ضيف النهار الثوار الحقيقيون والـثورة المجازية
سجعان قزي/النهار/21 أيلول 2015
إني متفائلٌ بالمتظاهرين اللبنانيين لكني متشائم ٌ”بالثورة اللبنانية”. أملُ المتظاهرين ســـيَــخيب من الثورة كما خاب أملُـــهم من الدولة. غالبيةُ المتظاهرين أناسٌ طـــيّــبون، أصحابُ شكوى، لكن ولاءاتِ محرّكي التظاهرات هي نفسُـها ولاءاتُ الطبقةِ السياسية. الدول نفسُها والسفارات نفسُها والوصولية نفسها. إنّ القوى الخارجية التي راهنت على زعماء الطوائف تارةً وعلى قادة الجيش تارة أخرى تَـــلعب اليوم ورقةَ ما يُسمّى المجتمع المدني ضد الطبقة الحاكمة أكانت سياسية أم عسكرية. من موقعي في وزارة العمل لاحظت برَيْـــــبَـــــــةٍ تدفّقَ “الخبراء” الأجانب إلى لبنان من خلال بعض الجمعيات غير الحكومية ONG. وحين كنت أحجِم عن منحِ بعضِهم إجازات عملٍ حِرصاً على اليد العاملة اللبنانية ولغموض مهماتهم، كان سفراء عرب وأجانب يغضبون ويَــشْـــكون عِنادي لدى رئيس الحكومة وغيره. اليوم تأكدت شكوكي وأدركت “بالوجه الشرعي” لماذا كان يلحّ هؤلاء الديبلوماسيون عليَّ لمنح “الخبراء” إجازات عملٍ، وهي عملياً إجازاتُ تحضيرِ انتفاضات. ورافق وصولَ “الخبراء” وأعقبه مجيءُ أعدادِ مرتفعة من الصحافيين الأجانب ينتمون إلى دول هؤلاء الخبراء من دون وجود أحداث في لبنان تستحق تغطية الاعلام الدولي. والبارز أيضاً قيامُ ناشطين، هم الآن في التظاهرات أو في كواليسها، بالتوسط لدي لتسريع معاملات هؤلاء الصحافيين والخبراء “حِرصاً على صورةِ لبنان وحفاظاً على المساعدات الدولية للبنان”. لا يجوز أن يُـــوقِفَ التدخّــلُ الأجنبي والتسلل اليساري الحَراكَ الشعبيَّ الحقيقي الذي هو حاجة ملحّـــة لتغيير السلوك الأخلاقي والوطني في لبنان. لكن إذا سيطر “الطارئون” عليه، فأقصى ما يمكن أن يؤدي إليه الحراك، الخارج من أحشاء المعاناة والقهر والقلق، هو فوضى جديدة عوض نظام جديد. انتبهوا، فقبضةُ الطارئين أقوى من عزمِ الثائرين. المشكلة في لبنان هي صعوبةُ تغييرِ النظام وتَـــعذّرُ تبديلِ الطبقة السياسية. تغييرُ النظام مرتبط بمصير الكيان نظراً لـــتَرنُّح كلِّ كيانات الشرق الأوسط. وتغييرُ الطبقة السياسية متعلقٌ بإسقاط الطائفية، وهي علةُ نشوء دولة لبنان الكبير. ليس لبنانُ مجموعةَ مواطنين بل تجمّـــعُ طوائف. نحن أمام معضلة تاريخية ووجودية تشكل قـــوّتنا وضعفَــنا في آن معاً. الطائفيةُ بَـــنَــت الدولة اللبنانية وتُـــعطِّـــلها، والطائفيةُ تُـــفجّر الثورةَ وتُــجهِضُـــها. الانتقالُ إلى الدولة المدنية يَستلزم مجتمعاً علمانياً، وهو تحوّلّ متعذِّر بسبب البنية اللبنانية التحتية التي أسقطت كلَّ العقائد العلمانية النهضويةِ التي نشأت في القرن الماضي. لم يكن لبنان دولةً علمانيةً وجعلناها طائفية، بل كان دائماً ملاذَ الطوائف والمذاهب المسيحية والإسلامية. كان لبنانُ مذهبياً وجعلناه طوائفياً، وهي كانت خطوةً متقدمة في واقع الشرق آنذاك. وفيما نحن نقاوم اليومَ للانتقال من الطائفيةِ إلى المجتمع المدني، أعادنا الصراعُ السني الشيعي إلى نقطة الصفر، إلى المذهبية.
