نمر هو فارس الشيعي
طارق الحميد /الشرق الأوسط/06 كانون الثاني/16
أن يكون لبعض المؤسسات المدنية الغربية موقف مناهض لعقوبة الإعدام بشكل عام، فهذا أمر معروف، وله نقاش مختلف، لكن أن تخرج صحيفة محترمة مثل «واشنطن بوست» بافتتاحية تصف المحرض على الإرهاب نمر النمر بالإصلاحي الداعي لانتخابات، فهذه مهزلة. نمر هو فارس بن شويل الشيعي، كلاهما محرض ومبرر للإرهاب، وكانا يدعوان، ويبرران، لهدم الدولة، والولاء لكيانات خارجية، ومتهوران بالتحريض على العنف. فارس، السني، كان يدعو للولاء لأسامة بن لادن، ولذلك برر، وأفتى، بقتل رجال الأمن. ونمر، الشيعي، له فيديوهات كان يفترض بصحيفة محترمة مثل «واشنطن بوست»، وغيرها، أن تشاهدها، حيث يقول فيها: «ولاؤنا لله، وليس للوطن، ولمن جعله الله وليا وبس»، أي الولي الفقيه الذي طالب، وبفيديو، بفرض نظامه ليس في السعودية وحدها، بل في كل المنطقة. وكان، أي نمر، يؤوي القتلة، والمسلحين، ويحرضهم، فعن أي انتخابات يتحدثون؟ انتخابات إيران وزعيمي «الحركة الخضراء» تحت الإقامة الجبرية منذ 2009؟ أم ديمقراطية حزب الله المعطل لتنصيب رئيس لبناني، هذا عدا عن اغتيال الخصوم السياسيين؟ أم ديمقراطية العراق الطائفية؟ نمر وفارس وجهان لعملة واحدة، هذا شيعي، وذاك سني، كلاهما هدد واستهدف السلم الأهلي، وللنمر فيديوهات يقول فيها: «سنطالب بالانفصال»، وفارس كان يطالب بهدم الدولة، فما الفرق إذن؟ ونمر وفارس كلاهما كان من التكفيريين. فارس كفر الدولة، ورجال أمنها، ونمر يقول بفيديو: «أدعو السنة للتشيع»، بينما فارس و«القاعدة» كانوا يدعون الشيعة للتسنن، فما الفرق بينهما؟ وماذا عن مصير الدولة ككل؟ ولذا فمن السخرية أن يقال بأن إعدام النمر قد يسبب مزيدا من التوتر الطائفي بينما كل خطاباته كانت تحريضا طائفيا، وموثقة على «يوتيوب». ومثلما كان فارس يدين بالولاء لـ«بن لادن»، فإن جل الأجهزة الأمنية الغربية تعرف جيدا من هو نمر، ومن أتباعه، وأنه زعيم ميليشيا مسلحة تخطط لاستهداف العوامية، وجر الأمن السعودي إلى اشتباكات هناك تستغل إعلاميا في الخارج. كما أن الأجهزة الغربية تعلم بأي جهة من الاستخبارات الإيرانية (اطلاعات) هو مرتبط، وتعلم درجة تهور نمر، وكيف كان غير موثوق به لدرجة أن من يدير نشاطه كعميل إيراني، أو ما يسمى بـ«The Source Runner» لم يكن يرغب في التواصل المباشر معه، ولذلك كان يستخدم عميلا مقيما بإيران، وتعرف الأجهزة الغربية أيضًا جنسيته! فكيف بعد كل ذلك يعتبر فارس إرهابيا، ونمر إصلاحيا يدعو للانتخابات؟ بالفعل مهزلة، فهُما وجهان لنفس عملة الإرهاب، وتمت محاكمتهما، وإن تدثرا بدثار الدين، وجرما كما جرمت بريطانيا أبو حمزة المصري، ورحل لأميركا وحبس هناك إلى جوار عمر عبد الرحمن المحكوم بالسجن المؤبد بتهمة التحريض على العنف! ولذا فإذا كان البعض بالغرب معنيا بالحقائق فعليه أن يقوم بالبحث والتقصي، وخصوصا الصحافة المحترمة، لأن هذا جزء من عملها.
