات التي كان أطلقها الحريري بعد لقاء خصمه في باريس والتأكيد له أنه مستعد لتأييده للرئاسة لم تلاق إيجابية، بل على العكس فرزت قوى جديدة معارضة لها، بما يؤكد أنها غير قابلة للحياة، وأن المطلوب مرشح آخر. ويعود السبب الى أن رئيس الجمهورية في لبنان يجب أن يكون توافقيا، وان الحريري الذي اختار خصمه فشل، لأنه تفرد في طرحه ولم يأتِ نتيجة تشاور مسبق مع قوى 14 آذار ولا مع الثامن منه. وأوضح أنه إذا كان صحيحا أن كلمة الفصل لانتخاب رئيس للبلاد هي للخارج، فإن التوافق الإقليمي غير قائم بعد إعدام النمر. واختصر المواقف من الاستحقاق الرئاسي بأنها لا تسمح حتى بالتكهن بأي موعد لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، إذ إن الرهان على تفاهم إقليمي حاليا أصيب بنكسة قد تطول بعد ما كان يطبخ على نار هادئة وبعيدة عن الاضواء في مسقط، في سلطنة عمان. وقال: “من الثابت أن الفاعليات الناخبة ازدادت خلافاتها بعد طرح الحريري دعم فرنجيه، فخلطت المواقف الى حد كبير وأدت حتى الى تعطيل أي تفاهم”. ورأى أنه يمكن التعويل على امكان امرار انتخاب الرئيس قبل حلول موعد التنفيذ العملي للاتفاق النووي بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وإيران من جهة ثانية، أي بعد11 يوما من الآن. وذكر أن الصاعق التفجيري الآخر على مستوى الإقليم، المعرقل لانتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب، هو انهيار وقف النار في اليمن. وينعكس العاملان سلبا على إمكان التفاهم بين الرياض وطهران. وختم بأنه يمكن الاستغناء عن العامل الإقليمي لو كان هناك من دولة عالمية او عربية قادرة على الضغط لانتخاب رئيس للبلاد الذي لا يمكن أن يحظى بتأييد جميع الأفرقاء المتنافسين.
إعدام إيران… إعدام الإرهاب
أحمد عدنان/العرب/نُشر في 04/01/2016
أعدمت السعودية 47 إرهابيا، من بينهم 2 من الشيعة والبقية من السلفيين، فثارت ثائرة إيران وأذنابها، ومع ذلك تمشي السعودية في طريقها. ليس سبب إعدام نمر النمر تهجمه على وزير الداخلية الأسبق الأمير نايف بن عبدالعزيز. عبدالله الحامد فعل الشيء ذاته ولم يعدم، كما أن علاقة آل النمر بالأسرة الملكية، بل وبوزارة الداخلية تحديدا، أكثر من وطيدة، وبالتالي ليس هناك مجال للشخصنة. ولم يعدم النمر بسبب دفاعه عن حقوق الشيعة أو نقد مؤسسة الحكم، أغلب السعوديين، سنة وشيعة، يفعلون ذلك كل يوم. أعدم نمر النمر لسببين: الأول هو عمالته لإيران، والثاني هو تكوينه لميليشيا. وكما جرى مع حزب الله في لبنان ومع الحوثيين في اليمن، بدأ مشروع العمالة والميليشيا بخطاب جاذب. في لبنان مقاومة إسرائيل، وفي اليمن الثورة على الحرمان، وفي السعودية تحدث النمر عن مظالم السعوديين عامة، وحقوق الشيعة خاصة. كان ذلك غطاء ومقدمة للمشروع الميليشيوي الذي بدأ فعلا. كان رجال الأمن في الشوارع موضوع استهداف لميليشيا النمر، بل إن القبض عليه احتاج معركة دامية بعد أشهر طوال من الاختباء والتمرد. لا يعقل أن يكون انتماء الفرد إلى طائفة معينة درعا أمام القانون، ولا يعقل أن يكون للإرهاب مذهب أو طائفة. هذا ما طبقته السلطات السعودية، حين استهدف الدواعش مساجد وحسينيات شيعية تم القبض عليهم وتقديمهم للقضاء، والإعدام مصيرهم عاجلا أو آجلا. وهذا نموذج لتصدي الدولة للإرهاب السلفي إضافة إلى إعدام الإرهابيين السلفيين الذين طبقت عليهم العقوبة مع النمر ممثل الإرهاب الشيعي، كان منهم فارس آل شويل أحد رموز تنظيم القاعدة التي استهدفت في المملكة السعوديين والأجانب ومؤسسات الدولة والسنة والشيعة على السواء. شنت السلطات السعودية حربا لا هوادة فيها على القاعدة وداعش اللذين ينتسبان جورا إلى السنة، وهي لن ترحم الإرهاب الإيراني المنتسب زورا إلى الشيعة، ولن يطالبها أي وطني بالتقاعس مع هؤلاء أو أولئك، ولو تهاونت أو فرقت بين إرهاب وإرهاب لن يحترمها أحد.
لو تم التعامل بدلال مع ظاهرة النمر لذابت هيبة الدولة، ولوجدت السعودية أن حربها على الميليشيات الإيرانية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان أصبحت داخل البيت السعودي، وبعد أن كانت المشكلة نسخة من نمر النمر سنستيقظ على المئات من أشباهه. والواجب على المملكة إغلاق ملف تفجيرات الخبر 1996 التي تورطت فيها إيران وحزب الله صراحة خصوصا بعد القبض مؤخرا على الإرهابي أحمد المغسل. وإذا انتقلنا من خانة الاتهام إلى موقع الإدانة، عبر القضاء، فخلية المغسل تستحق العقاب كبقية الإرهابيين.