منذ ألف ومائتين واثنين وخمسين سنة، أي منذ نشوء أول إمارة في جبل لبنان، إمارة التنوخيين سنة 763، ولبنان تحكمه نفسُ الطبقة السياسية. تتغير الأسماء وتبقى القبائل والعشائر والعائلات نفسها. تتغير المســمِّــــيات (أحزاب، تيارات، حركات، منظمات) وتبقى الذهنية هي نفسها. أهذا قدرُ لبنان أم هذا هو لبنان، بل هذا هو الانسان؟ عملياً، حين نطالب جغرافياً بتغيير النظام اللبناني بوجهه الفاسد، نكون نطالب تاريخياً بتغيير الطبيعة البشرية التي يشكل الفساد أحدَ مكوناتها الاجتماعية في كل زمان ومكان وفي ظل أي نظام ديكتاتوري أو ديموقراطي وفي أي دولة متقدمة أو نامية. إن حركات الاصلاح الاجتماعي والأخلاقي في العالم اصطدمت بالطبيعة البشرية وليس بنوعية النظام السياسي أو الدستوري فقط. لقد تعاطف اللبنانيون مع كل مشروعٍ إصلاحي، فأيدوا كل رئيس جمهورية إصلاحي توسموا فيه القدرة على تنحية الطبقة السياسية. من فؤاد شهاب، إلى الياس سركيس، إلى بشير الجميّل. لكن البيئة الحاضنة آنذاك أحبطت مشروع شهاب، والفلسطينيين والسوريين وقوى الأمر الواقع التفوا على إرادة سركيس، والسوريين اغتالوا بشير زعيماً وحلماً ومشروعاً. حين يُخفِق الاصلاحُ تُـــطِل الثورة. وحين تُـــطِل الثورةُ يَـــكــثُر العـــرّابون. وحين يكـــثُر العـــرّابون يَـنقسِم الثوار. وحين ينقسم الثوار تسقط الثورة. وحين تسقط الثورةُ تَـــعُم الفوضى كنظام واقعي بأشكال شتى. فعدا ضحايا “الربيع الأميركي” المتــنقِّـــل، إن ضحايا حروب أنظمة الثورة الفرنسية فاقت ضحايا حروب الملكية الفرنسية. مئة وعشرون سنة استغرق استقرارُ الجمهورية الفرنسية بعد ثورة 1789. وثلاثية “حرية، أخوة ومساواة” ما كانت تحتاج كل هذه التضحيات، فهذه المفاهيم الثلاثة موجودة في كل كتب الدين والفلسفة.
