الموت لهم … الموت لكم!
الراي/علي الرز/27 أكتوبر 2015
لم يعد السيّد حسن نصر الله يلجأ الى التورية في مواقفه، فهو يعتبر أن مشروع خضوع المنطقة كلّها لنفوذ طهران يتقدم بثبات. ولذلك أعلن بوضوح انه داعِم لبشار ولبقاء الهلال الإيراني، وان معركته المقبلة هي مع معارضي تَحوُّل هذا الهلال الى قمرٍ مستدير، وأهمهم دول الخليج وبالتحديد المملكة العربية السعودية. وعلى وقع تَغيُّر الهتاف من الموت لأميركا واسرائيل الى الموت للسعودية، تَوالت رسائل نصر الله بما فيها الاستعداد لنقل النار الى أيّ مكانٍ في الإقليم وتحت أيّ مسمى من دون مراعاةٍ ولو شكلية (كما كان يحصل سابقاً) لا للتماسُك المجتمعي او الديني او المذهبي بل على العكس تماماً… أردْناها وأردتموها سنيةً – شيعية فلتكن، عربيةً – فارسية فلتكن، إيرانيةً – دولية فلتكن. وغياب التورية شفافيةٌ تُحسب للرجل، فقد كان سابقاً يقول إنه يدافع فقط عن قرى على الحدود السورية استغاث أهلها بالحزب (لا بالجيش اللبناني)، ثم برّر دخول قوات الحزب أكثر بالانتصار لمقاماتٍ دينية، وجيّش غرائز أنصاره متمنياً لو كان رصاصاً في بنادقهم «كي لا تُسبى زينب مرتين»… واستمرّ التدرّج في التبرير وصولاً الى الخطابات الأخيرة التي أعلن فيها المبررات الكاملة. لكن نصر الله، لم يبرّر لا لجمهوره ولا لغيره كيف ينخرط في حربٍ مع قواتٍ روسية تنسّق في الجو مع اسرائيل لقتْل سوريين ويتحالف مع رئيسٍ يؤكد علنا ان كل شيء مرتّب مع تل ابيب بما يحفظ مصالحها في هذه الحرب… سيجدون لها بالتأكيد لاحقاً تخريجةً وديباجة وفذلكة، ومع ذلك يتعاظم الشعور بأن الحزب ومن خلفه بشار وإيران لم يعودوا بذاك الحَرَج حتى في ما يتعلّق بإسرائيل، وخصوصاً ان تَراجُع هذا الحَرَج يُراكِم تقدماً متزايداً في الدعم الأميركي والدولي لهم.
بعيداً من السياسة، وقريباً من شعارات الموت التي تشي قبضات رافعيها بالبوصلة الجديدة للتعبئة والتحرك، نجد ان السؤال الحقيقي الذي يكبر تختبئ إجابته خلف وعيٍ مغيّب. لماذا يتمّ تحويل هؤلاء الشبان من طلاب حياة الى طلاب موت؟ لماذا يتمّ إخراجهم من مدارسهم وجامعاتهم وأعمالهم الى معسكرات التدريب لمواجهة «عدوٍ» تحدّد إيران كل فترة هويّته؟ لماذا يتمّ اغتيال أحلامهم بمستقبلٍ علمي ومهني متحضّر لهم ولأبنائهم يغزون فيه أسواق العمل الدولية وينفتحون انسانياً وثقافياً وفكرياً على العالم وتُزرع فيهم بدل ذلك نَوازِع كرهٍ وحقدٍ وانغلاقٍ تُوزِّعهم لاحقاً على فرق مهمتها اغتيال شخصيات ومعارضين؟
ألم يَسأل والدُ أحدِ هؤلاء مثلاً لماذا قضى ابنه «استشهاداً» عندما كان «العدو» في جنوب لبنان هو حركة «أمل»؟ ثم كيف ينظر الآن الى التحالف العظيم بين «حزب الله» و«أمل»؟ ألم يَسأل شاب آخر لماذا قضى شقيقه «استشهاداً» عندما كان «العدو» في البقاع من الحزب السوري القومي الاجتماعي؟ ثم كيف ينظر الآن الى التحالف العظيم بين «القومي» و«حزب الله»؟ ألم تَسأل أمّ لماذا قضى ابنها «استشهاداً» عندما كان «العدو» في بيروت من الحزب الشيوعي؟ ثم كيف تنظر الآن الى التحالف العظيم بين هذا الحزب و«حزب الله»؟
صحيح ان المواقع لا تُقارَن بين اقتتالٍ داخلي وآخر خارجي، لكن المبدأ لا تجزئه الأعداد، فهؤلاء قضوا عندما رُفعت القبضات في اتجاه شعارات الموت هنا وهناك. ومع الاحترام الكبير لمصاب ذويهم الجلل ولمصاب أهالي الآخرين الذين فَقدوا أيضاً فلذات أكبادهم، فإنهم قضوا في مساحة الموت المجاني. ماتوا من اجل الموت… كان شعار الموت لهذا وذاك موتاً لهم ايضاً. اليوم يعودون من سورية بالأكفان. يعودون برصاص «عدوٍ» حدّدته إيران وقد تتحالف معه لاحقاً، إن لم تكن حركته الراهنة بالتحالف معها أصلاً، فما تنشده إيران أساساً أكبر من «حزب الله» ولبنان والمنطقة. وغداً سيصعّدون الموقف ضدّ «أعداءٍ» جدد رُفعت قبضات الموت ضدّهم. ليس مهماً عند نصر الله كيف ينعكس خطابه سلباً على المقيمين في دول الخليج وغير الخليج، فهؤلاء إن عادوا الى بلادهم فسيعودون الى بيئة البؤس، والبؤس يستدرج التعبئة… والتبعية. الحياة، لا الموت، هو ما نريده لهؤلاء ولغيرهم. هناك أماكن في هذه الدنيا غير الخنادق ومخازن البنادق وميادين الرماية على صُوَرٍ تتغيّر بالريموت كونترول من طهران. ورغم كل التبريرات مثل ان «الحياة أحياناً لا تمرّ إلا بموت الآخرين»، او ان «الشهادة حياة للآخرين وكرامة للأمة» او «أبالموت تهدّدني يا ابن الطلقاء؟»… فإن الله غرس فينا ان الكرامة تكتمل ايضاً مع عشق الحياة.