إيران: حكاية جيرة سيئة
مشاري الذايدي/الشرق الأوسط/06 كانون الثاني/16
في قصة غرافيكس واضحة، قدمت صحيفة «الوطن» السعودية شرحًا مباشرًا لمن هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه، في قصة إيران الخمينية مع السعودية منذ اختطاف ملالي الخميني الدولة الإيرانية عام 1979. منذ البدء، والسعودية هدف للحقد الخميني، وهذا مفهوم، طبقا لأدبيات جماعة الخميني، فهم «أنصار الله»، و«حزب الله»، و«يد الله»، و«أمر الله»، وكل هذه تسميات في القاموس الحركي الإيراني معروفة.
هذا هو مسلسل الاعتداء الإيراني منذ 37 عاما، بالشواهد الحية:
- سبتمبر (أيلول) 1982: تظاهر مجموعة إيرانيين أمام المسجد النبوي بالمدينة ورفع صور الخميني.
- سبتمبر 1983: إيقاف 21 حاجًا إيرانيًا يحملون أسلحة بيضاء ومتفجرات. اقتحام إيرانيين سفارتي السعودية والكويت وإحراقهما. الاعتداء على الدبلوماسي السعودي رضا النزهة وسجنه.
- أغسطس (آب) 1987: إحراق ورشة بالمجمع النفطي برأس تنورة شرق السعودية، من قبل عناصر «حزب الله – الحجاز» التابع للسلطة الإيرانية.
- مارس (آذار) 1987: هجوم عناصر «حزب الله – الحجاز» التابع للسلطة الإيرانية على شركة «صدف» بمدينة الجبيل الصناعية شرق السعودية.
- يونيو (حزيران) 1996: «حزب الله – الحجاز» يفجر مجمعًا سكنيًا بالخبر شرق السعودية، وهروب منفذ ومخطط الهجوم (المغسل) زعيم الخلية لإيران.
- أغسطس 2009: المرشد خامنئي ورئيس جمهوريته أحمدي نجاد يشنان هجمات إعلامية سافرة على السعودية بسبب مواجهة السعودية الاعتداء الحوثي على حدودها.
- مارس 2011: المرشد يهاجم السعودية بلغة دينية تهييجية بعد دخول قوات «درع الجزيرة» البحرين، بطلب من حكومة البحرين، لدحر الانقلاب الإيراني بحجة الربيع العربي.
- أبريل (نيسان) 2015: المرشد خامنئي يصعد في خطبه الدينية السياسية ضد السعودية بعد هبوب «عاصفة الحزم» على عملاء إيران باليمن.
- يناير (كانون الثاني) 2016: عملاء الحرس الثوري يهاجمون السفارة السعودية في طهران والقنصلية بمشهد ويحرقونهما، بعدما توعد المرشد ورموز نظامه الدولة السعودية بسبب إعدام نمر النمر، قائد ميليشيا العوامية، وتجاهل إعدام أكثر من أربعين عنصرا من «القاعدة».
كان هذا حصاد أربعة عقود من «الجيرة السيئة» مع النظام الخميني، وكان الرد السعودي خلال يومين هو: قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وطرد بعثتها الدبلوماسية من السعودية، وإيقاف الرحلات الجوية لإيران، وإيقاف كل أشكال التجارة مع إيران، ومنع سفر السعوديين لإيران.
ليس هذا فحسب، ففي جعبة الرد السعودي كثير من السهام التي عجمت عيدانها لتصوب نحو جبهة الوقاحة الإيرانية. لا يوجد من يحب التوتر مع الجيران، والعاقل يحرص على البحث عن مناطق التعاون مع جاره. لكن ما الحيلة مع جار «يعتقد» أن الإساءة إليك واجب عليه؟!
الآن وقت الرد السعودي.