لم يَحصل أن ثارَ اللبنانيون. انتفَضوا، عَصَوا، تَمرّدوا، قاوموا، تقاتلوا، قاتلوا، لكنهم لم يثوروا. ظلت الثورةُ سياحةً سياسيةً،مشروعاً غنائياً وديوانَ شِعر. عشِقنا الثورة من دون أن نتزوَّجها. اقتربنا منها من دون أن نَــلِجها ونُطلِــقَــــها. الثورة الشاملةُ بمفهومها العالمي ليست جزءاً من الشخصية اللبنانية لأسباب عدة أبرزها: هشاشةُ الوِحدة اللبنانية، الاختلافُ على مشروعِ الوطن والدولة، تعدديةُ الولاء للمحيط، عدمُ تعرّض لبنان لحكم وطني طاغٍ كالإمبراطورية والملكية والأنظمة الفاشية والشيوعية، كونُ أوضاع لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية، رغم ثغراتها، أفضل من أوضاع محيطه العربي. قدرةُ اللبنانيين على حل مشاكلهم عبر التضامن العائلي والهجرات المتتالية كونُ الطائفية والمذهبية والعائلية مكوِّن أساسي للحالة اللبنانية. اليسار ليس جُزءاً من مكــــوِّناتنا التاريخية، بل من رفاهـــيِّـــتنا الفكرية. نمطُ حياة اللبنانيين عموماً يساريٌّ بيومياته، لكن اليساريةَ ليست عقيدةَ اللبنانيين. فاليسارُ بنظر اللبنانيين ليس ضدَّ اليمين بل ضدّ الدين. والدين، بمفهوم الحرية، هو أساسُ نشوءِ الدولة اللبنانية. لذلك، يَجدر بالناس الذين ينزلون إلى الشارع أن يكونوا قوةَ ضغطٍ وتغيير لينجحوا، فينتصر الشعب، لا ثورةً وفوضى فيفشلوا، ويُربِّــحوا أخصامهم. الشعبُ يراهن على شجاعتهم والطبقةُ السياسية تراهن على تهوّرهم. شأن هذه التظاهرات أنها تستعيد النبض اللبناني وتطلق منهجيةً أخلاقية للتعاطي في الشأن العام مختلفة عن الماضي. هذه تظاهرة المجهولين من أجل قضايا شفافة. مجهوليةُ هذه الظاهرة الشعبية هي قوتها إذ تعطّل استغلالها. واللحظة التي تُجــــيّر التظاهرةُ زخمَها وقضيتها لشخص أو أشخاص مشبوهين أو فاشلين أو حاقدين، أو مغرورين، أو عقائديين، أو منتحلي صفة ودور، تنتهي الانتفاضة، ونخسر جميعاً فرصة التغيير. أبعدوا المعلومين لتبقوا شــــفّــــافين.
خندق واحد!
علي نون/المستقبل/22 أيلول/15
التفسير الميداني المباشر والوحيد للكلام الذي قاله رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بعد لقائه فلاديمير بوتين في موسكو أمس، هو أن المشهد الآيل الى التشكل التام في سوريا صار يتضمن جبهة مقاتلة واحدة تضم روسيا وبقايا السلطة الأسدية وايران و»حزب الله».. وإسرائيل! المشهد سوريالي في التوصيف، لكنه حقيقي وواقعي، ولا يحتاج الى تزويق ولا تلزيق ولا خوازيق «فكرية».. نتنياهو قال حرفيًّا: «اتفقت مع بوتين على وضع آلية تنسيق للقوات الروسية والاسرائيلية في شأن سوريا». ومن دون أدنى (أو أعلى) شك، فإن هذه الآلية موازية، أو بالأحرى، متممة لواحدة موجودة أصلاً بين العسكر البوتيني والعسكر الأسدي والايراني.. أي ان الجميع، يتخندقون في النتيجة، في «خندق واحد» ضد «عدو» واحد اسمه الحركي الارهاب الداعشي، واسمه الحقيقي «الثورة السورية»! قد تكون هذه القراءة محكومة بنوازع الغضب من هذا التكالب على الفتك بالأكثرية السورية الثائرة والقانعة سواء بسواء، لكنها تستند الى وقائع منشافة وملموسة ولا تذهب على مذاهب أهل التحريف والتخريف والتأليف الذين طوّشوا العالم بخبرياتهم عن محاربة الارهاب «المتحالف» مع اسرائيل! والمقصود، عندهم، بذلك