الدعم الكلامي
أحمد الأسعد/المستشار العام لحزب الإنتماء اللبناني/04 شباط/16
ماذا يفعل العماد ميشال عون بعد في فريق 8 آذار؟
لا التوجهات السياسية لهذا الفريق هي التوجهات الطبيعية للعماد، ولا تبعيته الإقليمية للنظامين السوري والإيراني تنسجم مع تاريخ العماد عون وتطلعات قاعدته، ولا حتى هذا الفريق يوفّر للعماد عون ما يتطلع إليه من دعم في سعيه إلى رئاسة الجمهورية.
فها هو مرشح آخر ينافسه من أهل بيت 8 آذار، وها هو الحليف الشيعي لحزب الله يتنصل منه كمرشح، أما الحزب نفسه، فيواصل وللسنة الثانية على التوالي وبنجاح كبير، فيلم إعلان تأييده العماد عون، من دون أن يترجم ذلك بالنزول إلى مجلس النواب لانتخابه!
فجأة، هكذا، ومن دون سابق إنذار، بات حزب الله يريد إقناع الناس بأنه ينضح ديموقراطيةً! يريد إقناع اللبنانيين بأنه لا يمارس إطلاقاُ أي ضغط على حلفائه، وبالتالي لن يطلب من أي منهم انتخاب العماد عون!
حزب 7 أيار الذي اجتاح شبّيحته و”قمصانه السود” شوارع بيروت، يستخف بعقول اللبنانيين عندما يسعى إلى إقناعهم بأنه أصبح نموذجاً في الديموقراطية!
على كل حال، قد يكون حزب الله فعلاً نموذجاً في الديموقراطية، ولكن…الإيرانية! تلك التي يتغنى بها السيد حسن نصرالله ويبدي إعجابه الشديد بها ويريد أن يتمثل بها لبنان. ديموقراطية قمع المعارضين، ديموقراطية الإقامات الجبرية، والسجون، وطبعاً ديموقراطية “مجلس صيانة الدستور”، والإستنسابية في قبول الترشيحات للانتخابات أو منعها. ومجدداً نقول: على كل مكونات 14 آذار أن تحذو حذو القوات اللبنانية في تبني ترشيح العماد عون، والإتيان به رئيساً لن يغفر حتماً لفريقه الحالي طعنته…ودعمه الكلامي!
عندما تختفي أكياس الذهب والفضة عند السيد
عماد قميحة/لبنان الجديد/04 شباط/16
أتقن حزب الله استعمال سلاح المال على جبهة “المؤلفة قلوبهم” من سياسيين وإعلاميين وأصحاب رأي وفي أوساط العامة من الجمهور والبسطاء، تماماً كما أبدع في استعمال السلاح الحربي على الجبهات القتالية، بالخصوص في السنوات العشرة الأخيرة مع ارتفاع أسعار النفط وبفضل خلق منابع مالية خاصة تكاد تضاهي بحجمها تلك الواردة من المال الإيراني الحلال. لم يخفِ حزب الله يوماً فائض الثراء عنده، بل وقف سماحة السيد في أحد خطبه ليعلن على الملأ كله بأنّ ما يمتلكه من ثروة وخزائن ما أنّ مفاتيحه لتنؤ بالعصبة أولي القوة، ولم يبخل الحزب بإغداق تلك الأموال يُمنة ويسرى، حتى صار الإقتراب من صفوف الحزب فضلاً عن العمل داخله يكاد يكون حلم من أحلام الشباب يغنيه عن التفكير بالسفر والهجرة أو حتى عن إكمال تعليمه. وكنا إلى الأمس القريب نسمع قصصاً وروايات هي أقرب ما تكون إلى القصص الخيالية عن أثرياء جدد انتقلوا سريعاً من حالة الفقر إلى حالة البحبوحة بمجرد نقل ولاءاتهم وإعلان الطاعة للحزب، وصار من السهولة بمكان تمييز الشيخ الشيعي الموالي لحزب الله من غيره أو بأن تعرف حجم مسؤولية أي شاب تلتقيه على الطريق من خلال نوع السيارة التي يقودها أو الثياب التي يرتديها، فبقدر ظهور النعمة على محياه تعرف فوراً بأنّه ينتمي إلى حزب الله.
هذه الحالة للأسف آخذة بالإنحسار تدريجياً، ويحل محلها في الأونة الأخيرة أخبار تتحدث عن ضائقة مالية كبيرة يمرّ بها الحزب، يؤكدها يومياً حالة من النفور والإشمئزاز يعبر عنها مقربون يعملون في الدوائر القريبة من الحزب لم يحصلوا على مستحقات لهم منذ أشهر. يعزو مراقبون أسباب هذا “الطفر” لخفض أسعار النفط في إيران وبأنّ الأزمة الحقيقية هي ما تواجهه إيران من ضيقة اقتصادية تنعكس تلقائياً على الحزب. وإن كنت لا أستبعد دور الأزمة الإقتصادية في إيران إلاّ أنني لا أتصور أنّ موازنة حزب مهما كبر حجمه ستشكل عائقاً أمام دولة بحجم إيران مرّت عليها أزمات أكبر بكثير مما هي عليه اليوم بدون أن يؤثر ذلك على تكاليف “تصدير ثورتها”، وهذا قد يأخذنا إلى القول بأنّ “الحنفية” الايرانية إنما تسكّر هذه المرة، بقرار وعن سابق تصور وتصميم. معلوم أنّ إيران كغيرها من الدول المانحة، لا تسمح للجهات والأطراف المدعومة باستعمال مالها لإنشاء مؤسسات وشركات إنتاجية حتى تبقى ممسكة هي بناصية الجهة الممنوحة ومتمكنة من قرارها ( وهذا ما يفسر خلو الجنوب أو الضاحية والبقاع من أيّ مؤسسات انتاجية)، وبالتالي فإنّ تقليص الموازنة المالية من قبل إيران، مترافقاً هذا الشحّ الإيراني مع الهجمة الأميركية والقرارات العقابية المتعلقة بالبنوك والأفراد المتهمين بعلاقتهم المالية مع الحزب قد يوحي بأنّ هذه الخطوات وتزامنها قد تكون من ضمن الشروط غير المعلنة للإتفاق النووي. فيكون المراد إذن من كل ذلك إنّما هو تهيئة الحزب للمرحلة الجديدة التي رسمتها إيران لنفسها على أنغام ضحكات كيري ظريف، لأنّ الدور المناط بالحزب لم يعد يشكل حاجة استراتيجية لها، بعدما وصلت إلى ما كانت تبتغيه، على قاعدة أنّ الإنفاق يكون بحسب الحاجة، والمطلوب في المرحلة القادمة هو عودة الحزب إلى حجمه الطبيعي بدون أيّ انتفاخ غير مستحب ايرانياً. لا شكّ بأنّ حزب الله المفلس أو الطفران هو حتماً غير حزب الله الثري، وهذا التحول سنتلمسه عند الحلفاء المفترضين قبل الخصوم، ولعلّ واحدة من أهم هذه المؤشرات هي تضعضع فريق ما كان يسمى بـ8 آذار، وما الحرب الإعلامية بين وهاب ويمين إلا بداية هذا التفلت غير المعهود بسبب فقدان هذا الفريق الواضح ” للمايسترو” وضابط الإيقاع الذي كان يلعبه على الدوام سماحة السيد حسن، بفضل ما كان ينثره على الأتباع والحلفاء من أكياس الذهب والفضة. وسيختفي حتماً ولو بشكل تدريجي تماسك هذا الفريق ويختفي معه كل الشعارات الكاذبة عن القضية والمحور والعروبة والممانعة وما إلى ذلك، مع اختفاء رنين تلك الأكياس .