التشكيك المخابراتي نذير فشل الديبلوماسية ترميم وحدة سوريا على الطريقة العراقية!
روزانا بومنصف/النهار/4 تشرين الثاني 2015
قبيل انعقاد مؤتمر فيينا الذي جمع في البدء روسيا والولايات المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية قبل ان تنضم اليها مجموعة من الدول الاقليمية والغربية ومن بينها إيران برز موقفان لمديري المخابرات الفرنسية والأميركية في مؤتمر عقد في واشنطن في 27 تشرين الأول المنصرم حول الاستخبارات وشؤون أمنية. نقل عن رئيس المخابرات الفرنسية برنار باجوليه قوله في المؤتمر “ان الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى الى غير رجعة” مؤكداً ان دولاً مثل العراق وسوريا لن تستعيد حدودها أبداً ومعرباً عن شكوكه ان يعود هذا الشرق الأوسط مجددا. كما نقل عن رئيس المخابرات الأميركية جون برينان انه من الخطأ الذهاب مباشرة في اتجاه البحث عن تسوية نهائية في الوقت الراهن ولا تسويات قريبة. وعلى طريقة المثل العربي القائل بان “السيف اصدق انباء من الكتب”، فان الكلام المخابراتي الذي غالباً ما يكشف رأس جبل الجليد ليس الا، قد يكون معبراً أكثر عن اتجاه الأمور في كل من العراق وسوريا أكثر من مؤتمرات يحاول فيها الديبلوماسيون رصد برودة المياه قبل الدخول في مفاوضات جدية نسبة الى الاجتماع الذي ضم لأول مرة كلاً من المملكة السعودية وإيران. فإيران أظهرت تجاوباً مع الدعوة الى الاجتماع على رغم رفض مرشد الجمهورية الاسلامية التفاوض مع الولايات المتحدة حول المسائل الاقليمية فيما انتقد المرشد اجتماع فيينا الذي اعتبر “حزب الله” للمناسبة ان مقاومته هي وراء دعوة لبنان للمشاركة فيه. وقال المرشد انه من الحماقة ان تجتمع بلدان وتقرر مصير نظام ورئيسه متجاهلاً ما تقدمه طهران من مساعدات لتعويم هذا النظام واستمرار سيطرته على شعبه لا بل محاولة منع الشعب السوري من تقرير مصير الأسد. في حين ان السعودية قبلت ان تكون إيران الى الطاولة بعد رفض مديد لمشاركتها كطرف في الحرب السورية. وهذان التنازلان مهمان وفق مصادر ديبلوماسية باعتبار انهما يظهران ان الطرفين الاقليميين معنيان بالسعي الى ايجاد حلول وعدم تحمل مسؤولية العرقلة إضافة الى عدم ترك الأمور تصل بينهما الى حافة الهاوية. الا ان احتمال التوصل الى تسوية قريبة أو معقولة يبدو مسألة اخرى. فكلام مديري المخابرات الفرنسية والأميركية واضح ليس لجهة استحالة عودة الساعة الى الوراء فحسب، وهو أمر يفترض ان الجميع الى طاولة مفاوضات فيينا يعرفونه من حيث المبدأ وان كان العمل يجري تحت عنوان إعادة ترميم الدولة السورية ومؤسساتها، بل ثمة تساؤل عما اذا كان هذا الكلام تحذيرياً بمعنى وجوب البحث خارج الوصفة التقليدية التي تتمثل بالسعي الى الصيغة القديمة التي كانت قائمة في سوريا والعراق والا كانت المساعي من دون جدوى.