“القوات” و”المستقبل”.. و”تشريع الضرورة” بينهما!
نادين مهروسة/المدن/الإثنين 26/10/2015
من الواضح أن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد جلسة نيابية تحت عنوان “تشريع الضرورة” أدت مجدداً إلى كشف عورات التنسيق بين قوى “١٤ آذار”، خصوصاً بين تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية”. سريعاً أعلن “المستقبل” تأييده ضرورة المشاركة في الجلسة، في حين تناغمت “القوات اللبنانية” مع موقف “التيار الوطني الحر”، تحت ستار “اعلان النوايا”، من أجل الضغط لإدراج قانوني الإنتخابات النيابية وإستعادة الجنسية على جدول أعمال الجلسة. يذكر ما حصل مؤخراً بين الحلفاء، بأكثر من ملف خلافي، خصوصاً الخلاف الأخير حول المشاركة في الحوار الذي دعا اليه بري. اذ سريعاً تلقف الحريري الدعوة مرحباً ومؤيداً، قبل أن تخرج “القوات” معلنة رفضها وعدم مشاركتها، ليضاف ذلك الى الخلاف حول قانون “اللقاء الأرثوذكسي”، واختلاف الرؤى من المشاركة في حكومة “المصلحة الوطنية” برئاسة الرئيس تمام سلام، لكن كل هذه الإختلافات لا يعترف أي منهما بوجودها، وسط محاولات لتبسيط الخلاف، وتأكيد تماسك الحلف وثباته.
وتؤكد مصادر قيادية في “المستقبل لـ”المدن” أن “لا خلاف بين المستقبل والقوات، إنما إختلاف في وجهات النظر فقط، خصوصاً أن المستقبل ينظر إلى ضرورة إنعقاد جلسة تشريعية، من أجل مصلحة البلد الإقتصادية”، وتشير المصادر إلى أن “الإنتخابات الرئاسية ليست في الأفق حالياً، وهناك مسائل تضر بمصلحة البلاد العليا، وعلى هذا الأساس دعا الرئيس بري إلى ضرورة إنعقاد الجلسة التشريعية”. على الرغم من نفي “المستقبل”، إلا انه عند كل خلاف تعود قيادات “التيار” إلى حديث عن المزايدات المسيحية. وفي ملف جلسة تشريع الضرورة، تؤكد مصادر “المستقبل” أن “قرار القوات لا ينفصل عن قرارات سائر الأفرقاء المسيحيين، خصوصاً “التيار الوطني الحر” وحزب “الكتائب”، والساحة المسيحية تشهد حرب مزايدات لكسب رضى الشارع. وتعتبر المصادر أن “أساس الأزمة على كل الصعد هي انقسام الآراء داخل صفوف الأفرقاء المسيحيين، الذي يزايدون على بعضهم البعض من دون تقديم شيء جديد، وبشكل يضر في مصلحة البلاد والعباد”. وتلفت المصادر إلى أنه “لولا هذه المواقف المسيحية لكان انتخب رئيس للجمهورية، لكن هذه الازمة المزمنة لا تزال ترافق جميع القوى اليوم، وتؤدي إلى تعطيل البلاد، فإن كان النائب ميشال عون يعطل الإستحقاق الرئاسي في مكان، فإن الأفرقاء المسيحيين الآخرين يعطلون إستحقاقات أخرى كرد عليه”.
ويؤكد مستشار رئيس حزب “القوات” وهبي قاطيشا لـ”المدن” أنه “لا يمكن للمؤيدين لضرورة السير بالجلسة التشريعية على الأسس الإقتصادية المطروحة الإستمرار بتعطيل البلد، وذلك في ظل غياب رئيس للجمهورية، لذلك يجب على مجلس النواب الإجتماع من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، ونحن كقوات لا نعطل شؤون البلد كما يتهمنا البعض بل نسعى لتسييرها”. وأشار إلى أنهم لن يشاركوا بالجلسة إذ لم يتم مناقشة مطالبهم ضمن جدول الأعمال، والمتعلقة بإدراج قانون الإنتخاب، وقانون إستعادة الجنسية، على جدول أعمال الجلسة، وذلك وفقاً لما جرى الإتفاق عليه بين القوات والتيار في إعلان النوايا، الأمر الذي يعارضه المستقبل.