الارهاب، ليس «داعش» ولا «النصرة»، بل الأصل العام للثورة السورية منذ بداياتها، حيث تبنى المحور الايراني الرواية الأسدية عن «العصابات الارهابية» منذ أول يوم انطلقت فيه التظاهرات التأسيسية في درعا! و»آلية التنسيق» الاسرائيلية _ الروسية هذه تتناسق تماماً مع آلية ذهنية مركزية في طريقة تفكير بوتين، وفي مقوّمات صنع القرار عنده.. وحدهم شبيحة البيان الأسدي تغاضوا عنها وتعاموا عن تفاصيلها ونتائجها، وآثروا التطنيش المخزي عن وقائعها، التي منها، عدم إزعاج إسرائيل إزاء، أي موقف أو خطوة! أو عدوان! أو استفزاز! أو استيطان! أو قمع. وآخر علامات ذلك، كانت حرب غزة الأخيرة، التي ارتكبت فيها إسرائيل مجزرة فعلية في القطاع كان من بين ضحاياها أكثر من 500 طفل فلسطيني! بيان واحد من موسكو لإدانة إسرائيل لم يصدر! تظاهرات التنديد بالإجرام الاسرائيلي شملت تقريباً كل عواصم أوروبا إلا موسكو! عشرة أشخاص لم يتجمعوا فيها استنكاراً أو إدانة أو رفضاً! حملات المقاطعة للصادرات الاسرائيلية وخصوصاً الآتية من المستوطنات، وصلت الى أماكن كثيرة، لكنها لم تخرق الجدار البوتيني، ولم تصل الى دكان واحد! إذا كان القيصر الباحث عن إحياء قيصريّته عبر الشيشان والقُرم وسوريا وغزّة، يعرف شروط الإحياء تلك «ويلتزم» بها، ولا يجد سوى «دماء إسلامية» لإعادة نفخ الروح في امبراطوريته الموءودة، (وفي أفغانستان الاسلامية بالمناسبة!)، فماذا عن الجانب الممانع اللابس قناعين: قناع الإسلام الإيراني، وقناع «مقاومة» إسرائيل وصولاً الى التوعّد بمحوها عن الخريطة؟! وعلى الطريق الى ذلك لا يتورّع عن تشغيل مطابعه وجعلها محاكم تفتيش تصدر قرارات وتوزّع بطاقات أحكامها وتحدّد هي وحدها من هو العميل الصهيوني ومن هو الممانع! الأكيد هو أن بوتين لا يشعر بأي حرج في جمع الممانعين والاسرائيليين في خندق واحد دفاعاً عن الأسد، لكن ماذا عن محور الممانعة!؟ والى أي حد يمكن أن يذهب بعد تدمير سوريا والفتك بشعبها؟! أم ان «حلف الأقليات» أقوى من أي شيء آخر؟!!
النزول الروسي في سوريا يؤكد فشل الجنرال سليماني
أسعد حيدر/المستقبل/22 أيلول/15
لا يمكن قراءة الموقف الروسي من سوريا، قراءة آحادية للتوصل الى إجابات واضحة ومحددة، تماماً كما مع اللعبة الروسية الشهيرة «بابوشكا». كلما كشفت «بابوشكا» عن سر من أسرارها ظهرت «أخت لها أصغر قليلاً تصف أسراراً جديدة. ما يعقد فكفكة «بابوشكا» التي حطت في سوريا، أن اللاعبين والمراقبين يتزايدون يوماً بعد يوم. موسكو لم تنزل اليوم مع «القيصر» بوتين الى سوريا. موسكو موجودة منذ حوالى نصف قرن. الجديد أن «القيصر» قرر ضمن استراتيجيته الناشطة، أن سوريا مهمة لروسيا مثل أوكرانيا. «الدب» الروسي، بحاجة الى الضفاف الدافئة لبحر الأبيض المتوسط، حتى تصبح مطالبته بـ«الشراكة» مع الولايات المتحدة الأميركية شرعية. على «الدب» الروسي التحرك بعناية ودراية وحتى ببراعة حتى لا ينزلق نحو «أفغنة» ثانية قد تكون أقسى وأشرس. كل شيء يتوقف على السرّ الذي تكشفه اللعبة الأخيرة من «بابوشكا» وهو ماذا يريد «القيصر» في سوريا؟ ما يعقد الموقف أمام «القيصر» أنه لا يكفي التفاهم مع واشنطن حتى تستقيم الأمور له. يجب العثور على صيغة مقبولة مع الرياض وطهران وأنقره وإسرائيل حتى لا يتحوّل «داعش» الى مكوّن سني شامل متى انزلق في «مستنقعه» لن يمد أحداً يده لسحبه منه. واشنطن نسقت حكماً مع موسكو. ليس فقط من أجل عدم وقوع أخطاء نارية بين «الأصدقاء». لا شك أن المحادثات الأميركية الروسية أوسع من ذلك بكثير. الهدف ضرب «داعش»، والمحافظة على «الدولة» السورية حتى لا تتكرر صيغة العراق، العقدة اللغم في هذا مصير الأسد. ما لم يتم الاتفاق نهائياً على كل شيء، لا شيء. واشنطن تعرف أن 9500 طلعة جويّة في سوريا لم تنتج كثيراً، ليس لأنها لا تملك «بنك أهداف» وإنما لأنها لم تقرر فعلاً الحسم ولأن القصف الجوي وحده يجرح لكنه لا يقتل. طهران، مهما كابرت، خسرت مع النزول الروسي الواسع. النزول العسكري الروسي بقوة جواً وبحراً وحتى براً ولو بأعداد محدودة، يؤكد ميدانياً أن استراتيجية الجنرال قاسم سليماني العسكرية قد فشلت. منذ عامين تقريباً والجنرال الذي تحوّل الى «أسطورة» إيرانية، يملك القرار العسكري في سوريا، خصوصاً بعد أن أعاد تشكيل أكثر من لواء سوري على نهج «الحرس« الإيراني، وضم «حزب الله« بأعداد كبيرة الى جانب العراقيين من لواء أبو الفضل العباس والأفغان «الفاطميين» والباكستانيين «الزينبيين». كل ذلك لم ينتج نصراً لأن الضعف ضرب «العمود الفقري« للجيش السوري، وهو ما تحدث عنه الرئيس بشار الأسد. الجيش السوري أصبح يفتقد العديد، وهو غير قادر على التجنيد لسد الخسائر المرتفعة والمتزايدة، هذا النزول يعني ارتفاع «حصة» موسكو من سوريا. الوجود العسكري اليوم، يترجم مستقبلاً أفضل على «طاولة» المفاوضات، ربما هذا التحول هو الذي يرضي واشنطن، ورافضي قيام «دولة الأسد العلوية». روسيا كانت وما زالت تريد «دولة» سوريا، بينما إيران لا تمانع في النهاية من الإمساك «بالدولة» أو «الكانتون العلوي». الآن على طهران أن تتفاهم مع موسكو قبل أي خطوة قادمة. حتى الآن لم يظهر أي تعليق عربي على «النزول» الجوي البحري الروسي. جميع الأطراف العربية لزمت الصمت. من الصعب البناء إيجاباً أو سلباً على هذا الصمت الذي يكتنفه الغموض. يجب المراقبة ميدانياً من حلب الى صنعاء لقراءة الإجابة الواقعية. يبقى ماذا عن تركيا وإسرائيل. تركيا لاعب حدودي كبير في سوريا. لا يمكن لموسكو تجاهل أنقرة. يكفي قراءة ما فعلته أنقرة بأوروبا، حتى تحسب موسكو لها ألف حساب. لم يُسمح لتركيا بإقامة المنطقة العازلة. كما شجعت أوروبا الأكراد على التصعيد، فجاء الرد عاجلاً بأمواج من اللاجئين السوريين الذين أربكوا أوروبا حاضراً ومستقبلاً. يجب متابعة الحوار الروسي التركي لتحديد ماذا تريد أنقرة وماذا ستأخذ لاحقاً. أما إسرائيل التي ضمنت احتكارها الحصول من واشنطن على طائرات أف 35، فإنها سارعت الى التفاهم مع موسكو. بنيامين نتنياهو بحضور قيادة أركان الجيش الإسرائيلي تباحث مع بوتين، وتبادل معه الضمانات العسكرية والتوضيحات السياسية. «القيصر» طمأن نتنياهو أن سوريا الأسد لا تريد ولا هي قادرة على الصدام مع إسرائيل. بمعنى آخر قدّم القيصر لنتنياهو بالتكافل والتضامن مع الأسد الضمانات الكافية لإبقاء الجولان هادئاً كما كان منذ العام 1973 حتى الآن. حتى الآن لم يظهر من «بابوشكا» سوى الجزء الثاني. بقي الكثير خصوصاً أن النهاية ستكون على «طاولة» المفاوضات.