العدوان الإيراني المفتوح يستدعي ردًا من الجميع
خلف أحمد الحبتور/الشرق الأوسط/06 كانون الثاني/16
لقد خُلِعت القفازات. لم تكتفِ الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتباهي بسيطرتها على بعض العواصم العربية واستخدام الميليشيات المسلحة لزعزعة الاستقرار في عواصم أخرى، بل تجاوزت أيضًا نقطة اللاعودة عبر التدخّل مباشرةً في الشؤون الداخلية للسعودية. السعودية دولة قانون، وعلى جميع سكّانها احترام القوانين بغض النظر عن انتمائهم المذهبي. وفي منطقة محفوفة بالمخاطر ينبغي الإشادة بالسعودية على حزمها في التعامل مع الإرهابيين وأولئك الذين يحرضون الناس على العنف بغض النظر عما إذا كانوا سنّة أم شيعة. اعترف نمر النمر، بجرائمه من خلال ظهوره في مقاطع فيديو يحرّض فيها على العنف والفتنة. لقد مثُل أمام محكمة عادلة، وصدر حكم بحقه تمامًا مثل الآخرين الذين لقوا المصير نفسه. لا يمكن الحديث عن تحيّز مذهبي عندما يكون الستة والأربعون الآخرون، الذين جرى إعدامهم أيضًا، من أتباع المذهب السنّي. التنديدات الصادرة عن طهران مجرد كلام أجوف لا قيمة له، فإيران نفسها تتّهمها منظمات حقوق الإنسان بالإفراط في تنفيذ عقوبة الإعدام. الشهر الفائت، حُكِم على امرأة بالرجم حتى الموت. منذ تسلّم الرئيس حسن روحاني، الذي يدّعي الاعتدال، سدّة الحكم، جرى إعدام ألفَي سجين بينهم سنّة (سبعمائة منهم أُعدِموا العام الفائت). كثر منهم أُعدِموا شنقًا عبر ربط أعناقهم بواسطة الرافعات وسحبها عاليًا، فتتدلّى جثثهم كي يراها الجميع، وتتحدّث تقارير عن أن بعضهم استغرقوا عشرين دقيقة قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة. في مارس (آذار) 2015، أُعدِم 33 سنيًا، كما أُعدِم ستة أشخاص بتهمة «معاداة الله» التي وصفتها منظمة العفو الدولية بالملفّقة.
كشف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مؤتمر صحافي عقد يوم الأحد الماضي، أن السلطات الإيرانية نظّمت تحرّكات للبلطجية تناوبوا خلالها على اقتحام السفارة السعودية في طهران وإشعال النار فيها، رغم تكرار الدبلوماسيين السعوديين طلب تأمينهم من قبل السلطات الأمنية، دون جدوى!
يضرب هذا السلوك عرض الحائط بكل المعايير الدبلوماسية، ويُقدّم إثباتًا جديدًا على أن إيران دولة منبوذة وشريك غير مؤهّل في المجتمع الدولي. لا تزال شريعة الغاب على حالها في إيران منذ حصار السفارة الأميركية الذي استمر 444 يومًا عام 1979، ولاحقًا عام 2011 عندما وقفت السلطات مكتوفة اليدَين خلال الهجوم على السفارة البريطانية في طهران. هذا الانتهاك الفاضح للسيادة السعودية زاد من حدّته الخطاب الصادر عن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي غرّد بكل غطرسة: «الانتقام الإلهي سيطال الساسة السعوديين»، وكأنه الناطق باسم الله عز وجل؛ وهذا في حكم «التجديف». وحده النبي، صلى الله عليه وسلّم، كُرِّم بأن أوكِلت إليه مهمة كشف إرادة وسنن الله سبحانه وتعالى في الكون. لقد حذّرت وزارة الخارجية الإيرانية من أن السعودية ستدفع ثمنًا باهظًا؛ ولا يجوز أن يمر هذا التهديد مرور الكرام.