بالنسبة الى كثر لا يبدو الكلام المخابراتي بعيداً عن ترجمة الواقع شأنه شأن التعاطي الديبلوماسي والسياسي مع ازمة ما في ظروف معينة. الا ان هذا لا يمنع ان التشكيك المخابراتي في قدرة حكومة واحدة على فرض سيطرتها على كل العراق أو على كل سوريا مجدداً يبدو وكأنه يستبطن فشلاً مسبقاً للجهود الديبلوماسية التي تسعى من حيث المبدأ الى انهاء الحرب على قاعدة محاولة ترميم الوضع من ضمن الهيكلية المؤسساتية التي كانت قائمة في سوريا. لم تنجح محاولة ترميم العراق على ما هو عليه. ومحاولة ترميم سوريا على نحو مماثل لن تأتي بنتيجة افضل مما هو حاصل في العراق وهو ليس بالأمر الذي يسمح بالقول إن العراق استعاد سيادته. وهو ما سيكون عليه الوضع في ليبيا أو في اليمن على عكس مصر التي لم تصب مثلاً بما اصيبت به هذه الدول من حروب داخلية تدميرية. تقول مصادر سياسية في شرح البنود التي اعلنت في فيينا ان هناك مبادئ عامة لا يمكن لأي طرف ان يخرج عليها كالقول ان هذا الطرف يطالب بتقسيم سوريا أو فدرلتها من أجل المحافظة على نفوذه أو مصالحه فيها، فهذا لا قبل لأحد بتحمل مسؤوليته أو الذهاب اليه في حين ان البحث في التفاصيل لاحقاً أو كيفية تنفيذ ما يكون اتفق عليه من مبادئ هو الذي سيحمل في طياته التغييرات الجوهرية التي لن تسمح بان تعود سوريا الى ما كانت عليه سابقاً.
في نهاية الحرب الأهلية التي مزقت لبنان خلال 15 عاماً تم التسليم لسوريا، التي لعبت أدواراً كبيرة في الحرب وكانت طرفاً فيها في غالبية مراحلها، بالسيطرة على لبنان لقاء إعادة ترميم مؤسساته وهيكليته في مقابل محافظتها على نفوذ كل من له مصالح في لبنان من المملكة العربية السعودية والدول العربية الى إيران فاسرائيل وفرنسا وفق نسب معينة. وتحت عنوان انه ترك للشعب اللبناني ان يقرر مصيره بنفسه كما يقال وتنفيذ اتفاق الطائف الذي انهى الحرب تلاعبت سوريا بتنفيذ الاتفاق ومكونات الشعب من خلال التحكم بسياسييه ومؤسساته من أجل ديمومة سيطرتها على لبنان. لم تتح سوريا نفسها للبنان ان يعود كما كان حتى مع تعديلات دستورية من أجل إرساء توازن مختلف بين مكوناته الطائفية ولعبت دوراً في الاخلال بالتوازن الى حد لم يستعد لبنان نفسه حتى بعد خروج قواتها العسكرية منه قبل عشرة أعوام. اذ طغت مصالحها ومطامعها على مصلحة لبنان وكثر لا يرون لماذا قد يختلف الأمر بالنسبة الى سوريا مع وجود لاعبين كثر لهم مصالحهم فيها وعدم تركها لخصومهم إضافة الى تبدل الموازين الداخلية.
العصابات الإيرانية في العراق تعيث فسادا
داود البصري/السياسة/04/11/15
العراق الذي كان حاضرة الدنيا , ومركزا ثقافيا ومعرفيا بارزا في الشرق , تحول اليوم للأسف لمستوطنة من مستوطنات التخلف المريع , ولملعب للعصابات الطائفية الرثة التي تتقاتل على السلب والنهب وإمتهان الإنسان, والسباق المرير بين الفوضى والإرهاب في العراق , بلغ أعلى مستوياته في بلد تزحف حكومته على بطنها من الفشل الذريع! , فإصلاحات رئيس الحكومة حيدر العبادي وكما توقعنا قد فشلت رغم أنها كانت فاشلة قبل أن تبدأ , لكون العبادي أحد أفراد منظومة الفشل ومحكوم بآليات وضوابط وولاءات لايمكنه الفكاك منها!, فنائب رئيس الجمهورية أو “القائد الضرورة” الجديد نوري المالكي بقي صامدا ولم ينله سيف الإصلاح ولا مطرقة العدالة ولا أي شيء! بل بقي يفتي بأمور السياسة والحرب وكأنه لم يفعل شيئا أويقترف جرما!, وكأن الجماهير التي صرخت بشعاراتها المطالبة بمحاكمته مجرد هوائم وعوالق في عرف السلطة!, إنه العراق حيث يتزاوج الفساد بالطائفية الرثة ليشكلا خليطا عجيبا من العدمية والضياع!.