لا أحب الاختباء خلف الأصابع. هناك من اعتقلوا تعسفيا في المملكة بسبب ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي أو بسبب نشاط حقوقي، وأنا أطالب بإطلاق سراحهم جميعا. وهناك مشكلة في ملف المواطنة سعوديا، وأنا اطالب بحلها سريعا وجذريا، لكن ما أنا متأكد منه أن قضية النمر لا علاقة لها بالحرية ولا بحقوق الإنسان ولا بالمواطنة. إنما الأمر هنا هو ملف الإرهاب والتعدي على الدولة، لو كانت إيران حريصة على الشيعة السعوديين لتحدثت مثلا عن الشاعر عادل اللباد أو لتطرقت إلى الكاتب نذير الماجد الذي اعتقل سابقا، لكنها لا تهتم بغير عملائها. فاللباد هو صاحب كتاب “الانقلاب” الذي فضح المشروع الإيراني وأثبت عنصريته وإرهابه من خلال تجربته الواقعية. وكتابات الماجد همها الدولة المدنية التي تناقض الجمهورية الإسلامية، والمشروع الإيراني قائم على الإرهاب والعنصرية وكهنوت الملالي ويستخدم ملف الشيعة العرب كشماعة وفزاعة.
الصراخ الإيراني على إعدام النمر لابد من ربطه مع حلقات عدة: غضب إيران على التحالف الإسلامي الذي أعلنته المملكة ضد الإرهاب، ولجوء قيادات من تنظيم القاعدة في إيران، حصرية قتال الحرس الثوري الإيراني وما يسمى بحزب الله ضد المعارضة السورية وليس ضد داعش في سوريا، تمرد الحوثيين على الدولة اليمنية، تأسيس الحشد الشعبي في العراق لإبادة السنة، حالة إسحاق الزكزاكي في نيجيريا، كلها سلسلة تؤكد ارتباط إيران والإرهاب بنسيج واحد. في المقابل، رغم بعض المشكلات في المؤسسة الدينية، أثبتت المملكة قطيعتها النهائية مع الإرهاب ومع الطائفية. الحرب على الإرهاب لن تتوقف والتنمية لن تتعطل، الإسماعيليون تعين منهم وزير في الحكومة وتواجدهم في المؤسسات الرسمية طبيعي، والشيعة من يتعدى عليهم سيعامل بحزم ومن يتعدى منهم سيعامل بحزم، وهذا هو منطق الدولة ودورها: المواطنة أولا، أي أننا نسير في الطريق الصحيحة رغم المسافة الطويلة التي تفصلنا عن خط النهاية والتمام.
اللافت في قضية النمر، هو أن ما يسمى بحزب الله استخدم تكتيكه في الشأن الداخلي اللبناني على قضية سعودية عبر الإعلام. وضع مسألة النمر في خانة حقوق الإنسان والحريات كما فعل مع قضية الوزير السابق ميشال سماحة الذي تحولت قضيته، بقدرة قادر، من تهديد السلم الأهلي والتحريض والتخطيط لجرائم قتل وإرهاب إلى نقل متفجرات فقط، وللأسف وقعت في فخاخ إعلام الحزب الإلهي شخصيات لبنانية محترمة ورصينة، وهؤلاء نقول لهم عاملوا قضية النمر كقضية السلفي اللبناني أحمد الأسير، تطالبون بإعدامه لأنه تسبب في استشهاد عناصر أمنية لبنانية، فما بالكم ترفضون إعدام النمر الذي تسبب في استشهاد عناصر أمنية سعودية؟ المقارنة بين قضيتيْ النمر والأسير تحدد بحسم من هو طائفي ومن هو غير طائفي، ونود التذكير بإعدامات إيران المرتبطة بقضية الأحواز والبلوش.
بعض اللبنانيين يتخوفون من رد فعل إيراني في لبنان عبر تابعه حزب الله. وهذا سبب كاف للثورة على الحزب ورفض مشروعه الذي جعل لبنان ورقة تخدم الأجندة الإيرانية، وإلا فما دخل اللبنانيين بقضية سعودية محلية وسيادية، والحزب الإلهي الإيراني يدمر لبنان بسبب وبلا سبب، بداية من تعطيل الدولة واغتيال الساسة الوطنيين، وتحطيم الحضور المسيحي بالفراغ الرئاسي واستهداف الحضور الدرزي بمحاولة فرض قانون انتخابي نسبي، هذا غير المجازر التي يرتكبها ضد السنة في لبنان وسوريا والعراق، وكل ذلك قبل إعدام النمر، وسيستمر على ذلك بعده.
يُحسبُ لإيران حرصها على كاريزما عملائها، فهذا نصرالله في لبنان وذاك الحوثي في اليمن، والآن نمر النمر في السعودية، يحدثوننا عن خطبه البلاغية المؤثرة والنقدية، لكن أصدقاءنا العرب لا يعرفون الإيرانيين جيدا، هم قوم يقولون ما لا يفعلون. نصرالله يهدد إسرائيل ويقتل السوريين واللبنانيين، والحوثي يشتم أميركا ويحتل صنعاء، والخميني في مرحلته الباريسية أكد التمسك بمكتسبات المرأة الإيرانية واعتقلها في الشادور فور تمكنه من السلطة. لا تحدثني عما قال النمر فأنا أحدثك عن أفعاله وعن أفعال أشباهه في المقلب السلفي، لن يقبل أي سعودي بنسخة جديدة من حزب الله أو داعش في بلاده، قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان.