المطلوب رئيس للجمهوريَّة
الياس الديري/النهار/27 أيار 2016
لا يكفي أن يطرح الرئيس نبيه بري والرئيس أمين الجميّل والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والنائب سليمان فرنجيَّة المأزق الرئاسي وعلاّته، كما لو أنه ابن أمس. وأن يعلنوا استنكارهم للوضع الشاذ المقيم في ضيافتنا منذ عامين، مع الاشارة الى أن الرئيس بري يعود إليه الفضل في إطفاء الكثير من الحرائق وإحياء دور الحوارات. باختصار، لقد تحدّثنا طويلاً في هذا الخصوص، ورُفع الغطاء عن طهران، و شبع اللبنانيون استنكارات، وغسل أيد، واتهام الخارج، وتحميل إيران كامل المسؤولية، والعتب على أميركا لأنها لم تحسن القيام بدور الأم الحنون، ولا دفع المقيم في البيت الأبيض الى اتخاذ أي موقف… ولو من باب أخذ العلم، أو رفع العتب. وشبعوا من التصريحات التي تجهِّل الفاعل، وتحمِّل “الخارج” و”حلفاء” هذا الخارج المسؤولية بكامل تداعياتها ومخاطرها. جيّدٌ، بل ممتازٌ، أن يشدّد الرئيس نبيه برّي على أهمية التبكير في انتخاب رئيس للجمهورية “قبل أن يهبط التقسيم أو الفيديرالية على ما حولنا”. وفي وقته قول الرئيس أمين الجميّل إن التعويل على مبادرات الخارج لا يختلف عن حكاية ذاك الذي راح يطحن عند خاله، ودعوته تالياً الى أن “يعي اللبنانيون خطورة ما يحصل في بلادنا”. وبديهي أن يعلن الرئيس سعد الحريري أن التمديد للفراغ الرئاسي هو الأسوأ. والرهان على عودة المعطلين عن أخطائهم، والنزول الى المجلس. ومفيد سؤال النائب وليد جنبلاط عن الأسباب التي تدفع المحور السوري – الإيراني الى الحؤول دون انتخاب رئيس. وفي مطرحه قول النائب سليمان فرنجيّة إن لا سبيل الى الخروج من هذا المأزق إلا “بأحداث ضغط سياسي على أسس موضوعية”، والوصول الى صيغة تمنع مستقبلاً تعطيل انتخاب الرئيس…إلا أن هذه الآراء والتحليلات المرحّب بها، والتي سمعنا مثلها مراراً وتكراراً، لا تقدّم ولا تؤخّر. ولا تغيِّر حرفاً في قصة “الفراغ التاريخي”. ولا تجعل المعطلين والمتسببين بالفراغ يسارعون الى تغيير مواقفهم وتصرفاتهم و… السماح للبنانيين بانتخاب رئيس جديد. المطلوب لحلّ هذه المعضلة التي تكاد تذهب بلبنان الى قعر الهاوية لا يحتاج الى معجزات، ولا يُرتِّبُ تدخلاً دولياً، أو وساطات لم يعد لها مكان في الساحة. هل في امكان جميع القادة الفاعلين والمؤثرين أن يكونوا وطنيين حقاً، وان يتناسوا أنانياتهم لمرة وحيدة؟ فليتّفقوا، إذاً، ولينزلوا جميعهم بدون استثناء الى ساحة النجمة، فلا يغادرونها قبل أن تتم الاعجوبة. لقد ملَّ الناس كلام الترِلَم، وتصريحات الاستنكار، وإلقاء المسؤولية على مجهولين. المطلوب رئيس جمهورية.