يمكن اعتبار هذه التصاريح والتصرفات العدوانية عملاً حربيًا. لا شك في أن خامنئي شجّع شيعة في العراق ولبنان والبحرين على النزول إلى الشارع احتجاجًا على إعدام النمر، وحضّ دميته اللبنانية، حسن نصر الله، على إطلاق كلام ناري مناهض للسعودية وسط هتافات معادية للسعودية. يؤسفني القول بأن هذه الحادثة تطرح تساؤلات عن طبيعة ولاءات الشيعة العرب. هل ولاؤهم الأساسي هو للبلدان التي أبصروا النور فيها والتي تؤمّن لهم المأوى والمأكل، أم للأئمة في قُم؟ مستقبل أوطاننا على المحك، لذلك لا يمكننا أن نتسامح بعد الآن مع المتعاطفين مع إيران، سواء كانوا مقيمين أم زوّارًا. يجب أن نرفع لافتة يُكتب عليها: «من يطعنون في الظهر غير مرغوب فيهم». لطالما حامت الشبهات حول القيادة العراقية التي يُعتقَد أنها تخضع للسيطرة الإيرانية، والآن بات الأمر مؤكّدًا. يتّهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السعودية بـ«انتهاك حقوق الإنسان»، الأمر الذي ستكون له تداعيات على «أمن شعوب المنطقة واستقرارها ونسيجها الاجتماعي»، على حدّ قوله. ألا يعلم أنه لا يجدر بالأشخاص الذين يُقيمون في منازل من زجاج أن يرشقوا الآخرين بالحجارة؟ لقد تسبّبت القيادة العراقية التي ظهرت بعد سقوط صدام حسين في الانقسام السنّي – الشيعي، فيما أسهمت في الوقت نفسه في انتشار التنظيمات الإرهابية من خلال معاملتها المجحفة للسنّة.
لقد قلت مرارا أن إيران تشكّل التهديد الأكبر لدول الخليج، وشعرت بالاطمئنان عندما اتّخذت السعودية إجراءات قوية وحازمة لقطع العلاقات الدبلوماسية ومختلف الروابط معها. وقد لمّح الجبير إلى أنه يجب على الدول الأخرى أن تحذو حذو السعودية. هذا عين الصواب. حان الوقت كي تظهر دول مجلس التعاون الخليجي كافة (وحلفاؤها العرب، لا سيما مصر والأردن) تضامنها مع دولة شقيقة في هذه الأزمنة العصيبة. مقالات كثيرة ناشدتُ فيها دول الخليج اتخاذ تدابير حاسمة ردًا على العدوان الإيراني المتواصل. لا يجب التراجع أو الصفح. العدو عند عتبة بابنا. الدفاع عن النفس يقتضي منا أن نمضي قدمًا في هذا المسار عبر إنشاء القوة العربية المشتركة، وتفعيل التحالف العسكري المناهض للإرهاب الذي تقوده السعودية ويضم 34 دولة ذات أكثرية مسلمة. يجب أن تتضمّن أهدافنا القصوى تحرير الأحواز من الاحتلال الإيراني، وإنقاذ أكثريتها العربية من القمع والفقر والحرمان من حرياتهم الدينية. تضم عربستان ملايين من العرب يعانون منذ وقت طويل، ويرزحون تحت وطأة الحرمان من الماء والوقود في منطقة غنيّة بالنفط والغاز، ويُدانون لإطلاقهم أسماء عربية على مواليدهم الجدد؛ هؤلاء يستغيثون بالعالم لإنقاذهم من قبضة الملالي. فضلا عن ذلك، لا يجب التخلّي عن العراق ولبنان وتسليمهما إلى أزلام إيران الذين يدينون بالولاء لآية الله خامنئي. قدّمت السعودية هبات بلغت قيمتها مليارات الدولارات إلى الجيش اللبناني، لكن هل يُعقَل أن يُسمح لميليشيا مسلّحة بأن تُخضِع البلاد والعباد لسطوتها المطلقة؟! ببساطة، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتطهير العالم العربي من التدخل الإيراني المدمّر – ومن دون هدر مزيد من الوقت.
أخيرًا، أجدّد دعوتي إلى صنّاع القرارات في مجلس التعاون الخليجي وخارجه لقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الراعية الأكبر للإرهاب في المنطقة وعملائها العرب. كل دولة تطلق التهديدات أو تحاول تلقيننا سبل التعامل مع الإرهابيين، وكل دولة تشكّل تهديدًا خطيرًا لشعوبنا ووجودنا، هي دولة عدوّة يجب إقصاؤها وعزلها على كل المستويات. فلنتحلَّ بالشجاعة كي نثبت للسعودية، حكومةً وشعبًا، أنها ليست وحيدة، عبر الذهاب لأبعد من مجرد التعبير عن مشاعر التعاطف والتضامن.