وفي الوقت الذي تلعلع فيه بيانات السلطة بحربها على الإرهاب! إلا أنها تستعين بأهل الإرهاب في مكافحة ذلك الإرهاب! وهي حالة عجائبية في بلد العجائب والغرائب والفوضى المهلكة , فالعبادي يستقبل قادة الإرهاب الطائفي من جماعة الحرس الثوري الإيراني كأبي مهدي المهندس وهادي العامري وهما يطالبان بالأموال والعتاد لجماعة الحشد الشعبي الطائفي, وفي نفس الوقت تشهد بغداد حملة فوضوية لإطلاق عشرات الصواريخ على مقر جماعة “مجاهدي الشعب” الإيرانية بالقرب من مطار بغداد الدولي وبما أسفر عن مصرع وإصابة العشرات من اللاجئين الإيرانيين وتدمير منشآت وطنية عراقية وزرع الفوضى في بلد يشهد فوضى لا مثيل لها أصلا!?, والطريف المفجع أن من يطلق الصواريخ في عمق بغداد ليس مقاتلو تنظيم الدولة ولا المعارضة المسلحة بل أنهم ميليشيا طائفية مرتبطة إرتباط السوار بالمعصم بالحليف الإيراني!! وهم جماعة “جيش المختار” الإرهابية التي يقودها الإرهابي المعمم واثق البطاط! وهذه الميليشيا كما أسلفت تأخذ أوامرها ونواهيها من قيادة الحرس الثوري الإيراني لكونها تدين بالولاء التام لقيادة المرشد الإيراني علي خامنئي!, فقد سئل البطاط في مقابلة متلفزة عن موقف جماعته في حال إندلاع حرب مع إيران فقال أنا أحارب مع إيران ضد العراق.
والإشكالية العجيبة تكمن في إدعاء جماعة إيران في العراق انهم يحاربون الإرهاب بينما يفرضون إرهابهم الخاص وفوضويتهم المطلقة وتنفيذهم لأوامر أولياء الأمر في طهران في ظل عجزالسلطة المركزية عن القيام بأي فعل حقيقي لحماية الناس والمنشآت أوحتى ممارسة السيادة!, فالسلطات رغم إعلانها مرات عدة عن توقيفها للبطاط! إلا أنها لم تفعل ذلك أبدا , بل تركته يعبث ويمارس الإرهاب على طريقته بينما تتهم الأبرياء في المنطقة الغربية بتهم مفبركة ودون دليل , كما أن ممارسات السرقة واللصوصية التي تقترفها كل يوم الميليشيات الطائفية السائبة في ديالى مثلا قد جعلت من الدولة مهزلة حقيقية, أما سرقة معدات وأجهزة مصفاة بيجي بعد إستردادها من مقاتلي تنظيم الدولة فهي عنوان واضح على فقدان الدولة لسيادتها وسلطتها وتحولها لمجرد “شرطي مرور ” لتنظيم حركة العصابات الإيرانية والطائفية في العراق, فتلك العصابات قد تحولت لعصابات تمارس القتل والإبتزاز الطائفي وتدير كل صنوف الفتنة الطائفية ومما جعل من حياة العراقيين من الذين هم خارج تصنيف السلطة الطائفي بمثابة جحيم مقيم , وساهمت موجة الأمطار والعواصف الأخيرة في تعرية السلطة بالكامل بعد إنكشاف الخلل الفظيع والفساد الكبير في مشاريع البنية التحتية المنعدمة أصلا! مع معاناة آلاف النازحين من جحيم المعارك الداخلية في خيمهم التي تحولت لأشلاء ومعاناة بشرية حقيقية, في العراق تدير الميليشيات مهام مزدوجة وبشكل نفاقي كبير, فقادتها يدعون دفاعهم عن الشعب بينما ممارساتهم المكشوفة للجميع حولتهم لزمر من اللصوص! , وفي ظل هروب عشرات الآلاف من شباب الحشد الشعبي نحومنافذ اللجوء الأوروبية , تبدو الصورة العراقية في منتهى السوريالية الرثة, فالركاكة سيدة الموقف, والعصابات الطائفية تسرح وتمرح من دون حسيب ورقيب, فهي تسرق المنشآت وتسرق رواتب الموظفين! وتدير عمليات القصف الصاروخي في عمق بغداد لحساب النظام الإيراني , فيما العبادي ما زال يتحدث عن إصلاحات وهمية!, كل شيء في العراق الحالي يوحي بحجم الكارثة المحققة للأسف.. دولة الميليشيات في أروع حالاتها الكارثية!!!.